حمّل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في قطاع غزة د. خليل الحية، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن عملية اغتيال الأسير المحرر مازن فقها، وقال إنها جريمة متكاملة الأركان يظن الاحتلال أنه يمكن عبرها تغيير المعادلات القائمة في قطاع غزة.
وقال الحية في حديث خاص بـ "الرسالة نت" إن حركته لن تسمح به بتغيير المعادلات ولديها من الإمكانيات والوسائل ما تحافظ بها على أبناء شعبها، ونفرض على الاحتلال ان لا يعبث بالنار.
وأضاف أن الشهيد الفقها هو أحد مجاهدي أبناء شعبنا ومقاومي كتائب القسام، وحماس لن تفرط بدماء أبنائها وقطاع غزة سيبقى واحة للأمن والأمان، والحركة تعرف جيدًا كيف تتعامل مع ما جرى.
وقال د. الحية: "إن أي عدوان إسرائيلي على غزة سيواجه بكل قوة وعنف"، محملا الاحتلال مسؤولية تصعيده ضد غزة، والذي كان آخره جريمة اغتيال الأسير المبعد مازن فقهاء. وأكدّ أن العقول القسامية قادرة على إيلام العدو والثأر لدماء الشهيد فقهاء، مشدداً في سياق آخر رفْض حركته الاعتراف بإسرائيل.
لم يحسم انتخاب رئيس الحركة بعد و"الوثيقة السياسية" ستعلن قريبًا
وفي غضون ذلك، أكد أن الحركة "لم تحسم انتخاب رئيسها لهذه اللحظة"، مشيراً إلى انجاز الوثيقة السياسية للحركة، مبيناً أنه سيتم الإعلان عنها قريباً، محذراً في سياق آخر الاحتلال الإسرائيلي من مغبة أي عدوان جديد على قطاع غزة.
انتخابات حماس والوثيقة
وفيما يتعلق بانتخابات حماس الداخلية، أكدّ أنه حركته لم تحسم انتخاب رئيسها لهذه اللحظة، مشيرا الى ان كل ما يشاع حول هذه القضية غير صحيح، مشيرا الى انه سيجرى الإعلان عن الانتخابات فور الانتهاء منها في غضون الفترة القادمة.
أمّا الوثيقة السياسية للحركة، فأكدّ انه جرى اعتمادها من مؤسسات الحركة، وهي في طور الإخراج وسيجري الإعلان عنها قريبًا. وبشأن قضية الاسرى، فأكدّ أن الحركة لن تتوانى عن العمل على تحريرهم بكل ما اوتيت من وسائل، مشيرا الى ان الاحتلال لا يزال يراوغ في قضية القبول بشروط المقاومة و"عليه فإنه يتحمل مسؤولية ما يجري لهم".
حماس لا تستبدل أرض فلسطين بأي أرض أخرى
وأخيرًا بشأن العلاقة مع إيران، أكدّ أن العلاقة معها قائمة بوصفها دولة وازنة و"الحركة ليست في فسحة من أمرها لترك إيران أو غيرها، وحريصة على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف".
وأضاف "ننطلق في علاقاتنا مع الجميع على قاعدة حشد الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية، وعدم التدخل في شؤون هذه الدول أو في صراعاتها".
المشاريع البديلة
وفيما يخص إمكانية دخول حركة حماس غمار عملية التسوية، أضاف نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، أن حركته لن تعترف يوما بإسرائيل، ولا يوجد أي ضغط عليها بهذا الصدد، ولا تقبل من أي جهة الضغط عليها، وما تردد عبر وسائل الاعلام بشأنه عار عن الصحة".
وأشار الى أن ما يطرح إعلاميا من مشاريع تصفوية، ليس بالأمر الجديد، مشددًا على أن حماس لن تقبل بدون فلسطين ولا الوطن البديل أو الحلول المجتزأة التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني. ورأى أن الهدف من طرح هذه المشاريع خلط الأوراق وتخويف الأطراف العربية، مشددا على أن الشعب لا يقبل تقديم تنازلات تمس ثوابته.
وأكدّ أن السلطة الفلسطينية تسعى لملء الفراغ الذي اوجده اتفاق أوسلو، ولا تزال تلهث خلف السراب والوهم، "وبين الحين والآخر كلما شعر الفلسطيني بفشل مشروع التسوية، تذهب فتح لإيجاد بدائل تتضمن المزيد من التنازلات والمشاريع التي لا فائدة من خلفها".
المجلس الوطني
وفي سياق آخر، كشف الحية عن استمرار الاتصالات بين سليم الزعنون رئيس اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني، وحركة حماس، لبحث سبل انعقاد المجلس، وقال: "هناك التواصل قائم بين الفصائل الفلسطينية وسليم الزعنون المكلف برئاسة اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني، وجرى التوافق على بعض الأفكار منذ شهر تقريبًا".
وأضاف "تلقينا اتصالا من الزعنون يسأل فيه عن بعض الأفكار المتعلقة بالانتخابات، والاتصالات لم تتوقف"، مؤكداً التزام حركته بكل الاتفاقيات التي جرى توقيعها مع حركة فتح وتنفيذها بشكل كامل، وفي مقدمتها تشكيل مجلس وطني جديد، داعيا فتح للتعاطي الإيجابي مع التوافقات الوطنية لإجراء المصالحة، محذرًا من محاولة إجهاضها.
الدعوة لعقد المجلس الوطني الحالي انقلاب على اتفاقيات بيروت
وأشار إلى انه جرى الاتفاق على استكمال مشاورات عقد المجلس الوطني، منوهًا أن حركته اقتربت من إيجاد حلول للمشاكل العالقة في قضية المصالحة مع حركة فتح خلال اللقاءات الأخيرة، إلا أن رئيس السلطة محمود عباس أصرّ خلال لقائه الأخير بقيادة حماس في الدوحة قبل أشهر، على التنصل من التزاماته، بما يدلل على عدم إيمانه بالشراكة وعدم تنفيذ الالتزام"
وأضاف الحية " تفرد أبو مازن أجهض الجهود التي بذلت للتوصل إلى حل للانقسام، ولذلك عليه وعلى فتح مغادرة سياسة التفرد والاقصاء في الساحة"، منوهاً أن حركته وبقية الفصائل اتفقت على التوجه نحو مجلس وطني جديد، مؤكدا أن أي تراجع عن هذا الموقف يعتبر انقلاب على لقاءات بيروت وتراجع جديد عن التوافقات الوطنية.
وكان جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح قد دعا لعقد مجلس وطني، بدون التوافق على الزمان والمكان.
وأكدّ الحية أن الدعوة لعقد المجلس الوطني الحالي تمثل "تنصلا من التوافقات الوطنية"، مشيرا الى انه جرى التوافق على إعادة تشكيل المجلس بالانتخابات، وأن يجري عقده في الخارج، "فالحركة لا تقبل ان يعقد تحت حراب الاحتلال".
وأضاف أن "حماس ليست ممثلة بالوطني، وتطالب بإصلاحه منذ 15 عامًا، محذرًا من محاولة الالتفاف على توافقات بيروت، لأهداف حزبية بل فردية متعلقة بالرتب فقط".
المصالحة
وأكدّ أن حركته كادت أن تصل لاتفاق مع حركة فتح خلال اللقاءات الأخيرة التي جرت بينهما، حيث جرى التوافق على قضايا الموظفين وعقد المجلس التشريعي والتوصل لبرنامج حكومة يشكل أرضية للتوافق، غير أن رئيس السلطة محمود عباس أفشلها في لقائه الأخير بقيادة الحركة في الدوحة في شهر أكتوبر من العام الماضي.
وحول زيارة عباس الأخيرة للدوحة وعدم لقائه بقيادة حماس، أكدّ الحية أن حركته لم تجر أي لقاء معه، ولم تطلب أساسًا الالتقاء به، كما ولم تطلب أي جهة ترتيب لقاءات مشتركة في الدوحة.
غزة في عهدة حكومة التوافق وعليها القيام بدورها
وأكدّ أن المصالحة تراوح مكانها بفعل تخلي الحمد الله عن مسؤولياته وعدم إيمان فتح بالشراكة السياسية مع الاخر، مؤكدًا ان لقاءات بيروت كانت تشكل نافذة أمل في إعادة تفعيلها، وهي فرصة لتطبيق ما يخص تفعيل منظمة التحرير ومجلسها الوطني عن طريق الانتخابات.
وقال إن عناوين المصالحة واضحة وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بمهامها، وتجرى انتخابات للتشريعي والوطني، مشيرا الى انه جرى وضع كثير من الاتفاقات لتنفيذها وتم الاتفاق على سقف زمني وآليات محددة لتطبيقها، لكنها تصطدم دائما برفض عباس.
وأوضح الحية أن حركته تتعامل مع أبو مازن بصفته امراً واقعاً على الشعب الفلسطيني، ولا تمانع من التعامل مع أي طرف في الساحة الفلسطينية، مشيرا الى ان البعض يلوم حركته على مرونتها السياسية وتعاملها مع أبو مازن، وذلك لأن حماس معنية بحل الأزمة.
وأضاف "عباس هو رأس السلطة في الضفة ولا يزال يتكئ على أطراف خارجية، ونحن نريد وحدة تشمل مكونات شعبنا كافة ولن نستثني طرفًا فلسطينيًا من التعاون والتوافق".
إدارة غزة
وفيما يتعلق بتشكيل لجنة إدارية بغزة، جدد تأكيد حركته الالتزام بحكومة رامي الحمد الله رغم ما جرى عليها من تعديلات، مضيفًا "غزة في عهدة حكومة التوافق وعليها القيام بدورها". وأكدّ أن هذه الحكومة التي أصبحت "امر واقع" لا تقوم بأداء المهام الملقاة على عاتقها وبعد 3 سنوات من عمرها تصرّ على عدم حل مشاكل القطاع "بل إنها في بعض الفترات تعتبر جزءًا من المشاكل وسببا في تعقيد أزمات القطاع"، مشيرًا الى أن القطاع مطالب من حكومة الحمد الله ويجب عليها أن تقوم بهذا الدور.
وأكدّ أنه لم يجر استحداث أي حكومة في غزة، موضحًا أن المجلس التشريعي شكّل منذ عام لجنة إدارية لمتابعة قضايا الإدارات القائمة في غزة، والتي تهدف لمتابعة وزارات القطاع التي لا يوجد عليها جهة إدارية تقوم بأدائها بفعل غياب دور حكومة الحمد الله.
لسنا بوارد تشكيل جسم سياسي يدير غزة بعيدًا عن الضفة
وأضاف "لا يوجد شيء جديد ولم تشكل قيادة او مرجعية سياسية وما اقره التشريعي هو اجراء اداري لتحصين الوزارات والوكلاء، وإيجاد جهة إدارية يمكن مسائلتها ومراقبة أدائها بالجسم الحكومي في غزة".
واستغرب الحية ما اسماه بـ "الضجيج" الذي صاحب إقرار هذه التشكيلة، مشيرا إلى وجود أطراف ترغب بإغراق غزة في الازمات وتقحمها في المشاكل الإنسانية والمجتمعية، ولا تريد لوزاراتها ان تدبر أمرها في ظل تخلي حكومة الحمد الله عن مهامها.
وأكدّ أن خيار اللجنة الإدارية اضطراري لجأ اليه المجلس التشريعي في ظل تخلي الحكومة من القيام بدورها، مؤكدًا أن حركته ليست بوارد تشكيل جسم سياسي يدير غزة بعيدًا عن الضفة، متسائلا "ماذا يمكن أن تفعل غزة في ظل جراحها وآلامها، وفي ظل حكومة تجمع المال باسمها ولا تقدم شيئًا لها، بل وتساهم في تعميق أزماتها".
وردًا على اتهامات قيادات في فتح بسعي حركته للانفصال بغزة، أكدّ أن "حماس لا تستبدل ارض فلسطين بأي أرض عربية، مشيرا الى ان السلطة الفلسطينية لديها "فوبيا" تجاه أي حل لازمات غزة، لأنها تتلذذ على معاناة وأزمات سكانها.
وأكدّ أن غزة ستواصل بحثها عن أي حل لأزمات القطاع، مطالبًا السلطة الفلسطينية بالبحث عن حلول لأزمات غزة بدلا من العمل على تعطيلها"، مشددًا على أنه لا دولة في غزة ولا دولة بدونها.
الميناء والكهرباء
وفيما يتعلق بالوعود بشأن انشاء ميناء غزة، أجاب " لهذه اللحظة لا يوجد مشروع واضح متفق عليه بشأن الميناء، وكل ما نسمع عنه هو كلام اعلامي ولم يقر او يتفق على شيء مع أي جهة لهذه اللحظة".
أمّا مشروعات حل ازمة الكهرباء، فأوضح أن قطر وتركيا تبذلان جهودًا حثيثة لحل ازمة الكهرباء وكل الحلول المتعلقة بها، وكلها على مكتب رئيس السلطة محمود عباس بانتظار موافقته ليبدأ بتطبيقها وتنفيذها.
وقال الحية إن حل ازمة الكهرباء تحتاج لقرار وموافقة من أبو مازن، مشيرا إلى ان حكومة الحمد الله تريد أن تتراجع عن توافقاتها مع الفصائل بخصوص ضريبة البلو المفروضة على الوقود بعد نفاذ المنحتين التركية والقطرية، موضحًا أن الضريبة سترفع ثمن الوقود من 2 شيكل لـ 5.4 شيكل على اللتر.
وأكدّ ان الاحتلال مسؤول عن حالة الحصار المستمرة ضد غزة؛ لأن الشعب امام حالة ضغط هائلة في ظل انسداد الأفق، محملا في الوقت ذاته السلطة الفلسطينية مسؤولية استمرار الحصار المفروض على غزة وعدم المساهمة في حل ازماتها.
كما حمل المجتمع الدولي مسؤولية أي عدوان على غزة، "فالحصار والعدوان سيان ولا يمكن القبول بهما"، مشيرا الى ان حركته أرسلت بواسطة أطراف دولية وإقليمية ومحلية رسائل مفادها أنها لا تقبل ببقاء الحصار.
مصر
وعرّج الحية على علاقة حركته مع مصر، مؤكدًا أن الحركة استمعت بشكل رسمي لعدد من الوعود المصرية بشأن رغبتها إقامة مشاريع لتخفيف الحصار عن غزة، إضافة الى ما تسمعه الوفود التي تتجه لمصر حول الرغبة بمشاريع تطوير عمل المعبر وأخرى اقتصادية، معربًا عن أمله في ان ترى هذه المشاريع النور لتخفيف الازمات الإنسانية عن سكان القطاع.
وقال إن الحركة معنية بتطوير علاقتها مع مصر، "وهناك تفهم متبادل لحاجات وهموم الطرفين، ونحن من جانبنا فعلنا ونفعل كل ما يجب ان نقوم به تجاه مصر سواء ما يتعلق بملف سيناء او غيرها، والدور المناط بها في غزة كذلك تجاه الامن القومي المصري".
وأضاف "أكدّنا للمسؤولين المصريين في الاعلام والغرف المغلقة، أن غزة لن تكون مصدرًا للإضرار بمصر ولا مأوى لمن يضرونها".
ونوه الحية إلى أنه جرى عقد لقاءات سياسية بين الطرفين وجرى زيارة وفد أمني مكون من حركة حماس وشخصيات من الحكومة في غزة، والتقوا مع المسؤولين المصريين. وبيّن أن اللقاء شرح الأفكار المتبادلة بشأن العلاقة وتطلعات كل طرف من الآخر، متابعًا " باعتقادي أن الاتصالات قائمة ونسعى لأي موقف يعزز العلاقة بيننا".
الزميل الصحفي محمود هنية يحاور الدكتور خليل الحية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس