في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سيعمل على تحقيق السلام بين (إسرائيل) والفلسطينيين، وأن حل الدولتين ليس هو الخيار الوحيد لحل القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن التوصل لأي اتفاق سيرجع للطرفين نفسيهما في نهاية المطاف وسيكون مقبولاً على بلاده.
ويعتبر هذا التصريح من ترامب، مخالفاً للإجماع الدولي وخروجاً عن نهج الإدارات الامريكية السابقة، بشأن قضية الفلسطينيين، والمؤيد لحل الدولتين، مما يدلل على تماهيه إلى حد كبير مع الرؤية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية، حيث ترفض (إسرائيل) فكرة إقامة دولة فلسطينية.
وإزاء هذا الإعلان الذي يعتبر بمثابة مكافأة لـ (إسرائيل) وتنصلها من أي التزام مسبق، فإن الخيارات المطروحة أمام السلطة محدودة، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن ماهيتها في ظل الواقع السياسي الصعب الذي تعيشه في الفترة الراهنة.
وفي تعقيبه على تصريح ترامب، ندد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بما وصفها بـ"محاولات حثيثة وواضحة من الإسرائيليين لدفن حل الدولتين"، واعتبر أن "البديل الوحيد لحل الدولتين هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع، للمسلمين والمسيحيين واليهود".
وأكد عريقات خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي في اريحا، أن (إسرائيل) تحاول تدمير حل الدولتين وتوسيع الاستيطان وفرض حل الدولة الواحدة على أساس نظام التمييز العنصري.
خيارات السلطة
ويعتقد مراقبون أن الإعلان الأمريكي يمكنه ان يحشر السلطة في الزاوية، في ظل انعدام فرص الخيارات ومحدوديتها بسبب الضغوطات السياسية التي تتعرض لها. وبحسب المراقبين، فإن أول الخيارات سيكون توجه السلطة إلى محكمة الجنايات الدولية، من أجل الضغط على الولايات المتحدة، للتراجع عن قرارها.
فيما يكمن الخيار الثاني في تشكيل قوة ضغط عربية واسلامية على الإدارة الأمريكية، والتي من شأنها دفع ترامب للتراجع عن قراره. أما الخيار الثالث، فهو تغيير طبيعة علاقة السلطة الحالية مع (إسرائيل)، بينما الرابع فيكون في تغيير الفعل الميداني على الأرض ويكون ذلك بيد الفصائل الفلسطينية، وفق الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض.
ويبقى الخيار الأخير وهو أن تظل الأوضاع على حالها، أي بمعنى بقاء الضفة تحت سيطرة الاحتلال الأمنية والعسكرية، واستكمال بناء المستوطنات.
وينص حل الدولتين على إقامة دولة فلسطين إلى جانب (إسرائيل)، ويعتبر ركيزة التسوية السلمية في الشرق الأوسط التي سعى للتوصل إليها كل الرؤساء الأميركيين منذ عقود.
رضا (إسرائيل)
ومما لا شك فيه، أن إعلان ترامب، ينال رضا الحكومة الإسرائيلية، التي يحكمها اليمين المتطرف، كونه يعطيها الضوء الأخضر لاختيار الحل الذي تراه مناسباً، مفصلاً وفق مقاساتها.
وفي ذلك، يؤكد المحلل السياسي عوض، أن قرار الإدارة الامريكية يشجّع اليمين المتطرف على اختيار الحل الذي يناسبه، معتبرًا ذلك "أمراً خطيراً ونسف لكل المبادرات والجهود المبذولة في هذا الجانب".
وأوضح عوض خلال حديثه مع "الرسالة نت"، أن القرار ينال اعجاب (إسرائيل) واليمين المتطرف، ويسمح لها بفرض حل من طرف واحد، ويعطيها الضوء الأخضر بإقامة دولة واحدة في غزة، وإمكانية ضم الضفة لها.
وبيّن أن (إسرائيل) ترغب بإقامة دولة في غزة، ولا ترغب بالضفة، وتريد أن تحشر الشعب الفلسطيني في الحكم الذاتي في المدن الكبرى الفلسطينية، وفق رؤيتها، معتبراً تصريح ترامب "وصفة لتفجير الأوضاع من جديد".
فيما يرى المحلل السياسي أحمد فياض، أن ترامب لم يضغط على نتنياهو بمشروع حل الدولتين، بل أعطاه حرية اختيار الحل الذي يناسبه "وفق مقاساته"، مشيراً إلى أن الإدارة الامريكية لا تكترث سواء لحل الدولة الواحدة أو الدولتين.
وأوضح فياض لـ "الرسالة"، أن قرار حل الدولتين، هي مسألة شكلية لنتنياهو وبمثابة "ذر الرماد في العيون".
تجدر الإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال تؤكد تمسكها بخيار حل الدولتين والشرعية الدولية، بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب (إسرائيل) على حدود عام 1967.