كم تغنت قوات الاحتلال في عدوان 2014 بما انجزته خلال واحد وخمسين يوما من أطول معركة تخوضها (إسرائيل) على مدى سنوات اغتصابها لفلسطين، تغنت بما حققته من انتصار على المقاومة الفلسطينية وقدرتها على تدمير ما لدى المقاومة، وفي حقيقة الأمر أن ما لدى قوات الاحتلال هو مزيد من الارهاب ومزيد من القتل في صفوف المدنيين وبيوتهم حتى أنها استطاعت أن تقضى على عائلات بأكملها وشطبها من السجل المدني وعائلات أخرى لم يبق منها إلا شخص أو شخصين، هذا ما اعتبرته (إسرائيل) نصرا وتدميرا للمقاومة، وهلل معها من هلل وطبل وزمر بهدف النيل من المقاومة ورجالتها وتحميلها مسئولية الدمار الواسع في قطاع غزة.
جاء تقرير مراقب الدولة بعد عامين ونيف ليكشف جزءا من الحقيقة وليس كلها، مؤكدا على اخفاقات عصابات الاحتلال في جانب الانفاق، واتهم المؤسسات السياسية والعسكرية والامنية والاستخباراتية بالتقصير والكذب وعدم المعرفة والتضليل ونسي تقرير مراقب الدولة التطرق إلى عدد كبير من الاخفاقات التي اصيبت بها قوات الاحتلال، فلم يتحدث عن كوماندو البحرية لحركة حماس، وكيف تمكن من الوصول إلى معسكر زيكيم والقيام بعملية بطولية لم يكشف عن كل تفاصيلها إلا ما كشفته كتائب القسام من شريط تمت قرصنته من مواقع أمنية لقوات الاحتلال، ومثلها شريط موقعة أبو مطيبق والذي حمل مفاجأة شكلت صدمة للاحتلال وفرحة بطعم الانتصار للشعب الفلسطيني.
تناسى تقرير الدولة منع التجوال الذي فرضته المقاومة على مطار اللد ومنع هبوط الطائرات في الموعد الذي حددته المقاومة للقصف وفعلت، وأكدت فشل منظومة القبة الحديدية والتي اغفلها تقرير مراقب الدولة، ومما اغفله التقرير قصف المقاومة للقدس وتل ابيب وحيفا ومناطق كثيرة وهو تأكيد على فشل القبة الحديدية، نسي تقرير مراقب الدولة ما اصاب الجبهة الداخلية من حالة الرعب والخوف والهجرة وفقد الثقة بالجيش وقيادته السياسية وفوق كل ذلك تغافل تقرير الدولة اسر الجنود.
أغفل تقرير مراقب الدولة كل القضايا السابقة عن قصد خشية أن تشكل هذه القضايا صدمة كبيرة داحل الكيان وبين مواطنيه وكذلك ما سيحدثه الحديث من خوق وقلق داخل صفوف قوات الاحتلال وما يمكن أن يؤدي من نزع الثقة بين صفوف الجيش وقيادته والتي ظهر بعض منها في رفض عناصر من الجيش الخدمة في منطقة ما يسمى غلاف غزة وكذلك ما حدث من انتحار لضابط خلال وجوده على الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة من عام 48 وأخيرا وليس آخرا المحاكمة التي عقدت لأربعة جنود صهاينة لهروبهم من الخدمة في قوات الاحتلال ورفضهم الخدمة على حدود القطاع.
حالة من التخبط وتبادل الاتهامات بين قادة الاحتلال في الاحزاب المختلفة منهم من يطالب باستقالة نتنياهو ومنهم من يؤكد على الفشل والاخفاق ومنهم من يدافع عن نفسه رغم الإدانة ويتهم من ينتقده بالابتزاز السياسي والمزاودة الحزبية، ومن يريد المزيد فالصحافة الصهيونية تعج بذلك والعاصفة مازالت مدوية ومتصاعدة، ارتدادات التقرير قد تعجل بالانتخابات في الكيان وقد تؤدي لخسارة كبير لليكود ونتنياهو.
في المقابل تقرير الدولة أنصف المقاومة دون أن يدري وأكد على ما اكدته خلال العدوان وبعد العدوان وباتت محل ثقة المواطن وكشفت عن صدقية عالية فقدها قادة الاحتلال، ورسم التقرير فرحة على شفاه الفلسطينيين وخيبة أمل لبعض منهم ممن يكرهون تحقيق بعض النجاحات للمقاومة وممن يعيشون في قمم (ما فيش فايدة، و"لا قِبل لنا"، واسطورة الجيش الذي لا يقهر) ولكنهم قهروا بنشر التقرير الذي فضح نواياهم ومواقفهم.
بعد تقرير مراقب الدولة مطلوب من المقاومة ألا تدع دقيقة دون أن تستثمرها في الاعداد والتجهيز، والأهم أن تبذل قصارى جهدها في التعمية على العدو وتضليله لأن حرب المعلومات تسبق حرب البارود، وهذه مهمة غاية في الاهمية وتحتاج جهدا كبيرا وفي نفس الوقت هي بحاجة إلى تعاون كل القطاعات داخل المجتمع الفلسطيني.