طائرات الاحتلال الزراعية دمّرت طبقات الأمل لدى المزارعين على حدود غزة وأجهزت على أحلام قطف الخضراوات لهذه الأسابيع عندما رشت رذاذ الموت فوق الحقول.
للمرة الثانية في أقل من أسبوعين تفتك مبيدات الطائرت بخضراوات المزارع زكريا غالية - 30 عاما- فمن نجا من الجولة الماضية أجهزت عليه النوبة الثانية، فطائرات الاحتلال الزراعية تكرر رش مبيدات الأعشاب الفتّاكة على حدود غزة ما يتلف عشرات الدونمات من الخضراوات في مناطق بعمق (500) متر غرب السلك الفاصل.
عندما زارت "الرسالة" حقله الذي لا يبعد عن السلك الفاصل سوى (150) متراً شمال مجمع النفايات كانت الآلام طازجة في (20) دونما زرعها بالكوسا والقرنبيط والملفوف.
لا شيء يؤنس وحدة زكريا سوى صوت كسّارة الحجارة المحاذية لحقله والتي تلتهم أكواما من ركام المنازل المدمرة في منطقة تعّد الأقرب للحدود لا يمرّ فيها إلا أصحاب الحاجات والمهمات.
ويؤكد زكريا أن طائرة الاحتلال قبل أيام رشت المبيدات من ارتفاع كبير ما أدى لانتشارها بفعل الرياح فوق مساحات واسعة غطت كامل حقله فأتلفت آلاف الثمار وأضرّت بالبقية.
تتبعثر على الأرض ثمار الكوسا النافقة والتي كانت تتجهّز للانتقال إلى يد التجار بعد أيام فيما تكمن الخشية الآن على حقل الملفوف الذي صمد لكن أوراقه اليابسة تلوّنت بفعل المبيدات.
ويضيف:" كل هذه الثمار احترقت وتلفت والآن سأقوم بتجريف هذا الحقل كله فما عاد يجدي نفعاً (..) في المرة الماضية رشوا مبيدات وجاء الصليب الأحمر ووثّق الأضرار لأنه أشرف على عودتنا كمزارعين للمناطق المحاذية للحدود".
وكان وائل ثابت، مدير عام "الادارة العامة لوقاية النبات والحجر الزراعي" قال في تصريح صحفي بعد رش المبيدات قبل أيام إن رذاذ المبيدات الإسرائيلية يصيب المحاصيل الفلسطينية كونها غير مغطاة ويضرّ بها.
وأضاف:" تتكرر عمليات الرش منذ عامين، وكان آخرها في نوفمبر 2016، وفي يناير الماضي ما ألحق أضراراً بالحقول الفلسطينية، وتسبب بخسائر للمزارعين بشكل واضح".
أضرار متكررة
قبل خمس سنوات انتقل زكريا من شمال غزة للعيش في مدينة دير البلح وبدأ عمله كمزارع في أكثر المناطق قرباً من السلك الفاصل شرق منطقة أبو حمام.
منذ رشت طائرات الاحتلال مبيداتها فوق حقله تردد المزارع غالية ثلاث مرات على الحقل لتفقد ما يمكن إنقاذه لكنه وجد ثمار ونباتات الكوسا نفقت عن آخرها في حين يعزي نفسه بصمود الجزء المزروع بالملفوف الذي صمد بشكل كبير.
ويتابع:"دمر الاحتلال في حرب غزة الأخيرة كامل ممتلكاتي ومزروعاتي فخسرت 50 ألف دولار واليوم رغم حالة الهدوء الحذرة يأتي العدوان من طائرات الاحتلال الزراعية التي تعمّدت هذه المرة توزيع المبيدات فوق حقلي وحقول أخرى مجاورة".
ويبدو زكريا حائراً في جدوى العودة لزراعة الحقل بنوع جديد من الخضراوات التي تعيل أسرته المكون من (12) فرداً بالرحلة القادمة لطائرات الاحتلال الزراعية تحمل معها مزيداً من الخسارة التي تحلّ من فوق دون استئذان.
اختتمت مقابلتي مع زكريا الذي بدا شاكاً في جدوى النشر أو التوثيق عن خسائره الزراعية خبرةً من زيارتين سابقتين لباحثين ومؤسسات حقوق الإنسان التي تكتفي بالتوثيق في حين يرغب هو في زيارة جهة معتمدة تعوّضه عن خسارته.