اكتنف الغموض مصير وزير الداخلية المصري الأسبق، حبيب العادلي، آخر وزير داخلية في عهد الرئيس "المخلوع" حسني مبارك، بعد تغيبه عن تنفيذ حكم نهائي بالسجن المشدد سبع سنوات، بعد إدانته بالاستيلاء على المال العام في القضية المعروفة إعلاميا بقضية "فساد وزارة الداخلية".
وجذب الانتباه ما أثارته لميس الحديدي، الإعلامية الموالية لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في برنامجها "هنا العاصمة"، عبر فضائية "cbc"، مساء السبت، حول القضية، وتساؤلها: هل هرب حبيب العادلي؟
واستنتجت الحديدي مما تردد من أخبار تفيد بأن العادلي لم يقدم على نقض الحكم الصادر بحقه حتى الآن، ما يؤشر على أنه لا يخضع لتنفيذ العقوبة بأحد سجون الدولة.
واتهمت أجهزة الأمن بأنها تتجاهل القبض على العادلي، برغم صدور حكم بسجنه سبع سنوات في القضية، مضيفة: "لم يأتنا رد من هيئة تنفيذ الأحكام حول: لماذا لم يتم القبض عليه حتى الآن؟ لتنفيذ الحكم".
وكشفت أنه لم يتم الطعن على الحكم حتى مساء السبت، وأن هذا الشخص (تقصد العادلي) مفروض أن إقامته محددة، وتساءلت: لماذا لم يُنفذ عليه الحكم؟ مبدية اندهاشها من ذلك.
والأمر هكذا، شدَّدت لميس الحديدي على أن الإحساس بالعدل ليس مجرد قانون، متابعة: "لا بد أن نشعر بأن سيف العدل يطبق علينا جميعا"، وفق قولها.
ومتفقا معها، قال أستاذ القانون الجنائي، الدكتور محمود كبيش، إن حكم المحكمة الجنائية، منذ صدوره، هو حكم واجب النفاذ ونهائي، لكنه قابل للطعن.
وأشار كبيش، وهو محامي رجل الأعمال المتهم بالفساد حسين سالم، إلى أنه لا يعلم أسباب عدم إيداع حبيب العادلي حتى هذه اللحظة في السجن؛ لتنفيذ حكم سجنه.
وأضاف، في مداخلة هاتفية مع لميس الحديدي، في برنامجها المشار إليه، أنه لا يعلم أسباب عدم تنفيذ الحكم حتى هذه اللحظة، خاصة أن حبيب العادلي محدد إقامته.
وأوضح أنه حتى لو قام العادلي بالطعن على الحكم، يجب عليه أن يخضع لتنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الجنائية، قبل أن يمثل أمام محكمة الطعن.
واستدرك بأنه طبقا لتعديلات بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، فإنه ليس بالضرورة حضور المتهم جلسات نقض الحكم إلا الجلسة الأخيرة الخاصة بالنطق بالحكم، مشيرا إلى أن المتهم إذا لم يحضر جلسة النقض ينتفي قبول الطعن.
نص الحكم
ويذكر أنه صدر حكم من محكمة جنايات القاهرة في 15 نيسان/ أبريل الماضي، بالسجن سبع سنوات على العادلي، وهو حكم واجب النفاذ، في ظل وجود العادلي تحت الإقامة الجبرية بموجب قرار من المحكمة صدر في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وبعد أن تسلمت نيابة وسط القاهرة الكلية صيغة ونص الحكم، وكلفت الأجهزة الأمنية بالقبض على العادلي، الموجود في فيلته بمدينة 6 أكتوبر قيد الإقامة الجبرية، بحسب حكم المحكمة، منذ سبعة أشهر؛ لتنفيذ الحكم الصادر ضده، لم تتلق حتى الآن أي إفادة بتنفيذ الحكم الجديد، واتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة، برغم قيام ثلاثة متهمين صادر ضدهم الحكم بتسليم أنفسهم، بحسب صحيفة "التحرير".
ونصَّ الحكم على السجن المشدد سبع سنوات لحبيب العادلي واثنين آخرين، في قضية الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام في وزارة الداخلية، والإضرار العمدي بالمال العام، وقضت بالسجن المشدد خمس سنوات لستة متهمين، والمشدد ثلاث سنوات لمتهمين اثنين، وانقضاء الدعوى لمتهمين؛ نظرا لوفاتهما.
كما قضت المحكمة بإلزام العادلي، ونبيل سليمان، وسمير عبد القادر، برد مبلغ 195 مليونا و936 ألف جنيه، وتغريمهم مبلغ 195 مليونا، و936 ألف جنيه.
كما ألزمت المحكمة المحكوم عليهم الأول "حبيب العادلي" والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني والثالث عشر، برد مبلغ 529 مليون جنيه، وتغريمهم 529 مليون جنيه، وعزل جميع المتهمين من وظائفهم، وتغريم المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، برد المبلغ وتغريمهم مبلغ 62 مليون جنيه.
وتضمنت قائمة الاتهام الموجهة ضد العادلي: الاستيلاء على المال العام، والإضرار العمدي به، بمبالغ قدرتها التحقيقات بمليار و800 مليون جنيه.
وترجع الوقائع التي استندت إليها المحكمة في قرارها إلى ممارسات فساد أثبتت التحقيقات تورط وزير الداخلية الأيبق و12 موظفا بالوزارة فيها، في الفترة من عام 2000 إلى 2011.
ووجه القاضي تهما للعادلي بالتوقيع على قرارات واستمارات صرف مكافآت للضباط وقيادات الوزارة، دون ذكر الجهة التي تم الصرف لها، مؤكدا أنه هو المسؤول الأول عن إهدار هذه الأموال بصفته أعلى قيادات الوزارة.
وبرأت محكمة مصرية العادلي في قضية أخرى كان يواجه فيها اتهامات بالفساد تتضمن استغلال النفوذ بشراء عقارات بقيمة 181 مليون جنيه مصري.
وكان مساعد وزير الداخلية، المتحدث الرسمي السابق باسم وزير الداخلية، كشف عن المكان الذي تم التحفظ فيه على العادلي، إبان ثورة 25 يناير 2011، قائلا إنه يوم 29 يناير 2011، تم إخراج العادلي من الوزارة في حراسة القوات المسلحة، وتم التوجه به إلى جهاز أمن الدولة بمدينة نصر.
وقال، في حديثه لبرنامج "يحدث في مصر"، عبر فضائية "إم بي سي مصر"، إنه عندما رأى العادلي يخرج من مكتبه ويدخل المدرعة، قال لنفسه: "احك يا تاريخ".
عربي 21