تعتبر الحارات القديمة في القدس من أهم المناطق الأثرية المهددة بالزحف اليهودي الذي يريد تغيير معالمها التاريخية وسرقة أسمائها وحتى قصصها العتيقة.
وفي القدس أربع حارات رئيسة قديمة ما زالت قائمة حتى الآن ببعض ملامحها الأثرية التاريخية وهي: حارة النصارى، وحارة الأرمن، وحارة اليهود، وحارة المسلمين.
واليوم في زاوية معالم سنسافر معاً إلى حارة النصارى، حيث يقطن المسيحيون في غالبيتهم في هذه المنطقة الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من المدينة، حيث تمتد من باب جديد في الشمال، على طول الجدار الغربي من المدينة القديمة وصولًا إلى باب الخليل.
ويبلغ عدد سكان الحارة نحو الـ 6000 نسمة، وتقع فيها كنيسة القيامة، وتحتوي على عديد من الكنائس والأديرة المسيحية وفنادق للحجاج المسيحيين.
بنيت حارة النصارى حينما بدأ المهاجرون المسيحيون الاستيطان في القدس بجانب كنيسة القيامة أو ما كانوا يطلقون عليها كنيسة القبر المقدس، وذلك في العهد البيزنطي منذ 1500 سنة. وبشكل عام يحتوي الحي على المنازل التي يملكها مسيحيون، والتي تتركز في معظمها في الجزء الجنوبي الشرقي من الحارة بالقرب من بوابة أريحا.
وتحتوي الحارة على عدد من المدارس والمباني التعليمية، مثل المدرسة اللوثرية ومدرسة سانت بيير، بالإضافة إلى تواجد مستشفيات تملكها إرساليات ورهبانيات مسيحية.
والحي المسيحي كما يقول الباحث في شؤون الاستيطان أحمد جردات يعاني كما تعاني كل أحياء القدس العتيقة، الممنوعة من البناء والتجديد والناظر إلى بيوت الحي وأديرته يراها على حالها منذ آلاف السنين، فهناك منع من الترميم والبناء في البلدة القديمة حتى في الحي المسيحي الذي يعتقد الناس أنه مستثنى "فهم يتعاملون مع أي مواطن فلسطيني ذات المعاملة بما أنه متمسك بهويته الفلسطينية وتاريخه بصرف النظر عن ديانته".
وإذا نظرنا نظرة مقارنة سريعة إلى الأحياء الأربعة في المدينة، سنرى أن الأماكن التي يسكنها المستوطنون كلها متطورة وحديثة بينما الأحياء والبيوت التي يسكنها غير اليهود ما زالت على حالها، فالحي اليهودي تمت توسعته بعد عام 67 على حد قول الدكتور والمؤرخ خليل التفكجي.
ويوضح التفكجي للرسالة، أن نسبة هجرة المسيحيين زادت بسبب الاحتلال، وأصبح جزء كبير من الحارة مسلمين، مبيناً أن مسمى حارة النصارى يعد مسمى جديدًا، فالتقسيم القديم للمدينة كلها كان تحت مسمى واحد وهو مسمى البلدة القديمة، ولكن مع نهاية القرن التاسع عشر قسمت إلى ثلاث حارات اليهود والمسلمين والمسيحية.
وتقول الرواية التاريخية إنه في سنة 1033 أصبح اسم "(حارة النصارى) اسمًا رسميًا، حينما ضرب المدينة زلزالًا قويا وأدى إلى انهيار جزء كبير من الأسوار والمنازل وعرضت السلطات الحاكمة على كل من يبني سورًا بتملك الأرض المجاورة له، فظهر الحي المسيحي في منطقته، وأرسل عام 1048 الحاكم البيزنطي أموالًا طائلة لتجديد بيوت المسيحيين، وتجديد كنيسة القيامة.
وحارة المسيحيين ما زالت على ذات المساحة منذ بدأت حيث إن مساحتها لم تتجاوز 120 دونمًا بينما أصبحت مساحة الحي اليهودي الآن 130 دونمًا، بعد أن كان 5 دونمات فقط، وكل هذه التوسعة على حساب الأحياء المسلمة والمسيحية، بالإضافة إلى أن البناء ممنوع في الأحياء القديمة بهدف تقليص نسبة السكان العرب وهذا هدف "إسرائيل" الأول.