أثار الاتصال الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، غريزة الأخير للمضي قدمًا في مسيرة الوفاء بالالتزامات الأمنية مع الاحتلال، من خلال الايعاز بقرارات سياسية لقواته الشرطية بممارسة مزيد من القمع والاعتقال، وفقًا لاتهامات مسؤولين في القوى السياسية الفلسطينية.
وطبقًا لمصادر سياسية فإن السلطة شنّت خلال الفترة الماضية حملة استدعاءات طالت العشرات من الناشطين، بينما يعاني المعتقلون السياسيون من ظروف إنسانية قاسية في سجن الجنيد بنابلس المحتلة.
على صعيد الشق الميداني والأمني، يرى مسؤول العلاقات السياسية لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان محفوظ منور، أن اعتداءات أمن السلطة على عوائل الشهداء وقيادات العمل السياسي والمواطنين في رام الله، هي محاولة لتأكيد الولاء لسياسات الاحتلال والقوى الداعمة له.
وقال منور في تصريح خاص لـ "الرسالة"، إن السلطة تسعى إلى تثبيت الولاء للإدارة الامريكية الجديدة على ضوء الوعود التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس السلطة محمود عباس، وتحاول أن تثبت له من خلال رئيسها أنها وفية لالتزاماتها مع إسرائيل من خلال ما فعلته مع عائلة الشهيد باسل الأعرج.
وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تؤكد أن السلطة ضاربة بعرض الحائط كل المحاولات التي جرت لترتيب البيت الفلسطيني، ورفضها لإنهاء التنسيق الأمني الذي جلب للفلسطينيين الويلات. ونبه إلى أن ما تقوم به السلطة لا يخدم فكرة إعادة توحيد الموقف الفلسطيني أو الموقف السياسي تجاه الاحتلال.
وبيّن أن ادعاء السلطة بوجود فوضى أمر مرفوض، منبهًا إلى أن المتسبب بهذه الفوضى هو الاحتلال، مطالبًا السلطة بتقديم الاعتذار لعوائل الشهداء جميعًا، ومحاسبة المتورطين بهذه الاعتداءات، وذلك في إشارة إلى اعتداء عناصر الأمن على مسيرة منددة بمحاكمة الشهيد باسل الأعرج في محاكم السلطة.
ونوه إلى أن قيادة السلطة تذهب في اتجاه القفز عن التوافقات الوطنية، محذرًا من أن أي محاولة لعقد مجلس وطني قديم فإنه لن يتم الاعتراف به ولا بنتائجه، وسيتم التعامل معه كما الواقع الراهن.
على صعيد الشق السياسي، حذر حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من العودة لسراب المفاوضات مع الاحتلال "الإسرائيلي".
وأكد خريشة، في تصريح خاص لـ"الرسالة"، أن السلطة الفلسطينية لا تملك أي رؤية سياسية أو إستراتيجية في التعامل مع المتغيرات المحيطة والصعبة، وتخلت عن كل مبادئها ومواقفها في أول اتصال هاتفي جرى بين الرئيس عباس ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضح أن تغني السلطة ومسئولو حركة "فتح" باتصال ترامب الهاتفي والحديث عن قمة في واشنطن ومفاجأة سياسية قريبة أمر مبالغ فيه للغاية، وجاء منافياً لما صرحت به السلطة بموقف "جاد" ضد إدارة ترامب التي تدعم الاستيطان وتقف بجانب الاحتلال على حساب حقوق شعبنا.
وذكر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، أن الرئيس الأمريكي الجديد لن يقدم أي حلول لعملية السلام المتوقفة. ودعا خريشة الرئيس عباس إلى مواجهة الاحتلال والتضييق عليه وتقديم قادته للمحاكمة الدولية لمحاسبتهم على جرائمهم بحق شعبنا ومقدساتنا بدلًا من اللهث وراء المفاوضات.
واستهجن خريشة ما أسماه بـ"حالة الفرح والتهليل لاتصال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس"، لافتًا إلى أن موقف ترامب هو مع السياسة الإسرائيلية وهو أسوأ من غيره من الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه، والموضوع الفلسطيني ليس أولوية بالنسبة له.
ورأى أن ما قامت به أجهزة سلطة التنسيق الأمني في الضفة الغربية من اعتداء على أهالي الشهداء والأسرى والمناضلين أمام مجمع المحاكم في الضفة، لم يأت من فراغ وإنما بقرار سياسي من السلطة لإيصال رسالة لإسرائيل وأمريكا وغيرها بأنها موجودة وقوية وقادرة على القمع ومحافظة على التنسيق الأمني.
وذكرت مصادر سياسية، أن عباس تلقى دعوة من ترامب بزيارته مطلع الشهر المقبل في البيت الأبيض. وأفادت مصادر مقربة من عباس لـ"الرسالة" أن لقاء عباس سيكون عقب لقاء العقبة الذي ستستضيفه الأردن مطلع الشهر المقبل.
لقاء رئيس السلطة محمود عباس بممثل الإدارة الامريكية لم تخلوا عن كونها زيارة استشكافية من طرف الولايات المتحدة، كما قال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة.
وأكد أبو يوسف لـ"الرسالة" أن قيادة السلطة لم تتلق بشكل رسمي أي مواعيد محددة لزيارة الرئيس عباس لواشنطن، كما لم يجرى أي ابلاغ رسمي للسلطة بشأن عقد مؤتمر العقبة.
وأوضح أن الإدارة الامريكية بدأت تراجع حساباتها السياسية وتستعيد دورها في عملية التسوية بما يخدم مصلحة إنهاء الصراع، وليس تبني الرؤية والموقف الإسرائيلي فقط.