شكّل مؤتمر فلسطيني الخارج الذي عُقد في مدينة اسطنبول التركية مؤخراً، رافعة مهمة وخطوة هامة في تاريخ القضية الفلسطينية، خاصة بعد النتائج الصادرة عنه، التي تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني كافة، واللاجئين خاصة.
وفي هذا الصدد حاورت "الرسالة" علي هويدي عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر ومدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان، للحديث عن هذا الموضوع، حيث أكد أن المؤتمر شكّل رافعة استراتيجية مهمة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، خاصة أنه ركّز على حفظ حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، واللاجئين في مخيمات الشتات.
وأوضح أنه جرى التوافق خلال المؤتمر على تحديد الثوابت الفلسطينية وحق اللاجئين الفلسطينيين، والدعوة إلى تطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، مشيراً إلى أن نجاحه فاق كل التوقعات من حيث عدد الحضور والمشاركة الفاعلة من كافة أطياف القيادة السياسية، تحت المظلة الشعبية.
المؤتمر ليس الأخير وستكون هناك لقاءات أخرى
وقال "المؤتمر أثبت أن هناك كفاءات فلسطينية في الخارج لها قوة كبيرة على مستوى الخبرات، والتأثير في صنع القرار السياسي في مختلف الأروقة الدولية"، لافتاً إلى أنه جرى الدعوة إلى انتخاب أعضاء مجلس وطني قادر على تحمل التحديات والصعوبات في المرحلة المقبلة.
وبيّن أنه جرى التوافق على اختيار هيكلية خاصة في المؤتمر، من أجل أن تأخذ دورها في تطبيق مخرجات المؤتمر، وكيفية تفعيل القرارات التي صدرت منه. وأضاف "يجب أن تدفع نتائج ومخرجات المؤتمر إلى تكريس اللُحمة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، والذهاب نحو تحقيق المصالحة التي تضمن حقوق جميع الفلسطينيين، في الوطن والشتات"، موضحاً أن المؤتمر غيّر الصورة المأخوذة عن الفلسطينيين في الخارج.
مؤتمرات أخرى
وعن إمكانية عقد مؤتمرات أخرى، فقد أكد أن مؤتمر اسطنبول لن يكون الأخير، بل سيتبعه عدة مؤتمرات أخرى خلال المرحلة المقبلة. وتوّقع عضو اللجنة التحضيرية في المؤتمر أن يكون المؤتمر القادم في لبنان أو في دولة عربية أخرى، خاصة أن الهيئة العامة التي جرى التوافق عليها وتغيير اسمها القديم "الهيئة التأسيسية"، مقرها لبنان.
وأشار إلى أن الهيئة العامة ستجتمع في لبنان من أجل الخروج بمحددات ينطلق منها الحوار وتطبيق ما تم التوافق عليه في المؤتمر، مبيّناً أنها بدأت فعلياً بوضع الآليات اللازمة لتنفيذ القرارات والمخرجات النهائية للمؤتمر.
سيتم تنفيذ مشاريع اقتصادية للاجئين في مخيمات الشتات
وأوضح هويدي أن هناك آمالا كبيرة من الداخل والخارج، على إمكانية تطبيق ما تم التوافق عليه فعلياً على أرض الواقع وتطبيق تلك المخرجات على المدى البعيد، مشدداً على ضرورة الاستمرار بالعمل في تلك النتائج خلال المرحلة المقبلة.
الجدير ذكره، أنه جرى الإعلان خلال المؤتمر أن المقر الرئيس لمؤتمر فلسطينيي الخارج سيكون في العاصمة اللبنانية بيروت.
منظمة التحرير
ورداً على سؤال إن كان المؤتمر يشكل بديلاً عن منظمة التحرير، أكد هويدي أنه لا يسعى إلى استبدال المنظمة بل دعا إلى تطويرها واصلاحها. وشدد على ضرورة تفعيل المنظمة من خلال انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد والدفع بتطبيق الميثاق الوطني الفلسطيني عام 1964.
وأوضح أن كل الشخصيات تحدثت في المؤتمر بشكل وطني فلسطيني بحت، وألغت كل المخاوف التي تحدث عنها البعض حول استبدال منظمة التحرير. وبيّن أن المؤتمر نال رضا الكل الفلسطيني والقيادة السياسية في مختلف البلدان على المستوى الشعبي، خاصة في ظل تهميش الفلسطينيين في الداخل والخارج أيضاً بعد اتفاقية أوسلو.
وأكد على ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية وانهاء الانقسام التي تعتبر ركيزة أساسية في إصلاح منظمة التحرير، وتطبيق ما تم التوصل إليه في المؤتمر.
ويذكر أن البيان الختامي لمؤتمر فلسطينيي الخارج، شدد على أن المؤتمر سيعمل على إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخاباتها. ونص البيان، على ضرورة إصلاح المنظمة وإخراجها من اتفاقية أوسلو، إلى جانب عقد انتخابات ديمقراطية للمجلس الوطني الفلسطيني.
قضية اللاجئين
ومما لا شك فيه أن نجاح المؤتمر ينعكس ايجاباً على قضية الفلسطينيين في الشتات الذين يعيشون قسوة التشرد منذ عام 1948 وحتى هذه الأيام. وقال مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان، إن المؤتمر يكرس الوحدة الوطنية ويؤكد على ضرورة حل قضية اللاجئين في الأقاليم الثلاثة التابعة للأونروا (سوريا والأردن ولبنان).
وأضاف أن مؤتمر اسطنبول أثبت أن الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين وحدة واحدة، ويدلل على تشبثه وتمسكه بالعودة إلى أرضه التي هُجر منها.
وأكد أن كل ما تم التوافق عليه في قضية اللاجئين سيتم ترجمته على أرض الواقع من خلال تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية في المخيمات، حتى يكونوا قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية فيها.
وأشار هويدي إلى أن المشاريع ستتركز على الاقتصاد والمساهمة في حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات، لافتاً إلى أنه سيتم تنفيذ زيارة للمخيمات هناك، مشدداً على أن المؤتمر يعزز صمود اللاجئين. وأعرب عن أمله أن يتم حل قضية اللاجئين بشكل نهائي، وأن يعود جميعهم إلى أراضيهم التي شُردوا منها.