الرسالة نت - رامي خريس
"تغيب السياسة وكذلك الدبلوماسية أحياناً لحظة التشدد والعناد" هكذا يبدو موقف القاهرة إزاء الملف الفلسطيني، التي اتجهت لاتخاذ مواقف سياسة متشككة من حركة حماس بعد فوزها في انتخابات عام 2006، وازداد موقفها تعنتاً بعد الحسم في 2007، وذلك رغم رعايتها ملف المصالحة الذي تعثر وواجه الكثير من المطبات بسبب عدم حياد السلطات المصرية ووقوفها إلى جانب طرف على حساب الآخر.
القاهرة ومنذ بدء الحصار اتخذت موقفاً سلبياً تجاه غزة بل وساهمت إلى حد كبير في زيادة معاناة الغزيين وكان يكفي منها أن تقرر فتح معبر رفح كليا وبذلك تنتهي معاناة غزة وأهلها ، ولكنها اتجهت لإغلاق المعبر وفتحه في حالات معينة وفي أوقات محددة وتعود لإغلاقه مرةً أخرى بحجج مختلفة تارة يقولون أن القائمين في الطرف الآخر (يقصدون الحكومة في غزة) غير شرعيين ومرة أخرى يقولون أن هناك اتفاقاً دولياً بشأن المعبر .
ومع ذلك فإن المراقبين أشاروا إلى أن القاهرة تتخذ من المعبر سيفاً تضعه على رقبة حركة حماس لانتزاع تنازلات سياسية لصالح سلطة فتح.
ليس هذا فحسب بل صارعت ليبقى ملف المصالحة بيدها وتحركت ضد كل من يحاول التدخل فلم تسلم دول وجهات عديدة من السياسة المصرية التي وقفت بالمرصاد لكل من يحاول التدخل في الملف الفلسطيني ، فهي تريد أن تفصل مصالحة وفق مقاسات معينة ، فلا تريدها واسعة أو ضيقة و"إنما فقط تحشر تلك المقاسات حركة حماس ، وفضفاضة لحركة فتح ولكنها لا يمكن أن تكون مناسبة للخروج باتفاق يكون في صالح الطرفين بحسب المقاسات الفلسطينية ، وإنما وفقاً للتقليعات الجديدة التي تفضل موضة الجينز الأمريكي.
ومقابل ذلك وقفت حماس صلبة فرفضت سياسة الضغط والابتزاز وأصرت على ملاحظاتها على الورقة التي وضعتها القاهرة أساساً لاتفاق المصالحة ، ومع الوقت وفشل سياسة الحصار التي راهن عليها الكثيرون ، لانت حركة فتح - بحسب ما تشير بعض المصادر- وقبلت بملاحظات حماس ، ومع ذلك رفضت القاهرة ذلك ، هذا ما أكدته المصادر ، وهو ما يثير استغراب المراقبين فلأول مرة يتحول الوسيط إلى اتخاذ مواقف أكثر تشدداً من الخصم.
فالمعلومات التي رشحت حول تحركات المصالحة أشارت إلى مذكرة تفاهم بين فتح وحماس يسبق توقيع الأخيرة على الورقة المصرية كما هي ، على أن تكون المذكرة التي يسميها البعض بـ"الوديعة" جزءا من الاتفاق الشامل .
وتشير المصادر إلى تحمل الدبلوماسية المصرية وزر الانكفاء ، فقد ظهر الوزير أحمد أبو الغيط ، معبراً عن موقف القيادة المصرية الرافض لفكرة "مذكرة التفاهم" أو "الوديعة" ، مشترطاً هذه المرة توقيع الورقة المصرية كما هي ، ومن دون ملاحق أو ودائع أو بروتوكولات إضافية ، وبكثير من التصرفات التي تحيل الوسيط إلى جزء من المشكلة وسبب في استمرارها وتفاقمها .
وموقف القاهرة السلبي ليس فقط في موضوع المصالحة بل إنها أحياناً تبدو متعنتة في إبقاء الحصار أكثر من دولة الاحتلال ولا تأبه حتى بالتحرك الدولي وتداعياته .
فالحكومة الإسرائيلية تحاول التحايل وتضليل الرأي العام الدولي بالقول انها تتجه لتخفيف الحصار وإدخال سلع جديدة ، أما القاهرة التي فتحت معبر رفح بشكل جزئي بعد مجزرة أسطول الحرية فلا تزال تقول أنها لن تفتح المعبر بشكل كلي كما أن بعض المصادر المصرية تلمح إلى إمكانية إعادة إغلاق المعبر لأنهم بحسب ادعائهم فالحالات الإنسانية عبرت كلها ولم يبق هناك حاجة لاستمرار فتح المعبر.