كشف أنيس القاسم رئيس مؤتمر "فلسطينيو الخارج" الذي عقد في إسطنبول خلال شهر فبراير الماضي، أن لجان المؤتمر التي شكلت سوف تعقد اجتماعًا أوليًا في العاصمة اللبنانية بيروت مطلع الشهر المقبل.
وقال القاسم في حوار خاص بـ"الرسالة": "إن اللجان المشكلة ستنهي عملها، وتعقد اجتماعًا قريبًا لتدارس ما أنجزته، والعمل على بناء برنامج عمل خلال المرحلة المقبلة".
وقد تداعت مؤسسات وشخصيات من فلسطينيي الخارج، لعقد مؤتمر في إسطنبول الشهر الماضي، وجرى بحث سبل تفعيل دورهم خاصة وأن فلسطينيي الخارج يشكلون نصف عدد الفلسطينيين، كما بحثوا سبل إعادة تفعيل منظمة التحرير.
وحول طبيعة عمل اللجان التي شكلت في المؤتمر، ذكر القاسم أنها تنقسم بين لجان انتخابية وأخرى مالية وأخرى لها علاقة بتحديد العضوية، وهدفها تنظيم الحراك الشعبي الرامي لإصلاح منظمة التحرير، مبيناً أن قيادة ائتلاف "فلسطينيو الخارج" ستباشر الاتصال بالقيادة الرسمية لمنظمة التحرير ممثلة في اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني، خلال الفترة القريبة القادمة، لبحث إمكانية إعادة تشكيل المجلس الوطني وإجراء الانتخابات، والتوافق على التوزيع الجغرافي وعدد أعضاء المجلس.
تعديلات ميثاق "م.ت.ف" لا تلزمنا ولا نعترف بها
وذكر القاسم أنه سيتم التوافق مع قيادة المنظمة على طريقة إجراء الانتخابات، مشيرًا إلى أنه سيجرى مطالبة قيادة المنظمة بفتح باب الحوار لإنقاذ منظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي والوحيد لكل الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن باب الترشح لائتلاف فلسطينيي الخارج مفتوحًا لكل فلسطيني في الخارج.
وأضاف "يحق لكل فلسطيني الترشح والانتخاب بدون التقيد في بعده الفصائلي والتنظيمي"، مشيرًا إلى أنه سيجرى التوافق على عدد مقاعد المناطق وفقًا لنسبة تواجد الفلسطينيين فيها.
وأكدّ أن الائتلاف لا يشكل بديلًا أو منافسًا لمنظمة التحرير، وهدفه تحشيد فلسطيني الشتات، للضغط على قيادة المنظمة بفتح باب الحوار لإعادة تفعيل المجلس الوطني.
وحول طبيعة تعاطي السلطة مع الائتلاف، أكدّ رئيس مؤتمر "فلسطينيو الخارج"، أنها موضع شك منذ توقيع اتفاق أوسلو، مشيرا الى أن رئيسها محمود عباس كان يقول " إن أوسلو ستقودنا إما إلى الدولة أو الدمار"، معلقًا "لقد قادنا الاتفاق إلى الدمار فعلًا".
وأوضح القاسم أن الحراك يهدف إلى مخاطبة المنظمة وإقناعها بأن خطها السياسي فاشل، والطلب منها بإعادة هيكلة المنظمة بما يضمن فرز إستراتيجية جديدة. ونوه أن اللجان ستبحث في اجتماعها القادم تحديد جداول زمنية، لهذه المفاوضات الرسمية التي ستجرى مع قيادة المنظمة، موضحًا أن هذه المباحثات ستحدد ضمن جدول زمني، وبناء عليها يتم تحديد قناعة قيادة المنظمة حول الأفكار التي ستطرح عليها. وبيّن القاسم أنه جرى تشكيل لجنة للتواصل مع الدول والمنظمات السياسية في الدول.
وأضاف "حوارنا مع قيادة المنظمة سيكون مسقوف بجدول زمني، وفي حال رفض قيادة المنظمة لهذه المباحثات فسيكون لكل حادث حديث". وردًا على طرح فتح مبدأ المحاصصة في إعادة المجلس الوطني، أضاف القاسم "هذا المنطق ولى زمانه، لعدم وجود شرعية قائمة على البنادق، واليوم إستراتيجيات السلطة لا تشكل البندقية منها أي سند".
اللجان التي شكلت بالمؤتمر ستجتمع الشهر المقبل في بيروت
وتابع "ثورة فتح في الوقت الراهن ليست تلك التي نعرفها يوم انطلاقتها، وليست تلك التي ناضلت لأجلها بجرأة وشجاعة". وبيّن القاسم أنه في حال وجدت المنظمة أن الكفاح المسلح ليس متاحًا في هذا الوقت فعليها أن تفكر في استحداث أدوات جديدة، وفي مقدمتها متابعة "إسرائيل" في المحاكم الجنائية وملاحقتها في المحاكم الأجنبية، وتشديد حملات المقاطعة ضدها.
ورأى أن السبب الرئيس في الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية سببه اتفاقيات أوسلو، مشيرًا إلى أن الاتفاق لا يقبل الالتقاء مع حركة حماس وبقية قوى المقاومة، مبيناً أنه في ظل أوسلو لا يمكن أن يتم اتفاق مصالحة.
وأضاف القاسم "اتفاق أوسلو هو حجرة العثرة في وجه المصالحة"، مطالبًا الرئيس الفلسطيني أبو مازن بإقناع الفلسطينيين بأي نجاح حققه هذا المشروع. ورأى أن اتفاق أوسلو قائم بالأساس على توفير الامن للمستوطنين، وعليه فإن زوال الاتفاقية سينهي أي تعاون أمني رسمي مع الاحتلال.
واستبعد رئيس المؤتمر أن ترفض السلطة فتح الحوار مع ممثلي حراك فلسطينيو الخارج لأنهم يمثلون أغلبية لا يمكن تجاهلها، مشيرًا إلى أن خوف حركة فتح من البديل هو فوبيا منذ زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، "وأي اجتماع بين اثنين يعتبرونه تجهيزًا لقيادة بديلة".
وأكدّ أن الحراك لا يبحث إقامة بديل عن المنظمة لأنها حصاد جهد فلسطيني دفع لأجله الثمن، "وأي عمل لخلق بديل عنها أقرب للخيانة لا نرتضيها"، وفق تعبيره.
"أوسلو" حجرة العثرة في تطبيق المصالحة الفلسطينية
وخاطب القاسم فتح بالقول "لم نأت لمحاربتكم لدينا اقتراحات لاستراتيجية جديدة بديلة عن تلك التي فشلتم فيها، ولنا شعب في الخارج من حقه أن يتفاعل مع قضيته".
وفي غضون ذلك، أكد أنه لا يمكن الاعتراف بأي تعديل جرى على ميثاق منظمة التحرير، متابعًا "تغييرات عام 1996 التي اعترفت بإسرائيل ونبذت المقاومة لا نعترف بها ولا نقرها"، مشيرًا إلى أن ميثاق المنظمة الأساسي هو العقد الاجتماعي للفلسطينيين ودونه لا يلزم الشعب الفلسطيني.
وتعليقاً على سحب الأمم المتحدة لتقرير (الاسكوا) فأكدّ القاسم أن هذه الخطوة دليل على أن هذه المنظمة تأتمر بأمر وزارة الخارجية الامريكية، وأنه لا كرامة ولا مصداقية لها، معتبرًا أن استقالة الأمين العام للاسكوا ريما خلف "صفعة كريمة في وجه قبيح".
وأشار إلى وجود تقصير من طرف السلطة الفلسطينية في متابعة ملفات الاستيطان وجرائم الاحتلال بالجنائية الدولية، مستشهدًا بتصريحات سفير السلطة في لاهاي الذي قال "إن رفع الدعوى ضد إسرائيل سيحدث طلاقًا معها"!، معتبرا هذه التصريحات دليل انتكاسة في دور السلطة وعدم جدية في دورها.
وحول ما يثار من مشاريع سياسية حول الوطن البديل، فأجاب القاسم أن الأردن يحتاج إلى دعم عربي لأنها مهددة دائمًا في قضية الوطن البديل، مشيرًا إلى أن اعتراف السلطة والدول العربية بيهودية الدولة يعني تدمير القضية من أساسها، وسيجعل الفلسطينيين تحت طائلة المسؤولية التاريخية للإسرائيليين.
وأخيرًا، فيما يتعلق بصراع الخلافة بين عباس ودحلان، فرأى أن أساس الخلاف ليس سياسيًا لأن كليهما يستندان لبرنامج المفاوضات، وأياً منهما لا يتبنى خيار المقاومة، مشيرًا إلى أن أساس التراشق قائم على قضايا مالية، وفق قوله.
ورأى أن الحل يكمن في تقديم الملفات لدى النائب العام، وليفحص ويدقق الاتهامات وليكونوا جميعًا تحت طائلة التحقيق.