هل شعرت يوما وأنت تستقل سيارة أنها تتحرك الى الخلف بينما هي منطلقة للأمام، فتعتقد أنك تعاني من دوار أو "انقلبت" رأسك.
هذه الظاهرة باتت تنطبق على عالمنا، حيث تكشف لحظة تأمل أن الأحداث التي نشاهدها على المسرح العالمي هي بالأساس عبارة عن نسخة من أحداث العالم القديم، لكن السيناريو مختلف.
قبل نشوب الحرب العالمية الأولى حذرت عقول «لامعة» من أن شبكة المعاهدات في أوروبا يشوبها خطأ جسيم سيؤدي حتمًا إلى نشوب حرب كارثية. لكن مثل تلك الأصوات إما أُسكتت أو استسخِفَت بادعاء أنها تحذيرات «حمقاء»، وفي وقتنا هذا تُسَخَّف الأصوات المتخوفة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمعارضة لترامب وبوتين.
بينما تقفز الأسئلة أمام الجميع: كيف سيكون الحال مع وجود ترامب في أمريكا وبوتين في روسيا في ظل انقسام الاتحاد الأوروبي والتمدد الصيني؟ هل سينقسم العالم بين دول مؤيدة وأخرى معارضة؟ كيف سيكون رد فعل تركيا؟ والسؤال الأهم هل ستنشب حرب عالمية جديدة؟ ومن سيطلق شرارة البدء؟ ثم ما هي مآلات الحروب التي تشهدها منطقتنا، في ظل الخنوع العربي، والضعف الإسلامي؟
وأمام المشهد هناك حالة لجوء وهجرة الى التاريخ بحثا عن موطئ قدم في المستقبل، حيث يجري إحياء نظم قديمة مثل الفاشية والنازية بإصدار حديث، حتى الدراما عادت للتاريخ، مثال ذلك تركيا، حيث أنتجت العلمانية هناك المسلسل الضخم "حريم السلطان" عن السلطان الأسطوري سليمان القانوني، الأقوى في تاريخ السلطنة العثمانية، ثم جاء مسلسل (قيامة أرطغرل)، الذي ملأ الآفاق ذكره، وكُتبت في الإشادة والانبهار به عشرات المقالات.
وجار انتاج مسلسل عن السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الدولة العثمانية ويقوم على إنتاجه ذات الجهة التي تمثل إسلاميي تركيا.
في المقابل تعيد مجلة «ذي ناشيونال انترست» الأمريكية تذكيرنا بزمن الإمبراطوريات حيث رصدت أقوى خمس إمبراطوريات هيمنت على التاريخ البشري، والتي شملت الإمبراطورية الفارسية، والإمبراطورية العربية أو الخلافة، والإمبراطورية البريطانية، والإمبراطورية المغولية والإمبراطورية الرومانية.
يبدو أننا نهرول نحو التاريخ دون أن نشعر... لهذا انتبه السيارة ترجع إلى الخلف.