حالة من الصدمة والغضب سادت بين قيادات حركة فتح وشبابها عقب إعلان اللجنة المركزية لحركة فتح لنتائج اجتماعاتها التي عقدت مساء أمس الأربعاء، ووصفوا ما حدث مع البرغوثي هو بمثابة إقصاء من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك بسبب شعبية البرغوثي الكبيرة في الأراضي المحتلة.
حركة فتح التي طرحت منصب نائب الرئيس أرادت تحصين نفسها في السلطة بعدما شعرت باقتراب مأزق سياسي قد يهددها، وتنبؤها بالمخاطر التي سوف تعصف بها مستقبلاً.
وعقدت اللجنة المركزية لحركة فتح، مساء أمس، اجتماعًا مهمًا اختارت فيه شخصية تقلدت منصب نائب الرئيس، ومسئولين للمهام داخلها، دون تعيين الأسير البرغوثي في أي من المناصب.
وكان الأسير والنائب في المجلس التشريعي مروان البرغوثي المرشح الأقوى لنيل منصب نائب للرئيس عباس والذي جرى إسناده لعضو المركزية محمود العالول.
وحصل البرغوثي على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية للحركة، والتي جرت خلال انعقاد المؤتمر السابع في 29 نوفمبر من العام الماضي.
وفي أول تعليق لها على التشكيلة القيادية الجديدة التي اختارتها اللجنة المركزية لحركة فتح هاجمت فدوى البرغوثي، زوجة القيادي في حركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي، اللجنة المركزية؛ لتجاهلها زوجها الذي يقبع في سجون الاحتلال.
وطالبت البرغوثي بمراجعة جدية داخل الحركة، على إثر عدم اختيار زوجها لأي من مهام اللجنة المركزية للحركة.
وكتبت فدوى البرغوثي، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، "مطلوب الآن مراجعة جدية داخل حركة "فتح"، وفي حين حماس تختار أسيرا محررا الأخ المناضل يحيى السنوار ليقودها في غزة، وفي حين أمين عام الجبهة الشعبية القائد أحمد سعدات أيضا يقبع في زنازين الاحتلال، تصر اللجنة المركزية وللأسف على أن مروان غائب".
ورأت البرغوثي أن تجاهل زوجها أثناء توزيع المهام داخل اللجنة المركزية "انصياع لتهديدات نتنياهو، وسيسجل عليهم من أبناء شعبنا".
وذكرت أن "فتح تعي جيدًا دور مروان ومكانته، ولذلك في كل انتخابات وطنية ومحلية وجامعية تعلق صوره وترفع اسمه، كما تعي إسرائيل هذه المكانة ولذلك اعتقلته، وهاجم نتنياهو انتخاب مروان لمركزية فتح بأعلى الأصوات".
وقالت: إن "مروان لم يقبل بأي منصب لم ينتخب له، وشعبنا دائما قابل الوفاء بالوفاء من رئاسة مجلس الطلبة في بيرزيت إلى المجلس الثوري والوطني والتشريعي واللجنة المركزية".
ودعت البرغوثي اللجنة المركزية للعمل على تكريس حضور زوجها والاستناد عليه لا العكس، وذلك "لتعزيز الحركة وبرنامجها النضالي ومكانتها وطنيًا ودوليًا ودفاعًا عن أسرى الحرية، واحترامًا لهم ولتضحياتهم ولدورهم".
من جهته أوضح النائب في المجلس التشريعي يحيي شامية أن الجميع كان يتوقع أن يكون الأسير والنائب في المجلس التشريعي مروان البرغوثي هو المرشح الأقوى لمنصب نائب الرئيس، كونه يحظى باحترام كوادر والأجيال المختلفة لحركة فتح.
وأكد شامية في تصريح لـ"لرسالة نت" أن حصول البرغوثي على أعلى الأصوات في مؤتمر المقاطعة يعطي انطباعا بأنه يحظى بشعبية كبيرة داخل حركة فتح، الأمر الذي كان يجب أن تدفع الحركة باتجاه أن يكون هو نائب الرئيس، سيما وأنه يقبع داخل المعتقل.
وأوضح أن البرغوثي تعرض لعملية إقصاء متعمدة، وأنه فرضت ضغوط خارجية على الحركة بمنع تقلده لأي مهام في حركة فتح.
وارجع شامية الهدف من عدم تقلد البرغوثي لأي منصب داخل حركة فتح هو إنهاء كل ما يتعلق بموضوع المقاومة التي كان يمثلها، والذي يعد أحد العناوين البارزة داخل حركة فتح.
وأضاف:" جرت منذ فترة عملية اقصاء ممنهجة لجيل بأكمله وبالتحديد الجيل الذي يمثل الانتفاضة الأولي والذي لعب دوراً محورياً في فعاليات الانتفاضة وكان هو يقود العمل المقاوم المميز"، لافتاً إلى أن عملية الإقصاء ستتواصل وأن ما حدث مع مروان البرغوثي هو أحد جوانبها.
وتابع:" من الواضح جداً أن أعضاء اللجنة المركزية القدامى احتفظوا بمهامهم، وكأن هناك إنجازات كبيرة حققوها خلال الدورة السابقة دون أن يتم مسائلة ومحاسبة مدى الانجازات التي حققوها".
ولفت إلى أن ابعاد ناصر القدوة عن مهمة العلاقات الدولية واسنادها لروحي فتوح خطأ كبير، كونه له حضور دولي وله قدرات وإمكانيات تؤهله لمثل هذه المهمة.
الكاتب والناشط السياسي محمد أبو مهادي رأي أن استثناء البرغوثي من منصب نائب الرئيس جاء بفعل الموقف "الإسرائيلي" الذي كان حاضراً بقوة في تحضيرات جمهرة المقاطعة، وليس بسبب خشية الرئيس عبّاس من أي شخصية قيادية قد تنافسه.
ورأي مهادي في مقال له أن عدم إسناد منصب نائب الرئيس للبرغوثي لم يكن بفعل موازين انتخابية، فالرجل كان حلّاً توافقياً بدون منافس لو أراد المغتنمون الركون إليه، ويمكنه فعل الكثير باعتباره قائداً شعبياً وفتحاوياُ.
وأوضح أن عباس تعامل مع البرغوثي بحنكة ضللته وضللت زوجته المكلومة على غيابه، وقبل كل ذلك ضلل أبناء حركة فتح بمشاركة مروان البرغوثي في جمهرة المقاطعة وحفّزهم على المشاركة والتنظير لها والمغامرة بمستقبل الحركة.
وأشار إلى أن السيدة فدوى البرغوثي تصرفت عاطفياً في قضية مروان البرغوثي، رغم تحذيرات كثيرة لها عن مخادعة عبّاس وفريقه، وأنها وقعت فريسة المؤامرة التي كانت تحاك من قبل فريق المقاطعة
وأضاف مهادي لزوجه البرغوثي:" ما ينفع الآن هو وقف الرهان على عصابة متواطئة مع الاحتلال في استمرار أسر مروان، ومتواطئة على حرية آلاف المعتقلين الآخرين".
وطالب بضرورة التفكير بمسارات جديدة قد تفضي إلى حرية زوجها ومعه آلاف المعتقلين، والأهم من ذلك هو إنقاذ حركة فتح من محاولات الشطب والطعنات المتتالية في تاريخها وحاضرها ومستقبلها.