خلص المؤتمر الشعبي لإعادة تفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين بالخارج، بتدشين إطار سياسي يضم العشرات والمئات من المؤسسات العاملة في مجال القضية الفلسطينية، بعد نجاحه في اختيار الهياكل المؤسسة لهذا الإطار.
كشف زياد العالول المتحدث باسم مؤتمر اللاجئين الفلسطينيين في إسطنبول، أنه جرى التوافق على تحويل المؤتمر لمؤسسة شرعية وانتخاب الهياكل التنظيمية الخاصة به.
وقال العالول لـ"الرسالة" من إسطنبول، إن المؤتمر انتخب أنيس النقاش رئيسًا له، ومنير شفيق رئيسًا للهيئة التنفيذية، وسلمان أبو ستة رئيسًا للجمعية العمومية.
وأضاف: "أن هياكل المؤتمر عملت على توحيد مؤسسات تعمل في مجالات القضية الفلسطينية من قبيل حركات المقاطعة التي توجد في دول العالم، وأصبح مؤتمر فلسطيني الخارج اليوم مؤسسة تضم العشرات من المؤسسات والمنظمات".
وأشار العالول إلى أن عدد المشاركين في المؤتمر تجاوز 6 آلاف مشارك، منوهًا إلى أنه سيمثل جميع مناطق التواجد الفلسطيني في الشتات، وسيعمل تحت مظلة المؤسسات والمنظمات ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.
وأكدّ أن المؤتمر يشكل بداية عهد جديد لفلسطينيي الخارج، الذين يشعرون للمرة الأولى أنهم جزء من القرار الوطني منذ توقيع اتفاق أوسلو.
ولفت العالول إلى أنه يجري العمل على بناء المضمون السياسي، مبينًا أن المؤتمر سيلعب دورًا سياسيًا مهمًا في المرحلة المقبلة لصالح قضية اللاجئين.
وأوضح أن فلسطينيي الخارج ليس لديهم تمثيل في منظمة التحرير؛ لذلك فإن المؤتمر يمثل صوتًا مهمًا بالنسبة لهم، مشددًا على أن المؤتمر لن يقبل بتجاوز صوت فلسطينيي الخارج مطلقًا.
وقال المتحدث باسم مؤتمر اللاجئين في إسطنبول، :"إن المجلس الوطني انتهت صلاحيته وهو فاقد للشرعية والمؤتمر سيخاطب كل المجتمعات الدولية والخارج، حتى تفتح المنظمة أبوابها للمؤسسات الشعبية والمجتمع المدني".
وقد أثار المؤتمر فزع حركة فتح وأدواتها من فصائل المنظمة المرتبطة بها، متخذة عديدًا من الوسائل للعمل على تخريبه وتشويهه، من أجل الحيلولة دون عقده.
ودأبت فتح على اختلاق الأكاذيب لتخريب المؤتمر، من قبيل إصدار بيانات بأسماء شخصيات كأمثال غسان الشكعة وغازي الحسيني تندد بالمؤتمر، الأمر الذي نفاه الآخران، مؤكدين أنها بيانات مفبركة لم تصدر عنهما، وفق ما صرح به أحد منظمي المؤتمر للرسالة.
ومن بين محاولات التخريب العمل على إرسال ايميلات تحمل اسم المؤتمر وتوجيه رسائل شتم لشخصيات وطنية، فيما تؤكد إدارة المؤتمر عدم وجود أي ايميل رسمي يحمل اسمه. وادعت فتح أن المؤتمر يسعى إلى استحداث بديل عن منظمة التحرير، التي غيبّت دور اللاجئين الفلسطينيين في الخارج لعدة عقود.
ويقدر عدد الفلسطينيين في الخارج بستة ملايين فلسطيني، أي النصف.
وينبع خوف حركة فتح من المؤتمر من عدة أسباب، يتقدمها الخوف من استحداث وسائل وأجسام تمثل الفلسطينيين، وتنازعها مكانتها التي بنت عليها عديدًا من المصالح الخاصة، لا سيما أن الجاليات الفلسطينية المشاركة في المؤتمر قد فضحت تقصير الدور الرسمي للسلطة والمنظمة سلفًا في عديد من المحطات.
ويهدف المؤتمر في الأصل إلى بحث انشاء مؤسسات تضمن تفعيل الدور الفلسطيني، إلى حين التمكن من إصلاح منظمة التحرير، "فإما أن تفتح الأقفال أو لا حاجة إلى وجود المنظمة" كما يقول حافظ الكرمي رئيس المنتدى الفلسطيني لـ"الرسالة".
وتدرك القيادة المتنفذة للمنظمة أن المؤتمر سيعيد تفعيل الدور الحقيقي للفلسطينيين، وسيظهر الثقل لوجود اللاجئين في الخارج، وهو يعني الإضرار بمصالح فتح التي اختزلت المشروع الوطني بالسلطة الفلسطينية.
يذكر أن قيادة المنظمة شنّت هجومًا لاذعًا على خطوة تنظيم تحالف العمل الوطني الذي تشكل عام 2008م، واعتبرتها خطوة للصراع على الشرعية، وهو ما يؤكد الموقف العدائي المبدئي لأي تحرك من شأنه أن يستعيد دور اللاجئين، وربطه بشكل مباشر في قضية الصراع على التمثيل الرسمي للفلسطينيين.
وبحسب المعلومات، فإن السلطة استعانت بأطراف إقليمية آنذاك ووجهت رسائل مباشرة لحركة حماس وبقية الفصائل الأخرى المشاركة، تطالبها بالعدول عن هذه المسألة، وهو ما أسهم في تراجع الخطوة.
وحرّضت السلطة أكثر من مرة على دور الجاليات الفلسطينية في الخارج، وتهجمت قيادة المنظمة على مؤتمر فلسطينيو أوروبا العام الماضي، بل وصل الأمر حد تدخل سفارات السلطة لدى بعض الدول الأوروبية وتحريضها على مؤتمرات فلسطينية كما جرى في بلغاريا، ما أدّى إلى طرد الوفد الفلسطيني المشارك من غزة.
ومع انكشاف الدور الدبلوماسي للسلطة في الخارج، وغياب منظمة التحرير عن كبرى الجرائم التي تعرض لها اللاجئون تحديدًا ما جرى في سوريا وتخليها عن النازحين، وعدم قدرتها على وضع حلول لإنهاء الخلافات في مخيمات لبنان، مقارنة بتصاعد العمل الشعبي الذي أدى هذا الدور، كلها أسباب دفعت السلطة إلى دق ناقوس الخطر أمام هذا الدور على صعيد حضورها الدولي وتحديدًا في القارة العجوز.
وتورط الدور الرسمي في هذه البلدان بفضائح سياسية كبرى، من قبيل محاصرة الأمن الصيني لمقر سفارة السلطة قبل أعوام، وصولًا لاتهام دبلوماسيين لدى السلطة بالتورط في تجارة أسلحة، وليس انتهاءً بشبهة الفساد حول الصندوق القومي للمنظمة، كلها صبّت في تعزيز دور الجاليات وفتحت الطريق أمامها لتدشين مؤسسات وطنية ومرجعيات يمكنها أن تلعب الدور الغائب للمنظمة.
من جهته، أكدّ علي هويدي مدير الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين، أن مؤتمر اللاجئين الفلسطينيين يأتي من باب الحرص والدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني. وقال هويدي لـ"الرسالة"، إن المؤتمر يعتبر منصة سياسية واسعة يشارك فيها مختلف التوجهات السياسية والأهلية والمثقفين والأدباء، ويهدف إلى التأكيد على الثوابت الوطنية وحق العودة، وتفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين في الخارج. وشدد على ضرورة إعادة تفعيل هذا الدور من خلال تطوير مؤسسات المنظمة لتكون مظلة جامعة لكل الفلسطينيين.
بدوره، يقول المحلل السياسي شاكر الجوهري، إنّ مؤتمر فلسطينيي الشتات بإسطنبول، سيوجه ضربة لكل المؤامرات الأمريكية الصهيونية، لتصفية القضية الفلسطينية، كما يفرض على المؤتمرين، اتخاذ قرارات حاسمة لإطار فلسطيني دائم، "بديل لمنظمة التحرير الحالية، بعد أن فشل برنامجها فشلًا لا حدود له".