ما الهدف من تشجيع (إسرائيل) على إقامة محطات تحلية مياه بالقطاع؟

صورة توضيحية
صورة توضيحية

الرسالة نت - محمد جاسر

لا شك أن دول العالم وخاصة الاحتلال (الإسرائيلي) تعرف أن هناك أزمة مياه صالحة للشرب في قطاع غزة، حيث وصلت تلك النسبة إلى 96% وهي غير صالحة للاستخدام الآدمي وخصوصًا أغراض الشرب.

وتحاول (إسرائيل) الهروب إلى الأمام من خلال إزالة المسئولية عن عاتقها للهروب من الاستحقاقات القانونية والحقوقية المائية الخاصة بقطاع غزة، حيث تتنصل (إسرائيل) من التزاماتها بقضايا المياه التي وقعت عليها، وفق المادة الأربعون من اتفاقية أوسلو2 لعام 1995م.

وفي اتفاقية أوسلو الثانية تضمنت المادة الأربعون (اتفاقية المياه والمجاري) الأساس الذي سيتم عليه وضع الخطط الخاصة بقطاع المياه وتنفيذ المشاريع أثناء المرحلة الانتقالية إلى حين التوصل إلى تسوية نهائية في مفاوضات الحل النهائي.

وتحاول (إسرائيل) تشجيع الدول المانحة على بناء محطات تحلية مياه البحر على طول الساحل في قطاع غزة، وذلك في ظل أزمة مياه "شديدة" تعصف بدولة الاحتلال وكذلك أراضي الضفة الغربية المحتلة في الوقت الحالي.

وكان ما يدعى يوآف مردخالي منسق نشاطات الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، قد حذر من الضخ المبالغ فيه من المياه الجوفية على مدار السنين في قطاع غزة.

وبحسب تقرير نشره موقع "i24" (الإسرائيلي)؛ فقد أكد مردخاي أن 96 بالمئة من المياه التي يتم استخراجها من الآبار الارتوازية في القطاع "لا تصلح للشرب".

وفي هذا السياق، قال الخبير المختص في الشأن المائي الفلسطيني، البروفيسور يوسف أبو مايلة إن "الكمية التي يحتاجها سكان قطاع غزة 200 مليون متر مكعب، في حين تصل كميات المياه المتوفرة 55 مليون متر مكعب، وهذا لا يكفي الفلسطينيين بأي حال من الأحوال".

وأوضح أبو ميالة خلال حديثه لـ "الرسالة نت"، أن هناك نسبة كبيرة في المياه ملوثة والسبب الرئيسي في تلويثها مياه الصرف الصحي، والعائد من مياه الزراعة وأخص بالذكر من المناطق الشرقية للقطاع.

ونوه أن مياه البحر قد تقدمت بشكل كبير 5-6 كلم داخل المياه الجوفية في القطاع، مشيرًا إلى أن الفحص الفيزيائي لمياه الآبار أكدت بأن تلك المياه لا تصلح للاستخدام الآدمي بتاتًا.

ولكنه استدرك بالقول" مشكلة الاحتلال الأساسية تزويد غزة بمصدر مائي من خارج القطاع، في ظل وجود حقوق "ضائعة" حيث هناك طبقة مشتركة في داخل الأراضي المحتلة لا يزودها الاحتلال للقطاع".

وأضاف "المفترض تأتينا المياه من الطبقة المشتركة، لكن الاحتلال لا يعترف مطلقًا بحقوقنا المائية، وفي حال تزويد القطاع بالمياه يكون مقابلها أموال"، مبينًا أن سعر كل لتر مكعب تتراوح 3 شيكل فقط.

محطات التحلية

وفي ذات السياق، أشار أبو مايلة إلى أن هناك حل واحد فقط لحل مشكلة المياه في القطاع وهو "إقامة مشاريع محطات تحلية مياه البحر في القطاع وهذا ما تدعمه (إسرائيل) في الآونة الأخيرة".

وتابع "حسب وجهة نظر الاحتلال فإن تحلية المياه ستزيل عن ثاقلها مشكلة المياه الصالحة للشرب في القطاع، وبالتالي تعتمد غزة على محطات التحلية، مثل أي دولة عندها عجز مائي وعندها في الوقت ذاته بحر".

وبين الخبير المختص في الشأن المائي الفلسطيني أن كمية المياه المتوافرة في القطاع حوالي 100 مليون متر مكعب للاستخدام العادي فقط، والجزء الباقي تقريبا 55 مليون متر مكعب للزراعة والصناعة والخدمات المنزلية.

ورأى أن الحل لتلك المشكلة هو إنشاء المزيد من محطات التحلية في القطاع، مستدركًا بالقول "حاليا توجد محطتان بغزة الأولى في مدينة دير البلح بالوسطى وتورد 5 ملايين متر مكعب من المياه، والأخرى في منطقة القرارة وتغطي نفس العدد".

وأضاف "في حال إنشاء المزيد من محطات التحلية ستغطي الكمية المطلوبة وهي 55 مليون متر مكعب على الأقل".

ونوه إلى أن (إسرائيل) تبيع لسكان القطاع حوالي 4,5 مليون متر مكعب، لكن بعد العدوان الأخير على القطاع منتصف 2014م، مارست مؤسسات دولية ضغوطات "هائلة" على دولة الاحتلال فزادت الكمية إلى 10 ملايين متر مكعب.

وأشار أبو مايلة إلى أن المناطق المستفيدة من هذه الكمية، التي تضررت خلال العدوان الأخير على المناطق الشرقية للقطاع.

ونوه إلى أن محطات التحلية من البحر الأبيض المتوسط مشروع استراتيجي يجري العمل فيه، مشيرًا إلى أن هناك مشروعا آخر ينفذ على قدم وساق وهو قناة البحرين الذي يربط البحر الأحمر بالبحر الميت، واصفا إياه بـ "المشروع الضخم".

ونوه إلى أنه بعد إنجاز مشروع قناة البحرين ستزود الضفة الغربية وقطاع غزة بسعر منخفض، وبدعم من المؤسسات الدولية التي تساعد في بناء البنى التحتية للأراضي الفلسطينية.

ورأى أن هناك مشكلة كبيرة ستواجه سكان القطاع في حال بناء محطات التحلية وهي الكهرباء، مضيفًا "أزمة المياه مرهونة بثلاث نقاط الاحتلال، والتمويل والكهرباء".

وذكر أن النقطة الأولى لأزمة المياه هي "الاحتلال والانقسام السياسي، وبينما النقطة الثانية التمويل حيث يكلف بناء مشروع محطات التحلية مبالغ ضخمة، قائلاً "نحن لسنا دولة بترولية، كما أن الأزمة القديمة الجديدة المتمثلة في الكهرباء لضمان عمل المحطات على مدار الساعة لإخراج الكميات المطلوبة تشكل معضلة أمام أي مشاريع مائية".

وقد حذرت سلطة المياه من تداعيات الأزمة المائية الحادة في قطاع غزة، خاصة في ظل أزمة الكهرباء المزمنة التي يمر بها القطاع منذ سنوات، ما يشكل عائقا أمام تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي بشكل ملائم بما يضمن تعزيز خدمات المياه لسكان غزة البالغ عددهم أكثر من 1.8 مليون نسمة.

وشددت سلطة المياه على أن الأزمة الراهنة وعدم ملاءمة البنية التحتية لمرافق المياه تهددان الصحة العامة وحياة السكان في قطاع غزة والبالغ عددهم 1.8 نسمة وزيادة، لذا فإنه من دون تدخل عاجل وفوري فإن الضرر الذي سيلحق بمصادر المياه الطبيعية في غزة سيكون غير قابل للإصلاح.

 

البث المباشر