طوفان نحو التحرير طوفان نحو التحرير

مقال: الشهيد مازن فقهاء على عهد الشيخ الياسين

غسان الشامي
غسان الشامي

غسان مصطفى الشامي

شهر مارس/ آذار من كل عام هو شهر مثخن بالأحداث ومليء بالذكريات الفلسطينية الجسام، ولا يمر علينا شهر الربيع دون أن نتذكر شيخ الأمة الإمام الشهيد أحمد ياسين هذا الرجل القعيد الذي أحيا بفكره الثاقب المنير وقلبه شعلة الجهاد والمقاومة ضد المحتلين الصهاينة.

إن الذكرى الثالثة عشر لاستشهاد الشيخ الياسين تبقى نبراسا ومشعلا يضيء طريق الجهاد والتحرير، وتؤكد الذكرى على أن طريق التحرير طريق طويل مليء بالتحديات والعقبات والصخور، وأن فلسطين ثمنها غال لا يحررها إلا الدماء الطاهرة الزكية.

إن ظلال ذكرى استشهاد الشيخ الياسين تعانقت مع جريمة اغتيال أليمة يوم الجمعة الماضي عندما قامت أجهزة المخابرات الصهيونية بتنفيذ عملية اغتيال جبانة بحق القائد القسامي الأسير المحرر -في صفقة وفاء الأحرار-مازن فقهاء قام مسلحون بإطلاق رصاصات من مسدس كاتم صوت على جسد الشهيد أمام منزله في مدينة غزة.

إن هذه العملية الجبانة التي أعدت بعناية تامة لاغتيال الشهيد فقهاء تؤكد على النهج الصهيوني الجديد للكيان تجاه غزة تتمثل في الحرب الهادئة، حيث أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيان عسكري تعقيبا على جريمة الاغتيال قائلة " إن الجريمة من تدبير وتنفيذ العدو الصهيوني وهو من يتحمل تبعات ومسؤولية الجريمة؛ وأضافت القسام أنّها ستكسر معادلة ( الاغتيال الهادئ) والتي يحاولُ الاحتلال اثباتها على أبطال غزة، مشددة أن الاحتلال سيندم على اليوم الذي فكر فيه بالبدء بها، وتعهدت القسام بأن يدفع العدو ثمن هذه الجريمة بما يكافئ حجم اغتيال الشهيد القائد فقهاء قائلة " إن من يلعب بالنار سيحرق بها ".

الشهيد القسامي المجاهد مازن فقهاء سيكون دمه بإذن الله لعنة على الصهاينة؛ وقد اغتيل بسلاح كاتم صوت ولكن سيرته الجهادية المشرفة ملأت أرجاء العالم؛ هذا الرجل سار على نهج الشيخ أحمد ياسين في الجهاد والمقاومة؛ وفي ذكرى استشهاد الامام الياسين اكتفى الشهيد فقهاء بكلمات على العهد سائرون؛ وها هو يلقي ربه على درب الجهاد والمقاومة وهو يعمل بصمت كبير، ويمضي على طريق ذات الشوكة الطريق الذي سار عليه الشيخ الياسين والرنتيسي والمقادمة وغيرهم من مجاهدي فلسطين الأبرار الأطهار.

إن الشهيد فقهاء كان يعرف جيدا ثمن تحرير أرض فلسطين، وله كلمات تسطر بماء الذهب في تاريخ المقاومة ونعيد كتابتها للتاريخ عندما قال فلسطين وطن غالي لا يعود الا بالثمن الغالي.. وطن طاهر لا يعود إلا بالعمل الطاهر وقال ليس أمامنا خيارات كثيرة؛ إما النصر أو النصر، لذلك لا اعتبار للخسائر ما دامت بعيدة عن الفكر والعقيدة وسلامة التوجه، وكان الشهيد فقهاء صاحب منهج جهادي ثوري حيث قال لا حل إلا الثورة.. ولا خلاص إلا بالثورة.. الاحتلال فايروس علاجه الثورة.. كل حل لا يمر من طريق الثورة وهم وتضليل؛ وعندما قرر الكنيست الصهيوني وقف الأذان في المسجد الأقصى المبارك-قال الشهيد فقهاء على صفحته عبر الفيس بوك تحاربون الأذان.. سنرفعه بإذن الله في تل الربيع وحيفا على ركام كيانكم.

إن درب الجهاد والاستشهاد هو الطريق الذي رسمه الشهيد فقهاء لنفسه؛ كيف لا وسيرة الشهيد فقهاء سيرة جهادية كبيرة حيث اعتقل من قبل سلطة أوسلو ثلاث مرات وورد اسمه في كشوفات المطلوبين لجهاز المخابرات الأمريكي(CIA)، وتم استجوابه عند أجهزة مخابرات سلطة أوسلو في عام 2000 واعتقاله عام 2001م، وورد اسمه في صحيفة (يديعوت احرنوت) العبرية بشهر إبريل 2002م أنه مطلوب رئيسي للكيان الصهيوني، وتم مطاردته لفترة طويلة من قبل الكيان لأشهر حتى تم دهم منزله في طوباس في الخامس من أغسطس 2002م اعتقاله ثم هدم الاحتلال منزله، ووجه إليه الكيان العديد من التهم بالمسؤولية عن عملية صفد الفدائية التي قتل فيها 11 (إسرائيليا) عام 2002م، كما تتهمه سلطات الكيان بقيادة جهاز كتائب القسام في الضفة الغربية، وإعطاء عناصرها الأوامر لاختطاف ثلاثة جنود صهاينة في يونيو 2014م في الخليل جنوب الضفة الغربية، وقتلهم، وأمضى الشهيد فقهاء تسع سنوات في سجون الاحتلال من حكم تسع مؤبدات وخرج في صفة وفاء الأحرار في أكتوبر عام 2011م.

والشهيد فقهاء حسب سيرته الجهادية هو من أبطال السجون والعزل الانفرادي حيث قبع فقهاء مدة 40 يوما داخل العزل الانفرادي و90 يوما في التحقيق وتعرض لجميع أنواع التعذيب، وكان يغيب عن الوعي في بعض الأحيان، وتنقل داخل السجون الصهيونية من سجن (هدريم) إلى سجن بئر السبع وسجن (رامون) وبعدها إلى عسقلان، وحفظ الشهيد فقهاء خلال فترة السجن القرآن الكريم وتعلم اللغة العبرية كتابة ومحادثة، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية.

رحم الله الشهيد فقهاء رجل الثبات والفداء والتضحية وعهدنا كبير مع كتائب القسام أن تنتقم للشهيد فقهاء وكافة شهداء فلسطين الأبرار وستكسر كتائب القسام كما وعدت معادلة (الاغتيال الهادئ) وستجعل العدو يندم على اليوم الذي فكر به في سياسة الاغتيالات بحق رجال المقاومة.

 

البث المباشر