قال وصفي قبها القيادي في حركة حماس في الضفة المحتلة، إن انقساما فتحاويا حول دعم إضراب الأسرى عن الطعام في سجون الاحتلال بدأ يطفو على السطح في الفعاليات القائمة في مدن الضفة.
وأوضح قبها في حوار عبر الهاتف مع "الرسالة" أن تيارات فتح تختلف داخليا في تأييد إضراب الأسرى الذي يدخل يومه ال 25 على التوالي، إذ أن تيارا قويا يدعم البرغوثي الذي يقود الإضراب، فيما ترفض تيارات أخرى تابعة لعباس أو مركزية فتح أو على الأقل تتجاهل دعمه.
إضراب الأسرى
وعن التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، قال قبها الذي خرج من سجون الاحتلال قبل ثلاثة أسابيع بعد اعتقال دام عاما كاملا، إن الدعم الرسمي من القيادة الفلسطينية للإضراب "مخجل ومؤسف"، مشيرا إلى غياب القيادات والرموز الوطنية والفصائلية عن المشاركة في الفعاليات التضامنية.
وأوضح أن مشاركة الشعبية في الفعاليات وخيام التضامن غير كافية، بل تحتاج إلى تطوير ليصبح تحركا ملموسا في شوارع الضفة؛ ليشكل ضغطا على الاحتلال بشكل حقيقي.
وأكد على أن قضية الأسرى تمثل ملفا وطنيا لا فرق فيه بين فتحاوي وحمساوي، إذ يحمل هذا الملف بعدا قيميا ووطنيا في دعم أي أسير فلسطيني يخوض معركةً سواء فردية أو جماعية.
وأبدى قبها قلقه من أن يطول إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، مشيرا إلى أن الأسبوع المقبل مصيري من حيث الضغط الشعبي الداعم للأسرى، أو مرحلة الحسم من طرف الاحتلال لكسر الإضراب بالقوة.
الانتخابات المحلية
وفي ملف انتخابات المجالس المحلية، يوضح قبها أنه، يتوقع إقبالا ضعيفا على صناديق الانتخابات؛ نظرا لغياب المنافسة الحقيقة التي تنتج عن مشاركة حماس التي تتمتع بشعبية واسعة في الضفة.
دعوة حماس المواطنين للمشاركة في الانتخابات "موقف إيجابي"
وأكد أن حركة فتح تنافس نفسها في الضفة، حيث أن هناك قوائم محسوبة على فتح كتنظيم، وأخرى على شخصيات وتيارات، مشيرا إلى أبناء فتح سيصوتون لصالح الفئة الثانية؛ لمعاقبة قيادة الحركة على مواقفها، وسياساتها كما حصل مع غسان الشكعة في انتخابات محافظة نابلس السابقة.
وأوضح قبها أن هناك سخطا شعبيا ضد السلطة وحركة فتح، وهذا ما سيظهر على أرض الواقع في تجاهل الشارع الفلسطيني للانتخابات المقبلة، متوقعا ألا تتجاوز نسبة المشاركة 55 %، وكذلك توقع أن تحظى حماس بفوز كبير لو أنها شاركت في أي انتخابات بالضفة بما فيها المحلية.
وعن دعوة حماس المواطنين للمشاركة في الانتخابات، والتصويت لمن وصفتهم بالأصلح، أكد قبها أنه موقف إيجابي، يأتي تناغما مع مصالح المواطنين التي تقتضي تغييرا في المجالس الحالية.
وأوضح أن قرار تشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات جاء أيضا في ظل ظهور قوائم ضعيفة مهنيا، ولا تصلح لقيادة المجالس المحلية، مما يحتم على المواطنين المشاركة الفاعلة لإنجاح القوائم التي تستحق ذلك.
وأشار إلى أنه كان لدى حماس رغبة حقيقة في المشاركة، خصوصا في الضفة المحتلة، إلا أن الظروف القاهرة المتعقلة بالاستفراد في القرار وتشريع قوانين من خلال مراسيم رئاسية، في تهميش واضح للمؤسسات القانونية والتشريعية.
وأكد قبها خلال حديثه "للرسالة" على وجود أصوات قوية في الضفة تدعو إلى تأجيل عقد الانتخابات المحلية؛ في ظل استمرار إضراب الأسرى، موضحا أنه "ليس من المعقول أن ندخل في دعاية انتخابية وتغطي صور المرشحين على مظاهر دعم الأسرى المضربين عن الطعام".
وأشار إلى أن وجود تذمر حقيقي لدى السلطة من القوائم القوية المنافسة لقوائم فتح الرسمية، وهذا ما ظهر جليا في الاعتداء على ممتلكات عدة قوائم، أبرزها ما حصل مع خيمة قائمة الخليل المستقلة التي تحظى بالقبول في الشارع الخليلي، وذلك أمس الأربعاء.
تأييد للوثيقة
وعن وثيقة حماس التي أعلنت عنها قبل عشرة أيام، يقول قبها:" الوثيقة أحدثت صدى في الشارع الفلسطيني بالضفة، بتعليق عشرات الحريصين على المصلحة الوطنية على ما جاء في الوثيقة، نقدا بناءً أو دعما لها".
وأكد أن الوثيقة تأتي في السياق الطبيعي لتطور الحركات الحية، بأن تكون هناك مراجعات في عدة مراحل، يستفاد خلالها من الماضي، واستشراف المستقبل، في ظل المخاطر الجمة التي تواجه القضية الفلسطينية.
وأوضح أن المنصفين من ابناء الشعب الفلسطيني وجدوا فيها تعبيرا حقيقيا عن تطور حماس وأنها حركة لاتزال تمثل رأس الحربة في مواجهة مشاريع التسوية، فيما رأى المتصيدون في المياه العكرة أنها ذاهبة في طريق هبوط فتح، إلا أنه كلام مردود عليهم بالحجة والمنطق النابع من القراءة الصحيحة للوثيقة.
وأشار إلى ألا يوجد فصيل فلسطيني أو عربي كتب وثيقتها ومرجعيته بهذا الشكل من التشاور ضمن المؤسسات الحركية، مؤكدا أن ما جاء فيها يمثل بلورة للمواقف السياسية التي تعبر عن النضج الذي وصلت إليه الحركة في المرحلة الحالية.
إجراءات عباس ضد غزة
وعن إجراءات رئيس السلطة محمود عباس ضد غزة، قال قبها إن استياءً عاما يسود الضفة من تعامل عباس مع قطاع غزة في المرحلة الحالية، من منطق ألا فرق بين جنين وغزة، فالأرض الفلسطينية واحدة، ويجب التعامل معها بذات الصورة.
وأضاف: "لا يعقل أن يتحكم بمصير الدعم لغزة وفقا لنظرية الأنا التنظيمية الاقصائية، والعقلية اللأخلاقية التي تعمل على توظيف معاناة شعبنا من أجل خدمة تنظيم، لو أن الاحتلال الذي فعل ذلك لتعاملنا معه بالشكل المناسب، لكن من المؤسف أن تأتي هذه الإجراءات من السلطة التي تقول إنها للجميع".
انقسام فتح حول الإضراب يطفو على السطح، والأسبوع المقبل مصيري
وأكد أن الحريات لاتزال مسلوبة في الضفة، والاعتقالات والملاحقات الأمنية مستمرة خصوصا لأبناء الكتلة الاسلامية في الضفة، مشيرا إلى أن السلطة تلاحق الفعاليات الطلابية النقابية المحصورة في جغرافيا المعاهد والجامعات.
مشروع التسوية
وحول زيارة عباس لواشنطن وموافقة عباس على لقاء نتنياهو، أبدى قبها تعجبه من المنطق الذي يقود عباس للتفكير بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرف نزيه يمكنه تحقيق إنجاز لصالح القضية الفلسطيني.
وأكد على أن السلطة لا تملك أوراق قوة للضغط على الاحتلال، عوضا عن عدم امتلاكها ما يمكنها من وقف الضغط عليها، قائلا: "كيف لعباس أن يضغط على نتنياهو أو ترامب وهو لا يستطيع الصمود أمام قائد منطقة الضفة في جيش الاحتلال".
وأوضح أن الرؤى السياسية تفرض على السلطة وعباس وليس من باب المناقشة، وهذا ما حصل في قضية وقف رواتب الأسرى، والتي تتحمل مسؤولية ذلك بتحويلها ملفهم الوطني إلى قضية إنسانية، بإلغاء الوازرة التي تعتني بقضاياهم إلى هيئة.
وأوضح أن حالة التغييب لقضية الأسرى والإجراءات اللاحقة التي ستطال دعم صمود الأسرى وعائلاتهم، يأتي من باب المساومة السياسية التي تمارسها "إسرائيل" ومن فوقها أمريكا ضد السلطة التي ارتضت بذلك، محذرا من الاستجابة للضغوط الأمريكية الاسرائيلية في قضية الأسرى؛ التي تستقر في أعلى الهرم الوطني.
وعن حديث عباس عن استعداده للقاء نتنياهو برعاية أمريكية، استشهد بالمثل الفلسطيني "اللي بجرب المجرب عقله مخرب" وأن السلطة التي خاضت جولات من المفاوضات دون أي عائد سياسي، يجب أن تكون الأحرص من الانزلاق مجددا في دوامة المفاوضات.
وأوضح قبها أن (إسرائيل) التي ترى فيما يجري في الضفة "احتلال 5 نجوم" إذ تسيطر على الوضع الأمني بدون تكلفة تذكر، ما الذي سيدفعها للذهاب للمفاوضات، فلا حاجة لها في ذلك.
وأشار إلى أن قبول عباس بالجلوس على طاولة مع نتنياهو يشير إلى أن السلطة تخلت عن كل الشروط المسبقة التي كانت تعتبرها السلطة خطًا أحمرًا وفي مقدمتها الإفراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاقية أوسلو.
وختم قبها حديثه بأنه في غياب المصالحة الداخلية سيبقى الموقف الفلسطيني ضعيفا على المستويات كافة، بما لا يتناسب مع حجم المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية، في ظل طرح مشاريع التسوية الجديدة.