قائمة الموقع

"الرسالة" تروي قصة المناضل الإيراني الذي يعيش في غزة

2017-05-08T06:28:38+03:00
خانيونس-نور الدين الغلبان

ما إن تصل للمنطقة وتشاهده جالساً بقرب الحائط حتى يبدو لك كأي عجوز جار عليه الزمن، لكن عندما تقترب منه وتستمع لقصته وتقلب في دفتر ذكرياته ستشدك غرابة الحكاية وما وصل إليه حاله.

الثمانيني قاسم شياصي المعروف بـ"الايراني" عشق فلسطين وتعلق برجالها حتى ترك أهله وأطفاله في جمهورية إيران والتحق بركب منظمة التحرير في لبنان، ومن ثم انتقل إلى اليمن ليقاتل جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين.

الشياصي الذي رافق الرئيس الراحل ياسر عرفات وعمل كأحد مرافقيه في بعض الأوقات، لم يتوقع أن يصل به الحال حيث رائحة الموت والنفايات، وأن يتعرض للتهميش من قبل رفاق دربه الذين انتقلوا للعيش في القصور الفارهة متناسين جهوده ووقوفه مع الثورة الفلسطينية.

كان الطريق صعباً على "الرسالة" لتصل للمكان الذي يعيش فيه الشياصي وتلتقي به عن قرب ليخبرها قصته وحكايته، خاصة أنه يقع في منطقة نهر البارد غرب محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة.

يحيط بالمنطقة المنخفضة عن سطح باقي المناطق المحيطة والتي يصل عدد منازلها الى نحو 100 منزل ويبلغ عدد سكانها نحو 400 نسمة مكب للنفايات ومسلخ، يعدان مبعثا للروائح الكريهة، ومرتعا للزواحف والحشرات السامة.

وعن قصته يفتح الشياصي قلبه لـ "الرسالة" قائلاً:" كنت أعيش في بلدي الأصلي إيران، وكان لدي زوجة وأطفال، وكنت أعشق فلسطين لدرجة أني تركت أهلي وانتقلت إلى لبنان إبان الثورة الفلسطينية لأقاتل بجوارهم".

ويتابع بحسرة:" رافقت الرئيس الراحل ياسر عرفات في كثير من الأماكن وكنت في بعض الأحيان احد مرافقيه الشخصيين، ومن ثم انتقلت إلى جبهة اليمن مع عدد من الرفاق والثوار".

ومع قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994م فضّل شياصي القدوم إلى قطاع غزة مع المنظمة على العودة إلى وطنه ايران، موضحاً انه كان يعمل كعسكري في السجن المركزي بغزة وكان يعيش حياة جيدة جداً في ظل وجود الرئيس عرفات.

وتزوج شياصي من ثلاثة نساء وأنجب منهن عدة أبناء، ومع كبر سنه أنهى خدمته العسكرية وتقاعد في سن الستين ليتقاضى راتب التقاعد البالغ حوالى 2700 شيكل، منتقلاً للعيش في منطقة كيسوفيم بالقرارة شرق محافظة خانيونس برفقة زوجاته الثلاثة.

ويكمل الثمانيني قصته والدموع تسيل من عينيه الزرقاوين:" في حرب 2008 جرفت منزلي من جرافات الاحتلال المتوغلة في تلك المنطقة"، لافتاً انه لم يتم تعويضه من أي جهة لأنه إيراني وليس فلسطينيا، لينتقل بعدها للعيش بالايجار ومن ثم في هذه المنطقة.

ولم يتوقع شياصي الذي يتحدث بلهجة إيرانية غير مفهومة أن يصل به الحال حيث القمامة والتسول بعد أن كان يلقب بشمشوم الجبار، معرباً عن حسرته على سنوات عمره التي قضاها.

ويلفت أنه يعيش في مكان مأساوي لا يرقى للعيش الآدمي، خاصة أنه أجبر على القدوم إلى هذه المنطقة نتيجة عجزه عن دفع الايجار، ولسان حاله يقول:" أهذا هو مصير من ترك اهله وبلده من أجل فلسطين؟".

ولم يعد الإيراني يتحمل الفقر والمعاناة، مطلقاً صرخاته على جميع من في المكان نظراً للحالة السيئة التي يعيشها، مضيفاً:" أموت ولا أحد يشعر بي، لم اعد احتمل هذا الحال وهذا الوضع".

وبعد أن غزا الشيب رأسه وبدأت الأمراض تنخر جسده يطالب قاسم بالعودة إلى بلده الأم "إيران" من اجل أن يتلقى العلاج ويدفن في ترابها، مناشداً الجهات المعنية بمساعدته في حل قضيته وإرجاعه إلى حيث وطنه وأهله.

ويتمنى العجوز الثمانيني من السلطات الايرانية أن تنظر لابنها بعين الرحمة، منهياً حديثه بالقول:" أنا تعبت.. أريد أن أعود إلى بلدي وأهلي.. أنا مريض جداً".

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00