من غير المُمكن ألا تكون قد استخدمته ولو لمرةٍ واحدة على أقلِ تقدير طوال حياتك العامرة باستخدامك لشبكة الإنترنت، الموقع الذي لم يختفي للحظة من تاريخ تصفح أي حاسب شخصي أو هاتف محمول تقريباً، لا نتحدث اليوم عن مُحرك البحث Google نفسه، وإنما نتحدث عن أحد أهم الخدمات التي يُقدمها هذا الصرح الكبير، وهي خدمة الترجمة الفورية والمعروفة Google Translate.
بالتأكيد لسنا هنا اليوم لنقوم بالتعريف بالخدمة، فكما ذكرت سلفاً تقريباً لا تخلو قائمة تاريخ التصفح من هذا الموقع، إلا أنني اليوم سأُحاول أن أُجيب على سؤال ربما قد خطر على بالكم يوماً وهو: ما هي آلية عمل خدمة Google Translate والخدمات المُشابهة؟
إذا تحدثنا عن مُخيلتك في جزئيتين مُنفصلتين، فنعم هناك الآلاف من المُوظفين من جميع أنحاء العالم يعملون في Google، لكن بالتأكيد ليست مهمتهم هي إدخال البيانات بشكل يدوي، فتُرى ما هي الكيفية التي يترجم بها الموقع كل كلمة يتم إدخالها إليه؟
خدمة Google Translate هي خدمة مجانية طُوِّرت بواسطة Google، تستطيع ترجمة النصوص والمُحادثات والصور والمواقع لحظياً، وذلك بين 103 لغة مدعومة بالإضافة إلى أربع عشرة لغة يتم تطويرها. أُطلِقت الخدمة للمرة الأولى في أبريل من عام 2006، أي أن أبريل من العام السابق كان ذكرى إنشائها العاشر. يزور الموقع ويستخدمه ما يزيد عن 200 مليون زائر يومياً. بدأت الخدمة في البداية ك Statistical Machine Translation، حتى تحولت في نوفمبر من عام 2016 إلى Neural Machine Translation،
إن آلة الترجمة الإحصائية: كانت بداية هذه التقنية في بدايات عام 2000، حيث تطور آلات الترجمة لوغاريتمات مُعقدة للحصول على أكثر الترجمات دقة، إلا أنها بالطبع لا ترقى للترجمة مثل بنو إنسان.
عمل الموقع مثله مثل باقي مواقع الترجمة من خلال الإحصائيات. وذلك من خلال إدخال الملايين من المُستندات والكُتب التي تم ترجمتها بواسطة البشر. بالإضافة إلى وثائق الأمم المُتحدة، والتي يتم ترجمتها إلى الست لُغات الرئيسة، ومن ثم يوفر البيانات اللغوية. وبهذا يتمكن الموقع من تقديم العديد من خيارات الترجمة للجمل، والتي تم تقديمها - بالفعل من قبل- بواسطة البشر، وبعد ذلك يختار أقرب هذه الترجمات وأكثرها استخداماً وشيوعاً.
تكمن هنا الصعوبة، فالأمر ليس كما سبق وذكرنا عددًا مهولًا من البشر يجلسون ليُدخلون الكلمات ومعانيها كلمة بكلمة، وإنما تكمن الصعوبة في إيجاد هذا المُحتوى اللغوي الضخم. ذلك أنه على سبيل المِثال، ستجد أن المُحتوى المكتوب باللغة الإنجليزية أكثر من أي لُغةٍ أخرى، وهو ما يجعلك قد تجد أن الترجمة من وإلى الإنجليزية تُعطي نتائج أفضل من أي ترجمة أُخرى بين لُغتين أخرتين. ولذلك، فقد كان يتم استخدام اللغة الإنجليزية كوسيط بين أي لغتين، حيث إنه إذا كنت تُريد ترجمة كلمة من العربية إلى الفرنسية على سبيل المِثال، سيتم ترجمة العربية أولاً إلى الإنجليزية، ومن ثم سيتم الترجمة من الإنجليزية إلى الفرنسية، وبالطبع تحدث كل هذه العملية في أقل جزء من الثانية. مما يعني أنه عند الترجمة بين لُغتين ليس بينهما الإنجليزية، تقوم الآلة المُختصة بالترجمة بإتمام عمليتين مُتتاليتين، وذلك يُظهر العظمة وراء بناء هذا النظام العبقري بالطبع.
أضِف إلى ذلك، أن هُناك بعض اللغات التي يزيد فيها عدد العمليات عن اثنين، فعلى سبيل المِثال، إذا أردت أن تترجم كلمة من اللغة الكتالونية إلى الصينية، سيترجم الموقع أولاً الكلمة الكتالونية إلى كلمة إسبانية، وهي أصل هذه اللغة في هذه الحالة، ومن ثم يترجم الكلمة الإسبانية إلى كلمة إنجليزية، وبعدها من الإنجليزية إلى الصينية، وذلك يتم أيضاً في جُزء من الثانية.