سياسة الاغتيالات الصهيونية المتبعة بحق قادة المقاومة أو من يعتقد أن حياته تهديد وجودي للكيان الصهيوني مستمرة ولن تتوقف ما لم يتم التعامل مع هذه السياسة بنفس الاسلوب والطريقة ولكن قد تكون الكيفية مختلفة، فجريمة اغتيال الشهيد مازن فقهاء فتحت على الجميع كما من التساؤلات التي بحاجة إلى إجابة من جهات مسئولة.
ولعل أول هذه الاسئلة لماذا يترك شخص له مكانه ويلعب دورا في العمل العسكري هكذا يتحرك لوحده يغدو ويروح دون مرافق أمني، أو توفير الأمن له في محيط سكنه؟ هذا لا يعني أن تتحول بيوت القادة إلى معسكرات أمنية؛ ولكن هناك طرق ابداعية في هذا الامر قد لا تشعر أحد بأن هذا المكان فيه قائد أو مسئول قد يسبب حالة من القلق في منطقته السكنية، ويستكمل السؤال لماذا لم يكن مع الشهيد حراسات أمنية؟ وقد يقول البعض أنه كان يرفض ذلك، وهذه حجة أقبح من ذنب، ومنذ متى تترك القيادات تتحكم فيها العواطف وليس الدواعي الأمنية.
صحيح نحن نؤمن بأن أعمارنا مؤقتة من عند الله، وألا شيء يمكن أن يضع نهاية لحياتنا ما لم يكن ذلك مقدرا من عند الله، ولكن ربنا يأمرنا بأخذ الحذر "خذوا حذركم.."، وتقليد الحراسات متبع وله قواعد وأصول نغفلها أحيانا بدعوى أن الوضع الأمني مستقر، وان الحالة الأمنية منضبطة، وهذا فيه نوع من الاسترخاء يجعل من فئات مختلفة استغلال هذا الأمر في تنفيذ جرائمها، وقضية اغتيال الشهيد مازن فقهاء دليل على أن هناك ثغرات أمنية استغلها من نفذ جريمة الاغتيال، وأكثر من ذلك أن منفذي الاغتيال بغض النظر عن هويتهم (عملاء أو عناصر موساد) لم يتركوا خلفهم ما يمكن أن يساعد على الوصول إلى خيوط الجريمة بشكل سريع، الأمر الذي يُصعب على أجهزة الأمن الكشف عنهم بسرعة، وهذا يؤكد أنهم ارتكبوا جريمتهم بشكل مريح ومريح جدا.
جريمة مرتكبة بحرفية عالية نعم، وبطريقة تحمل بصمات الموساد في جرائم الاغتيال التي يرتكبها في العالم، وإن كانت الطريقة تستخدم في قطاع غزة لأول مرة، قد اعتاد الفلسطينيون على عمليات الاغتيال باستخدام الطائرات بأنواعها المختلفة ولكن اليوم الحسابات الصهيونية باتت مختلفة وهي تستخدم اسلوبا نوعيا وجديدا في الاغتيال وهذا بسبب حسابات كثيرة لدى الاحتلال وربما هو يريد تضليل المقاومة ويشكك في أنه المسئول عن الجريمة لعدم كفاية أدلة الاتهام مما يجنبه الردود التقليدية كما حدث في اعقاب اغتيال الشهيد محمد الجعبري.
نعم جريمة الاغتيال نوعية لا شك في ذلك وهي بحاجة إلى رد نوعي أيضا وغير تقليدي تمعن فيه المقاومة العقل والمنطق وحجم الألم للاحتلال بحيث تكون الردود تكافئ الجريمة، وتؤكد له أن المقاومة تطورت في تفكيرها وأدائها ولن تعطيه الفرصة التي يريدها من وراء عملية الاغتيال.
لست على عجل في الرد، لأن الرد يجب أن يكون مدروسا وبحرفية عالية ولا عيب وإن طال قليلا؛ ولكن سيدرك العدو نتائج جريمته، ونتائج تغيير قواعد اللعبة في التعامل مع المقاومة وفرض قواعد جديدة عليها.
هذا الطريق، طريق الشهادة خطه الشهيد مازن فقهاء لنفسه وأقبل عليه بنفس راضية وكم من مرة تمناها؛ ولكن يجب استخلاص العبر من كل عملية اغتيال لرسم التدابير المستقبلية لتجنب هكذا طريقة للاستشهاد رغم أن الشهادة لا تختلف باختلاف طريقتها، فهي في سبيل الله خالصة ثم من أجل الوطن والشعب والقضية.
رحم الله الشهيد مازن فقهاء الذي اوجع العدو مرات ومرات وهو يلقى الله كما تمنى ورسم لنفسه مقبلا غير مدبر ورحم الله كل شهداء شعبنا الفلسطيني ونرجو الله أن يتقبلهم عنده في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وندعو الله أن يلهم أهله وذويه وصحبه ورفاقه الصبر والسلوان، وان يعوضنا الله عنه خيرا.