للمرة الرابعة على التوالي، يعتقل الصحفي سامي الساعي- 36 عاما- من مدينة طولكرم لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بذات التهمة، وهي إثارة النعرات السياسية والطائفية، من خلال ما ينشره عبر صفحات التواصل الاجتماعي، لكن مؤخراً أضيفت على تهمته السابقة، تهمة أخرى، وهي أنه يعمل لصالح حركة حماس في الضفة المحتلة.
وتعتبر "سلطة رام الله" الانتماء لحماس تهمة يعاقب عليها القانون منذ أحداث الانقسام الداخلي منتصف حزيران 2007 في قطاع غزة.
ورغم أن هناك اتفاقية بين نقابة الصحافيين والنائب العام بعدم اعتقال اي صحفي، إلا أن الأجهزة الأمنية تضرب بتلك الوعود عرض الحائط حينما تريد اعتقال أحد الصحفيين النشطاء الذين لهم دور ملموس عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بداية اعتقال سامي الأخير، لم يستطع ذووه زيارته مما دفعهم لاتخاذ صفحات الفيسبوك ملجأ لتفريغ ما لديهم من ألم على فراقه، فكتبت زوجته أماني الجندب "من لم يساند زوجي لن أستقبله في بيت عزائه".
والجدير ذكره أنه في الثامن من فبراير الجاري، أصدرت محكمة الصلح في مدينة طولكرم، قراراً بالإفراج عن الصحفي سامي المحتجز لدى جهاز المخابرات على خلفية كتاباته على الفيس بوك، لتتفاجأ بعدها برفض الجهاز تنفيذ القرار ونقله إلى سجن أريحا، في إشارة لإصرار جهاز المخابرات على عدم تطبيق القانون باستمرار اعتقاله.
وخزه بالإبر
وتواصلت "الرسالة نت" عبر الهاتف مع والدته "أم أسامة" لتروي تفاصيل اعتقاله، مبينة أن التهمة الأخيرة التي استقرت عليه "قيادي حمساوي" يروج لأفكار الحركة بين المواطنين، ورغم ذلك صدر قرار بالإفراج عنه بعد أربعة أيام من اعتقاله بعد تدخل الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، وفق قول والدته.
وتابعت حديثها رغم الوجع الذي تحملته بعدما اعتقل ولدها وترك لها أربعة من الابناء لتعيلهم، بأنه "بعد محاولات عدة لزيارته ورفض الجهات المختصة تمكنت بعد تدخل الهيئة المستقلة من زيارته، وحينما شاهدته لم تتعرف عليه فملامحه تغيرت ووجهه شاحب وجسده هزيل".
وتقول وهي تتعالى على وجعها:" في السابق كان يخبرني المحامي أن ابني بخير ويتمتع بصحة جيدة(..) لكن حينما رأيته لم أصدق أنه سيتعذب هكذا في سجون السلطة".
وأضافت: "بمجرد أن رأيت ابني احتضنني بقوة فتحسست برودة جسده (..) همس في أذني أنه سيموت قريبا تحت التعذيب وأنصب له خيمة للعزاء".
ووفق قول والدة "سامي"، فإن ابنها يرقد في زنزانة منفردة باردة، عدا عن وخزه بإبر كلما يشتكي من وجعه لا يدري ما طبيعتها فكل ما يعلمه أنها تزيده وجعاً.
ولا تخشى والدته الحديث عن وضعه الصحي أمام وسائل الإعلام، فالسلطة معروف أنها تمارس انتهاكات عدة داخل سجونها بحق المعتقلين، فقد قضى بعض المعتقلين تحت التعذيب، مبررة حديثها "ابني ميت ميت" سواء تحدثت أو صمت.
وعن أحفادها الذين يسألون عن والدهم، روت أن كبيرهم حينما خرج والده من سجون الاحتلال الإسرائيلي تبين أنه يعاني من فشل كلوي وبحاجة إلى عملية، لكن "سامي" لم يستطع مواصلة علاجه بسبب الاعتقال، عدا عن وجود طفل لديه يعاني من اضطرابات التوحد.
وتساءلت والدة سامي قائلة: "لو كان ابني يروج لحركة حماس ويصله المال لما كان حالنا كذلك، فوالده يساعده في اعالة أسرته كون راتبه لا يتجاوز ألفا وخمسمائة شيكل".
وعند سؤالها حول دور نقابة الصحافيين وتلفزيون فجر الذي يعمل فيه، أخبرت "الرسالة":" الجميع تخلى عنه، فالنقابة قالت أنه "صحفي مؤقت" ولا يمكنها فعل شئ له، بينما مكان عمله لا يستطيع الدفاع عنه خشية اغلاقه".
زوجته تستنكر قول النقابة
وفي ذات السياق، تحدث محمد اللحام مسؤول ملف الحريات في نقابة الصحفيين في حديث صحفي: "لدينا اتفاق مع النيابة العامة بعدم اعتقال أي زميل صحفي على خلفية حرية الرأي والتعبير"، مضيفا: أي اعتداء على أي صحفي يسيء للحالة الفلسطينية، لذا نتابع ملف الزميل سامي الساعي، والأجهزة الأمنية تدعي أن اعتقال سامي ليس على خلفية حرية الرأي والتعبير، والقضاء هو الفيصل في هذه القضية".
في حين استنكرت زوجته "الجندب" هذا الكلام، وأكدت أن اعتقال زوجها جاء على خلفية عمله الصحفي، والأجهزة الأمنية تدعي دائما أن الاعتقال ليس على حرية الرأي فيما كل مجريات التحقيق تكون على خلفية كتاباته على الفيسبوك وعمله الصحفي، ولولا ذلك لما صدر قرار بالإفراج عنه، والأجهزة هي التي خالفت القانون باستمرار اعتقاله وعدم تنفيذ قرار الإفراج".
كما طالبت النقابة بدور فاعل وحقيقي للإفراج عن زوجها وليس القيام بدور المتابعة عن بعد للقضية، رغم تكرار هذا السيناريو مع سامي والكثير من الصحفيين في الضفة المحتلة.