بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اغتيال الشهيد مازن فقهاء في غزة، عن طريق إطلاق مجهولين النار عليه، عادت قضية العملاء لتفرض نفسها على الساحة الفلسطينية، خاصة وأن عملية الاغتيال أظهرت تطورا في المهام الموكلة لهم.
ويعتبر قطاع غزة، هدفا رئيسيا للاحتلال (الإسرائيلي) الذي يسعى إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من العملاء الفلسطينيين للعمل لصالحه؛ بهدف مساعدتهم في القضاء على المقاومة، والحصول على المعلومات الميدانية لاستهداف قيادات وناشطين في المقاومة.
ومنذ خروج الاحتلال من غزة عام 2005، فقد القدرة على رصد تحركات المقاومة كما كان سابقا، من خلال تواجده في المستوطنات والقواعد العسكرية المنتشرة في القطاع؛ لذلك أصبح بحاجة إلى عنصر بشري (العملاء) للاعتماد عليه في توفير المعلومات الميدانية.
وفي حرب خفية مستمرة للقضاء على ظاهرة "التخابر مع الاحتلال"، تعلن الأجهزة الأمنية باستمرار عن كشفها خلايا وعملاء نفذوا مهاما في القطاع.
وعلى مدار السنوات العشر لماضية فإن دور عمل العملاء أقتصر على محاولة اختراق فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال تجنيد الاحتلال لعناصر من داخلها، أو محاولة زرعهم فيها بعد تجنيدهم؛ وذلك بهدف الحصول على معلومات دقيقة وحساسة، عن التنظيم الداخلي، وأسماء الأشخاص القياديين ومسؤولياتهم، ومواطن الضعف والقوة الداخلية، وآليات اتخاذ القرار، وكشف العمليات العسكرية لإحباطها قبل تنفيذها، وغيرها من المعلومات.
تلك المهام تطورت خلال الحروب التي تعرضت لها غزة وتحت غطاء الدين والتجارة لتشمل مهاما قذرة تمثلت بالمشاركة في اعتقال ناشطي المقاومة وقادتها، سواء من خلال تتبعهم ومراقبتهم، أو زرع المتفجرات في سياراتهم أو هواتفهم، أو بوضع إشارات خاصة تميِّز مكان وجودهم أو وسائل تنقلهم وتمكن الاحتلال من استهدافهم، بالإضافة إلى الدخول مع القوات "الإسرائيلية" خلال الاجتياحات البرية لمساعدة الجنود في الوصل للأهداف المطلوبة.
تصريحات وزارة الداخلية الأخيرة والتي تحدثت عن تشديد العقوبات ضد المتخابرين مع الاحتلال فسرها مراقبون بمهام إضافية باتت تسد إليهم بحيث لا تقتصر على الرصد وإمداد الاحتلال بالمعلومات، بل وصلت حد المشاركة في تنفيذ عمليات على الأرض.
وكان موقع "المجد الأمني" المقرب من المقاومة، قد كشف عن نوع جديد من العملاء الذين يتم تجنيدهم لدى الاحتلال، وهو "العميل القاتل"، وبدأ من عميل يجمع المعلومات إلى عميل رصد، وقد يكلف بإلقاء شرائح الموت في سيارات المقاومة أو أماكن تواجدهم ليتم استهدافهم بواسطة الطائرات.
وحسب الموقع، فإنه من الصعب أن يتم استقطاب العميل القاتل الى داخل "إسرائيل" ليتلقى تدريباته العسكرية، لذلك تلجأ مخابرات الاحتلال باستقطاب هذا النوع من العملاء من أبناء التنظيمات الفلسطينية، أو تدفع به إلى الالتحاق بالتنظيمات ليتلقى تدريباته العسكرية والبدنية التي تؤهله لأداء مهامه بكفاءة.
وهذا النوع من العملاء عندما يصل إلى هذه المرحلة والجهوزية لا يتم تكليفه بأي عمل أمنى، ويبقي خاملا الى ان يحين دورة في تنفيذ مهمته المحددة، ويتم تغذيته من فترة الى أخرى، بجرعات من الكره والحقد على ابناء المقاومة ليبقى ضميره ميتا ومشاعره مغيبة عن الحقيقة.
المختص في الشؤون الأمنية رفيق أبو هاني، قال "إن جيش الاحتلال لا يستغنى عن العملاء في أي مهمة لا يمكنه القيام بها خاصة في قطاع غزة".
وأضاف أبو هاني في حديث لـ "الرسالة نت":" أصبح دور العملاء لا يقتصر على نقل معلومات فقط أو تنفيذ مهمات، بل باتوا يعملون على مدار اللحظة بتوجيه المخابرات (الإسرائيلية)، والمشاركة في عمليات اغتيال المقاومين من خلال زرع شرائح تحدد أماكنهم.
وأوضح أن المقاومة فرضت معادلة جديدة على الاحتلال بأن قيامه بتنفيذ عملية اغتيال لقيادات المقاوم بغزة من خلال استهدافه بصواريخ الطائرات يدخلها في حرب مفتوحة مع المقاومة؛ ولذلك لجأ الاحتلال للاستعانة بالعملاء للمشاركة في عملية اغتيال الشهيد فقهاء.