تصر سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) على الاستمرار بفرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل المحتل، من خلال إصدار قوانين "تعسفية وظالمة"، ضاربة بعرض الحائط كل اللوائح والقوانين الدولية التي تكفل حق المواطنين بالعيش بكرامة في أرضهم، وكان آخرها قانون منع الأذان في مساجد الداخل والقدس المحتلة الذي أقرّه الكنيست (الإسرائيلي) بالقراءة التمهيدية، بصيغته المعدلة.
وقد صادقت اللجنة الوزارية على الصيغة التوافقية من القانون والتي تستثني "زامور" السبت من القرار، في حين ينص على حظر الأذان من الساعة الحادية عشرة ليلًا وحتى السابعة صباحًا، أي منع رفع الأذان في صلاة الفجر.
وينص القانون على فرض غرامات تصل إلى 1200 دولار (5 آلاف شيكل) على المساجد التي ستمتنع عن تطبيق القانون، في حال تم إقراره بشكل نهائي.
فرض وقائع
ومن الواضح أن الاحتلال يبذل كل ما بوسعه من أجل فرض وقائع جديدة، تحمل في طياتها الصبغة اليهودية في المدن الفلسطينية، تمهيداً لجعلها دولة عبرية تحت سيادته.
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي أحمد فياض، أ ن القانون هو محاولة (إسرائيلية) ضمن محاولات كثيرة وإجراءات في الداخل المحتل والقدس، لإضفاء الصبغة اليهودية على فلسطين.
وأكد فياض خلال حديثه "للرسالة"، أن الاحتلال يسعى إلى فرض وقائع جديدة على المسلمين في المدن الفلسطينية، من أجل إرضاء المستوطنين المتطرفين، بذريعة أنه "مصدر إزعاج".
وأوضح أن اليمين المتطرف الذي يحظى بأغلبية في الحكومة الإسرائيلية يستغل نفوذه، بهدف تمرير تلك القوانين، مع العلم أنها مثار للجدل داخل المجتمع الإسرائيلي.
أزمة نتنياهو
ومن الجدير ذكره، أن الاحتلال (الإسرائيلي) كثّف من إصدار قوانينه ضد الفلسطينيين، والتي أبرزها "تبييض الاستيطان" الذي يعطي الضوء الأخضر للاحتلال بالاستمرار في بناء مزيد من المستوطنات، وصولاً إلى قانون منع الأذان، في حين يعتزم الكنيست الإسرائيلي، الأسبوع المقبل، المصادقة على تعديل 109 لقانون التخطيط والبناء، الهادف إلى تسريع عمليات الهدم وتشديدها في البلدات العربية بالداخل المحتل.
ويبدو أن جُملة القوانين التي جرى إصدارها مؤخراً تعكس الأزمة السياسية التي يعيشها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من جهة، والتحقيق معه بشبهات الفساد من جهة أخرى.
يذكر أن نتنياهو يتعرض في الفترة الأخيرة إلى جلسات محاكمة بتهمة الفساد وتلقي الرشاوى والهدايا من رجال أعمال مقابل تسهيل الخدمات لهم، وفق ما ذكرته وسائل الإعلام العبرية.
ويؤكد عبدالله أبو معروف عضو القائمة المشتركة عن الجبهة الديمقراطية للسلام في الكنيست (الإسرائيلي)، أن إقرار قانون منع الأذان جاء ضمن سلسلة القوانين العنصرية التي تستهدف المواطنين العرب.
وقال أبو معروف، في تصريح خاص بـ "الرسالة"، إن اصدار القانون يعكس مدى الأزمة السياسية التي يعيشها نتنياهو، مشدداً على أن الأذان سيبقى يصدح في كل مكان، ولن يُنفذ قانون منعه.
وبيّن أن الاحتلال يبرر إصدار هذا القانون بأنه يسبب الضجيج والإزعاج، معتبراً ذلك "حججًا واهية، ولا أساس لها من الصحة".
وأوضح أن نتنياهو أراد لفت انظار المواطنين عن الاستيطان والمشاكل الأساسية التي تواجهه والخلافات السياسية القائمة، من خلال إشغال الرأي العام بقضايا تحريضية.
وأشار أبو معروف إلى أن القانون موجود على طاولة الكنيست منذ فترة طويلة، ولكن لم يتم المصادقة عليه نظراً للرفض الشديد الذي قوبل به.
وبالعودة إلى فياض، فيرى أن إصدار القوانين يأتي لتعزيز الطابع اليميني المتطرف، والذي يحكم (إسرائيل) حالياً، في محاولة لفرض وقائع تجعل من قانون حل الدولتين شيئًا مفروغًا من مضمونه.