ابان حكمها..حماس تسجل أهدافا في مرمى الخصوم

المدلل: لم تعط الفرصة الحقيقية لتنفيذ برنامجها السياسي

أبو شرخ: صمودها أمر مهم لأن فشلها يعني فشل النموذج الإسلامي

الزعاترة: نجحت جزئيا في الجمع بين السلطة والمقاومة

رزقة: التجربة عززت فكرة النظام والقانون في النظرية والتطبيق

دراسة: نموذجها الإصلاحي والتغييري اصطدم بتحديات

الرسالة نت -فادي الحسني

مثلت تجربة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الحكم، نموذجاً مختلفاً عن غيرها من الحركات، على اعتبار أنها تولت مقاليد الحكم في بيئة إحتلالية ووسط تحريض داخلي وعزلة سياسية دولية، وتواطؤ عربي.

أربع سنوات قضتها حركة حماس في (السلطة) - عقب فوزها الكاسح بالانتخابات التشريعية - ، مرت خلالها بمراحل مختلفة، بدءًا بالتحريض ومؤامرات الإطاحة بها، مرورا بعملية الحسم العسكري، والبحث عن منافذ لتلبية احتياجات المواطنين، ثم محاولة "إسرائيل" إفشال حكمها في غزة عبر العدوان الصهيوني الذس سمي "الرصاص المصبوب"، وليس انتهاءً بالهبات الشعبية العربية والدولية المنادية برفع الحصار الاقتصادي والسياسي عن القطاع.

"الرسالة نت " رصدت أبرز المحطات في تجربة "حماس"، واستمعت لآراء أصحاب الرأي والفكر حول تقييمهم لتجربة الحكم التي مرت بها الحركة، وأبرز انجازاتها وإخفاقاتها.

*استعادة الأرض

"حماس" كحركة إسلامية لها أيدلوجيتها النابعة من قناعتها بحتمية استعادة كل فلسطين، وذلك عبر انتهاج المقاومة سبيلا لتحرير الأرض المحتلة منذ عام 1948.

وورد في المادة الحادية عشرة من ميثاق "حماس" عام 1988، أن فلسطين هي أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو ملك أو رئيس، ولا تملك ذلك منظمة أو كل المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية.

وفي المادة الثالثة عشر من ميثاق حركة حماس، فإن وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية، تتعارض مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، "فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين".

وتعتبر تجربة حماس في الحكم التجربة الثالثة لوصول حزب ذي توجه إسلامي سني للسلطة، بعد الجزائر والسودان.

وجاء فوز حماس الإسلامية، في الانتخابات التشريعية، كصاعقة هزت أركان السلطة التي ترأستها حركة "فتح" منذ اتفاق أسلو عام 1993، وساء صيت قادتها الذين اتهموا بالفساد، كما أن الفوز فاجأ المجتمع الدولي أيضا، الذي يصنف حماس على قائمة الإرهاب.

وفي استعراضه للأسباب التي أدت لتفوق الحركات الإسلامية في الانتخابات، وعلى رأسها حركة حماس، قال الكاتب المصري محمد جمال عرفة :" غالبية الأحزاب الإسلامية رفعت شعارات إصلاحية خلال خوضها للانتخابات"، مشيرا إلى أنهم سعوا (أي الأحزاب الإسلامية بما فيها حماس) لمحاربة الفساد والتكافل الاجتماعي.

وأضاف عرفة:  "مواجهة حالة التبعية والرضوخ للغرب، كان أحد مآخذ حماس على حكومات فتح السابقة واتهامها برهن إرادة الشعب الفلسطيني بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية وبالتالي التخلي عن ثوابت القضية، بل إن هناك تحليلات اعتبرت أن انتخاب حماس هو اختيار لخيار المقاومة الذي جرى التخلي عنه".

عززت النظام والقانون

وخاضت حركة "حماس" خلال أربع أعوام تجربة الحكم؛ التي رأى فيها د.يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية، أنها عززت فكرة النظام والقانون في النظرية والتطبيق، وجعلت المشاركة السياسية عنوانا في النظام السياسي والمشاركة السياسية وأعادت للمجلس التشريعي هيبته.

وأضاف رزقة  في ورقة عمل تقييمية قدمها في وقت سابق "أن حالة الفلتان الأمني كانت فرعا من حالة الانفلات السياسي، وأن هذه الحالة المنفلتة والضارة لم تكن ستزول دون مشاركة حماس في الحكم".

وعانت الأراضي الفلسطينية من ظاهرة الفلتان الأمني غير المسبوق، قبل خوض حماس الانتخابات، وخلال عام كامل من توليها مقاليد الحكم، لولا تنفيذها الحسم العسكري في منتصف يونيو/ حزيران 2007، واضعة بذلك حدا لتلك الظاهرة التي أرقت المواطن لسنوات.

المحللون السياسيون أيضا اتفقوا مع وجهة نظر رزقة؛ حيث رؤوا أن حماس حققت انجازا أمنيا كبيرا في قطاع غزة , لكن تحديات كبرى عرقلت تنفيذ برنامجها السياسي.

ومن الصعب تقييم تجربة حركة حماس –من وجهة نظر د.وليد المدلل أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية-على أساس أن حماس لم تعط الفرصة الحقيقية لممارسة الحكم وتنفيذ برنامجها الذي دخلت على أساسه الانتخابات التشريعية.

وقال المدلل: "ما فرض من حصار صهيوني وتدخل أجنبي يجعل تقييم عمل حماس أمرا صعبا وتحفه محاذير"، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أنها استطاعت أن تحقق انجازا أمنيا، وذلك مشهودا من خلال حالة الهدوء الذي يعيشها القطاع.

وأشار إلى أن هناك إنجازا سياسيا تمثل في بقاء حماس أمينة على برنامجها السياسي، ولم تقدم تنازلات ولم تتخل عن الثوابت والحقوق، رغم الضغط الكبير الذي تعرضت له "والذي قد لا تصمد أمامه دول" كما قال.

ويوافق المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، سابقه، حيث اعتبر أن الانجاز الذي يحسب لحركة حماس خلال تجربة الحكم هو تمسكها بالثوابت الفلسطينية، رغم ما واجهته من حصار مطبق وعزلة سياسية دولية، مبينا أن هذا الموقف دفع الجماهير للالتفاف حول حركة حماس.

وأوضح أبو شرخ أن "إسرائيل" لعبت على وتر إسقاط حماس ومحاولة تضليل الرأي العام وخلق الفتن لإثارة الشعب ضدها، لكنها فشلت، "وصمدت حماس في وجهة حرب الإبادة التي مورست ضدها، وأصبحت "إسرائيل" في مأزق عالمي وهي اليوم مرغمة على فك الحصار عن غزة"وفق قوله.

وقال :"الموقف الصلب لحماس وتمسكها بمبادئها جعل أوروبا بشكل خاص والداخل الإسرائيلي والعالم بشكل عام، يدفعون باتجاه محاورتها ورفع الحصار عن غزة (..) فشل حماس يعني فشل النموذج الإسلامي، وبالتالي صمودها أمر مهم".

ولفت أبو شرخ إلى أن حماس نجحت في محاربة ظاهرة التخابر مع الاحتلال، وكذلك محاربة آفة المخدرات ومروجيها، إضافة إلى فرض حالة أمنية مستقرة، وقال:"هذه كلها إنجازات تحسب لحركة حماس".

*نجاح جزئي

أما الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، فاعتبر أن حماس نجحت جزئيا في الجمع بين السلطة والمقاومة، وقال: "لو سيطرة حماس على الضفة لوجدت نفسها في مأزق لأن الضفة مستباحة من الاحتلال والسلطة صممت لخدمة الاحتلال، لكن في قطاع غزة الوضع مختلفا لأنه لا وجود للجيش الإسرائيلي فيه، ويستطيع السياسي في حماس أن يقول كلمته والمقاوم يستطيع أن يحتفظ بسلاحه".

ولم ينكر الزعاتره انجاز حماس على المستوي الأمني والذي يتعلق بالقضاء على ظاهرة الفلتان الأمني، رغم استهداف الحركة داخليا وخارجيا، مشيدا بصمودها ومواجهتها لعملية "الرصاص المصبوب" التي شنها جيش الاحتلال مطلع العام 2009، بزعم إسقاط حكمها واستعادة الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية "جلعاد شاليط".

كما أشاد بعدم تقديمها تنازلات سياسية وعدم الاستجابة لمطالبة الرباعية الدولية المنادية بضرورة الاعتراف بما يسمى "إسرائيل" ونبذ العنف، والتخلي عن السلاح.

وعلى صعيد إدارة الشأن الداخلي، رأى الزعاترة أن هناك إدارة متسامحة إلى حد ما مع المواطنين، وقال :"هذا يسجل لحماس(..) ربما هناك بعض السلوكيات الشاذة ولكن تم تجاوزها، ولم تحاك حماس نموذج طالبان كما ادعى البعض".

وأضاف "على المستوى الأمني، فالقضية فيها قدر من المبالغة والبعض يفسر الأمر على أنه خوف"، معبرا عن اعتقاده بوجوب تخفيف القبضة الأمنية في غزة.

في الوقت ذاته وصف الزعاترة تجربة حماس بـ"الجيدة"، مشيرا إلى أن الحركة اضطرت للقبول بتهدئة مع الاحتلال لأن كلفتها كبيرة بشرياً "لكنها لا تزال تحتفظ بالمقاومة، على عكس ما يجري في الضفة من تصفية للمقاومة".

وورد في دراسة، أنه من غير الممكن عملياً أن تمزج حركة حماس بين السلطة والمقاومة.

وقالت الدراسة الصادرة عن مركز الزيتونة للأبحاث والدراسات، والتي حملت عنوان "قراءات نقدية في تجربة حماس وحكومتها"، "الفرضية التي بنت عليها قيادة حماس مشاركتها في الحكومة عبّرت عن قصور في إدراك حجم التناقض الذي ينطوي عليه هذا القرار، أو عن مبالغة في تقدير استيعاب برنامج الحركة لهذه المعادلة شبه المستحيلة".

في ذات الصدد قال المستشار رزقه "هناك أصوات تعود للوراء وترى أن ترك الحكومة والحكم أولى من البقاء فيه وذلك لاعتبارين أساسيين هما: "أننا في مرحلة تحرر وطني وتقرير مصير، وطبيعة هذه المرحلة تتناقض مع مرحلة الحكم لاسيما وأن مرحلة الحكم التي نسميها (السلطة) هي الشريك الإسرائيلي الذي أرادت به "الصهيونية" إخراجنا من مرحلة التحرر ومقتضياتها وقد نجحت في مشروعها نجاحاً كبيراً".

ثانياً: " مرحلة الحكم تقتضي المسؤولية الكاملة عن الشعب الفلسطيني وتوفير كافة مستلزمات الحياة له والدفاع عن مصالحه ومواجهة العدوان والاستيطان الإسرائيلي المتواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأوضح رزقة أن هذا الأمر يتعذر القيام به في ظل سيطرة "إسرائيل" على المعابر والمال والحدود والاقتصاد وفي ظل انحياز عربي وانحياز أمريكي غربي للاحتلال.

وخلصت الدراسة التي شارك في إعدادها عشرون باحثا ومتخصصا في الشأن الفلسطيني- إلى أن حركة حماس حققت شرعية شعبية لنفسها ولبرنامجها في المقاومة من خلال فوزها بأغلبية مريحة في الانتخابات، إلا أن النموذج التغييري والإصلاحي الذي أرادت تقديمه اصطدم بتحديات الصراع الداخلي وحقائق الاحتلال الصهيوني، وبالحصار الدولي الظالم والخانق والضعف العربي والإسلامي.

*إخفاقات

ويسجل المحللون السياسيون، الذين حاورتهم "الرسالة نت " مآخذ مختلفة ومتباينة على تجربة حركة حماس في الحكم، كما سجلوا بعض الإخفاقات أيضا.

ويرى المدلل أن أحد أبرز التحديات التي تواجه "حماس" هو استمرار حالة الانقسام السياسي الحاصل في الأراضي الفلسطينية، "وإن كانت حماس قد قدمت تنازلات وليونة، من أجل رأب الصدع كما تقول".

ولا يمكن الحديث عن انجاز خدماتي قدمته حماس-وفق المدلل- خاصة أن هناك أزمات مختلفة يعيشها قطاع غزة، أبرزها أزمة الكهرباء، محملا الحركة جزءا من المسؤولية بحكم وجودها في مستوى إداري، في حين أنه حمل المسؤلية الكبرى لكل من سلطة فتح والاحتلال.

واضطر الغزيون للبحث عن منافذ لتلبية احتياجاتهم في ظل إغلاق "إسرائيل" للمعابر، أما حماس فاعتبرتها خيارا وحيدا أمام الشعب الفلسطيني المحاصر.

وأنعشت الأنفاق الحركة الاقتصادية في أسواق القطاع، كما أسهمت بعض الشيء في تحريك عجلة البناء المعطلة منذ عدة سنوات.

وتحدث أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية عن "صمود متذبذب" كما اسماه، نابع من عدم وجود إعلام مضاد لدى حماس، يستطيع دحض الإشاعات التي أثيرت كموضوع فرض الحجاب وفرض الضرائب وغيره، مع تأكيده على أن حماس حرصت على تبيان وجهة نظرها في مثل هذه المواقف.

واعتبر المدلل أن ما يدور من حديث حول كسر الحصار السياسي، أمرا غير موجود، "لأن الحصار السياسي لا يزال قائما، وأن ما يجري من زيارات في مجملها تهدف لجس نبض حركة حماس ولا تعبر عن موقف سياسي رسمي" على حد قوله.

أما المحلل السياسي أبو شرخ، فاعتبر حماس قد أخطأت عندما تعاملت بردات فعل مع ملف الاعتقال السياسي الجاري في الضفة الغربية، وعملت على قمع الحريات.

وقال أبو شرخ: "حماس تصرفت بردات فعل نتيجة القمع الحاصل في الضفة الغربية، وهذا ليس مطلوبا من النموذج الإسلامي على الأقل فيما يخص حقوق الإنسان"، متابع حديثه: "أنا لا أتفهم قمع الإنسان (..)يجب العمل على كسب الناس واحتضان الجميع لأن برنامج حماس هو الحفاظ على الثوابت والوحدة الوطنية".

وطالب في السياق نفسه حركة حماس والحكومة الفلسطينية في غزة، بتحسين الأداء المتعلق بحقوق الإنسان.

في موضوع آخر، أخذ المحلل السياسي على حماس، إرسالها رسائل للإدارة الأميركية، بهدف كسر العزلة السياسية، والتي وصفها بأنها لم تفتح أية أفاق وذهبت إلى "سلة المهملات الأميركية".

وقال أبو شرخ: "حماس أرسلت رسائل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، وللأسف لم يجر النظر إليها (..) أميركا ضد النموذج الإسلامي وهي منحازة للاحتلال انحيازا واضحا، وعلى حماس ألا تتعامل معها".

ووصف حركة حماس بـ"الخيمة الأخيرة" في النضال الفلسطيني، "لو فككت هذه الخيمة سنمر بمرحلة خطيرة"، معتبرا أن حماس ينقصها الخبرة السياسية في التعامل مع الإدارة الأميركية.

غير صائبة

وإلى حد كبير تتوافق وجهة نظر الكاتب الزعاترة مع سابقه، حيث رأى أن لغة "حماس" السياسية التي استخدمتها خلال أربعة أعوام من الحكم، لم تكن صائبة، خاصة فيما يتعلق باستمرار الحديث عن القبول بدولة على حدود 1967.

وعبرت حماس صراحة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية، وفي أكثر من محفل، عن قبولها بدولة على حدود 1967.

ويعتبر الزعاترة استمرار الحديث حول هذا الموضوع، يجعل حركة حماس تقترب في خطابها من خطاب حركة فتح، وسيجعل المحبين لحماس متخوفين من تكرار ما جربته "فتح".

وقال: "في خطاب حماس تماسك معقول بالموقف السياسي القائم على الحفاظ على الثوابت، ولكن تجربة "فتح" تقول أن هذا التماسك لا يطمئن".

على نحو متصل شدد الزعاترة على ضرورة ألا يشكل تحقيق الاختراق الدولي، هاجسا لحركة حماس، خاصة أننا أمام احتلال ولأن غزة ليست دولة وتمثل 6% من الأراضي المحتلة عام 1967.

كما شدد على ضرورة ألا يُعتقد أن الفلسطينيين يعيشون في دولة وبحاجة إلى اعتراف دولي بها، "لأننا بذلك نكون قريبين من تكرار أخطأ حركة فتح" حسب قوله.

وحمل الزعاترة، وجهة نظر متماثلة مع وجهة نظر المدلل، في اعتبار أن الزيارات التي يقوم بها وفود غربية لقطاع غزة، الغرض منها استدراج حركة حماس ودفعها نحو التنازل، ولا تهدف إلى كسر العزلة السياسية المفروضة على الحركة.

ولم يدعم الكاتب الزعاترة فكرة عودة حركة حماس مجددا للانتخابات، ويقول: "يجب على حماس أن تقول للشعب الفلسطيني إنها خاضت تجربة الانتخابات وفق رؤية معينة ولكنها اكتشفت أنها خاطئة، لأن خوض الانتخابات والمسدس الإسرائيلي مسلط على رأس الشعب الفلسطيني، أمر غير مقبل".

وطالب الحركة بضرورة قلب الطاولة في وجه مسار التسوية والمفاوضات، وأن تعلن المقاومة ومعها كل الأطراف التي تؤمن بهذه الفكرة، لثبوت تجربة عبثية المفاوضات.

وجرى الإشارة في دراسة "قراءات نقدية في تجربة حماس وحكومتها" إلى أن المطالب الدولية ستبقى مرفوعة في وجه حماس، ما سيجعلها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التخلي عن إستراتيجيتها بشكل تدريجي وتحت عباءة حكومة وحدة وطنية كي لا يبدو التغيير سافراً، أو العودة إلى المقاومة لتحسين شروط التفاوض.

وحسب الدراسة المقدمة، فأنه في خضم الصراعات والضغوط والضربات التي كانت تأتي من كل جانب، "لم تستطع حماس تنفيذ برنامجها الإصلاحي، كما تعرّض أداؤها الحكومي للعديد من الانتقادات، ووجِّهت الكثير من الأسئلة عن مدى واقعية حماس في التقدم لقيادة سلطة تعمل تحت الاحتلال، أو عمل برامج إصلاحية في بيئة لا تملك فيها مفاتيح القرار الحقيقي ولا التغيير على الأرض".

وتجدر الإشارة إلى أن حركة حماس كسبت بعض التأييد العربي، خلال وجودها في السلطة، والمتمثل في تطور علاقاتها الإقليمية، خصوصا مع قطر وسوريا ولبنان وإيران وتركيا.

وفي هذا الإطار يشير المستشار رزقة إلى أنه لم يكن لدى حركة حماس أيً من العلاقات الإقليمية والدولية قبل مشاركتها السياسية وكانت تلك العلاقات حكرا على بعض الأطراف، لافتا إلى أن اتفاق مكة يعتبر نموذجا على تقدم حماس في علاقاتها الإقليمية والدولية، وأن تجربة الحكم قفزت بحماس إلى الساحة الإقليمية وجعلتها طرفا منفذا للسياسات وأصبحت تقدر على إحباط قرار الآخرين.

أما الدراسة الصادرة عن مركز الزيتونية، فقد أشاد بتعامل حماس مع الدول العربية، موضحا أن الحركة تعاملت بحكمة مع الأنظمة العربية، ولم تطلب من محيطها العربي سوى ما يمكن التجاوب معه.

وبهذا يسجل لحماس خلال أربع سنوات من عمر حكمها، أنها لعبت وناورت وسجلت بعض الأهداف في مرمى الخصوم، رغم أنها لم تعط الفرصة الحقيقية لتنفيذ برنامجها الإصلاحي.

 

 

البث المباشر