منذ أن علا صوت الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" معلناً تمكن كتائبه من أسر الجندي شاؤول أرون بحي التفاح، أثناء عدوان 2014 على قطاع غزة، مارست قيادة جيش الاحتلال التضليل والكذب على الرأي العام، وأعلنت أن الجندي قد وقع في قبضة المقاومة جثة هامدة، ثم أعادت قيادة الجيش (الإسرائيلي) الكرة بعد أن أقرت بوقوع الضابط هدار جولدن في الأسر.
طيلة الثلاثة أعوام الماضية لم تفلح قيادة الاحتلال بلجم غضب عائلتي "هدار وشاؤول" التي لم تستسلم لرواية الجيش بمقتل أبنائها قبل وقوعهم في الأسر، بينما أحكم القسام إغلاقه على قنوات المعلومات التي تكشف عن مصيرهم واختار مقابلها دفع الثمن، وبنفس الوقت استمر بتحريك النار بين العوائل والجيش من خلال بث الرسائل المبطنة.
وفجّر الفيديو الأخير بعنوان "حكومتكم تكذب عليكم" الذي نشرته الكتائب عبر موقعها الالكتروني، مساء الخميس الماضي أزمة بين جيش الاحتلال وأهالي المأسورين بعد ان أحسنت الأولى باختيار الوقت المناسب لبثه الذي جاء بعد ساعات من المشادات الكلامية بين عائلتي الضابط والجندي الإسرائيلي هدار غولدن، خلال جلسة في الكنيست الإسرائيلي حول مناقشة تقرير مراقب الدولة الذي يبرز إخفاقات الاحتلال خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وبالرغم من امتناع وسائل الإعلام العبرية التعاطي مع فيديو القسام، بناء على قرار قيادة الاحتلال بمنع نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها فشلت وانتشر بين الإسرائيليين كالنار في الهشيم، واتهم معظم الإسرائيليين حكومة نتنياهو بالتقصير، بإخفاء الحقائق بهذه القضية.
وشملت رسالة القسام فيديو غنائيا تضمن حوارا بين الجندين المأسورين وأماهما، وتتسألان فيه عن مصيرهما ويردان عليها بأن الحكومة تكذب عليكم وتضللكم حين تتحدث عن موتنا.
وعنون عدد من الكتاب والمختصين بالشأن الإسرائيلي فيديو القسام "بصراع الأدمغة" الذي تخوضه حماس مع حكومة نتنياهو من أجل الوصول إلى صفقة مشرفة.
وعلق الكاتب د. يوسف رزقة على شريط القسام وقال إنه جاء في مناسبة يوم الأسير الفلسطيني وإضراب الأسرى في السجون الصهيونية، لكي يخفف عنهم ويحيي لديهم أملًا في الحرية، والمناسبة الثانية هو لقاء نتنياهو وأعضاء في الكنيست بعائلة هدار وشاؤول.
وأضاف رزقة "إن ما تبحث عنه العوائل هو الحرية لأبنائهم وضرورة أن تتحمل الحكومة المسئولية، حيث تتهم العائلات الحكومة بالتقاعس، قائلة إنكم أرسلتم أبناءنا للمعركة، وعليكم استرجاعهم، وهذا واجب من واجبات عمل الحكومات عادة، وهو مطلب طبيعي".
وأكد أن الحكومة الإسرائيلية تطلق مصطلح (جنود مفقودين) على الأسرى، بما يوحي أنها ليست لديها معلومة واضحة هل هم ضمن الأحياء أم ضمن الأموات، أي أنها تبحث عن إشارة حياة، والقسام ألقى حجرا في المياه الراكدة، عسى أن يحقق صفقة تبادل مناسبة بشروط القسام.
وأكد حسام الدجني المحلل السياسي بأن الصور والفيديوهات والرسائل التي تقوم كتائب القسام بإطلاقها تباعاً بأشكال ووسائل مختلفة تتقاطع جميعها بأن الجنديين شاؤول أرون وهدار جولدن حيان وفي أسوأ الأحوال أحدهما مقعد.
ويرى عدد من المحللين الإسرائيليين أن حماس تقوم بتحريك المياه الراكدة بملف الجنود المفقودين بغزة وبعثت سابقًا أكثر من رسالة بهذا السياق، في ظل عدم الاستعداد الصهيوني لقبول صفقة ضخمة على غرار صفقة شاليط.
وتبقي الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن المزيد من الصفقة المنتظرة بين القسام والاحتلال والتي لن تتوقف عند الضابط والجندي هدار وشاؤول، حيث بثت الكتائب رسائل أكدت فيها أن في قبضتها أكثر من أربعة جنود ينتظرون مصير الجندي شاليط الذي سبقهم بالخروج من قفص الأسر مقابل 1024 أسيرا فلسطينيا.