قائد الطوفان قائد الطوفان

زوجة فقهاء: مازن ودعني بابتسامة وأثق بثأر المقاومة

زوجة الشهيد مازن فقهاء
زوجة الشهيد مازن فقهاء

غزة-محمد شاهين

خرج من منزله رفقة زوجته وصغيريه، بعد أن تبادلوا أطراف الحديث وسط أجواء تملؤها السعادة في رحلة ترفيهية يلهوا بها أطفاله مستغلاً إجازة الجمعة لها، ومع العودة مساءً أنزل عائلته من سيارته ليسبقوه إلى المنزل، وذهب ليركنها بالمكان المعتاد لها بجوار العمارة السكنية التي يقطنها.

انتظرت زوجة الشهيد ناهد عصيدة، أن يتبعها زوجها كما تجري العادة معتقدة بأن سبب تأخر صعوده الى المنزل انشغاله بالجلوس مع الجيران، ولكن نصف ساعة تقريباً كانت كفيلة بأن يأتي لها أحدهم ليخبرها بأن زوجها قد أصيب برصاصات مجهولين.

تيقنت ناهد أن زوجها قد رحل إلى ربه شهيداً، بعد أن تركها الخبر في حالة ذهول لم تستطيع تقبله بسهولة، إلا أنها تداركت نفسها وبدأت تصبر وتحتسب عملاً بوصية حبيبها مازن، وتستقبل الجيران والأصدقاء الذي قدموا ليشدوا على أزرها ويخففوا عنها حزن الفراق.

سعادة قبل الشهادة

تقول عصيدة في حديثها لـ"الرسالة نت": " مرت الأيام التي سبقت جريمة اغتيال زوجي عليه وهوا في سعادة لم أعتد أن أراه بها من قبل، ما دفعني إلى تكرير السؤال عليه عدة مرات ما سر هذا الفرح الذي يملئ قلبك ليجيب أنه لا يعلم سوى أنه مرتاح وسعيد".

وتضيف زوجة فقهاء" قبل رحيله بقليل استمع إلى انشودة حزينة إلى المنشد أبو عرب وسألته لماذا تستمع لها، أتركنا في حالة السعادة التي تعيشها ما جعله ينظر إلى بنظرات قرأتها بأنها مملوءة الخوف والحنان، وعدت إلى شريط الذاكرة بعد استشهاده لأتقيين بأنها كانت نظرات الوداع قبل رحيله".

بنبرات يملئوها الفخر تكشف عصيدة عن الأيام الأخيرة من حياة زوجها بعد أن كانت ترى في تفاصيل وجهه صفاء يدل على راحة وسعادة وسكينة بداخله، ما أطفى على قلبها الصبر بعد رحليه واحتسبت أنه كان يستعد فيها للقاء الله وينال ما يتنماه.

حلم تحقق

ولعل الشهادة حلم كل مجاهد باع حياته رخيصة في سبيل الله، يعمل لنيلها ليل نهار ويلح على الله بطلبها في دعائه، وهذا ما أخبرتنا به عصيدة عن زوجه.

 تقول "كنت أخشى أن يستجيب الله دعائه الذي يكرره كل يوم من شدة خوفي على فراقه، وقد أخبرني طيلة أيام الحج التي قضاها بجوار الكعبة المشرفة كان دعائه اللحوح بأن يرزق بالشهادة".

وتشير "قبل اعتقاله كان يتمنى أن يقضي إلى ربه شهيداً وألا يتمكن الاحتلال من القبض عليه، ليؤجل الله أمنيته وينال الشهادة على أرض غزة".

لا تعترض عصيدة على قدر الله بأن استجاب دعوة زوجها برحيله، بل تؤكد أنها تعيش في حالة سعادة بعد أن شكرت الله على قبوله مراد حبيبها.

لم تثنيه التهديدات

منذ أن أبصر مازن الحرية، وحطت قدماه تراب غزة، لم تقف تهديدات الاحتلال بقتله، خصوصاً انه كان المخطط الأول عن عملية الثأر لاغتيال القائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة عام 2002 والتي تسببت بمقتل تسعة صهاينة.

توضح ناهد أن حلم زوجها مازن كان ينصب بتحرير الضفة المحتلة من دنس اليهود، وكان يكرس معظم وقته من أجل ذلك، وهذا ما جعل الاحتلال يوصل له التهديدات بصورة مستمرة لإثنائه عن مسعاه.

وتكمل زوجة الشهيد "رغم خوفي على حياته من التهديدات الاسرائيلية المستمرة، إلا إنني افتخر بتشجيعي له وحرصي على أن يكون مميزا عن الآخرين وهذا ما حدث له بطريقة رحيله وحب الناس له، وتعبر عن سعادتها بأنها لم تطلب منه يوماً بأن يوقف مشواره الجهادي حرصاً على حياته التي رسمها منذ أن اشتد عضده".

النظرة الأخيرة

خشيت ناهد أن تكسر وصية زوجها حين إلقاءها نظرة الوداع عليه، بعد أن أخبرها حين رحيله ألا تبكيه ولا تحزن على فراقه وأن تكتفي بالدعاء له والصبر والاحتساب.

تقول" حين رأيت زوجي مازن وهوا مسجي داخل ثلاجات الموتى، لم أصدق أنه قد فارق الحياة، وشرعت في إمعان النظر بتفاصيله لأجده يبتسم في وجهي وكأنه نائم على فراشه، ثم اقتربت منه لأشتم رائحة المسك التي أطفت إلى قبلي الصبر وجعلتني متماسكة صابرة متحسبة".

وترفض زوجة الشهيد أن يطلق عليها لقب أرملة بعد أن أخبرتنا أن فقدها لمازن مرحلة مؤقته، كونه شهيداً حي عند ربه، وأنها متيقنة من العودة للعيش معه في جنان الخلد، وتوصي ناهد زوجات وأمهات وأبناء الشهداء بأن يصبروا وأن يحتسبوا لأن الذين فقدوهم سيكونون لهم شفعاء يوم القيامة.

وتجد ناهد عصيدة في غزة وأهلها مكاناً جميل للعيش منذ أن قدمت إليها، معبرة عن سعادتها بأهل غزة الذين استقبلوها والتفوا حولها بكل حب وعوضوها عن غياب أهلها، وتبين أنها ستكمل حياتها بها رفقة صغارها التي ستحرص على تربيتهم على نفس الطريق التي رحل فيها والدهم مازن.

وعبرت زوجة الشهيد في نهاية حديثها، عن ثقتها بأهل الضفة في الرد على الجريمة والثأر لزوجها الذي قضى مغدوراً، مطالبة إياهم بعدم الحياد عن الطريق التي مضى عليها مازن ولقي بها ربه.

البث المباشر