شهدت العلاقة بين مصر وحركة "حماس" بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم صيف عام 2013 تذبذبا واضحا، خاصة بعد إغلاق الأنفاق التجارية مع غزة، وكذلك اعتبار الحركة عدوا للأمن القومي المصري، إلا أن تحسنا طرأ على تلك العلاقات من وقت لآخر تبعا للمتغيرات الإقليمية وبحكم الملفات التي ترعاها الجارة المصرية.
وحاولت حركة حماس على مدار السنوات الماضية جاهدة إبقاء العلاقات مع القاهرة قائمة وتجنبت الوصول إلى طريق مسدود، خاصة أن القاهرة هي النافذة الوحيدة التي تربط قطاع غزة بالعالم الخارجي.
وفي بداية عام 2015 شكّل الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة المصرية باعتبار كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لـ"حماس" تنظيماً "إرهابياً"، انعطافة في مفهوم العلاقة التي تقوم عليها مصر في ملف القضية الفلسطينية.
إلا أنه وبعد شهر من الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة المصرية والذي رفع درجة التوتر بين الطرفين إلى ذروته ألغت هيئة القضايا الدولية المصرية القرار، باعتبار أن المحكمة غير مختصة في النظر بهذه القضايا.
إلغاء القرار من هيئة القضايا الدولية المصرية، قلل حدة التوتر بين مصر وحماس، بعد ترحيب الحركة والفصائل الفلسطينية بهذا القرار المصري، معتبرين أن مصر هي صمام الأمان لغزة، ومحور القضية الفلسطينية.
إلا أن هذا الأمر لم يستمر طويلا، حيث اتهمت وزارة الداخلية المصرية حماس، منتصف عام 2015 بالوقوف وراء عملية اغتيال النائب العام المصري السابق، هشام بركات.
حادثة اغتيال النائب العام المصري رفضتها "حماس" في حينه ونفتها بشكل قاطع، وتوجه بعد أيام من هذا الاتهام وفد رفيع من قيادة الحركة، إلى القاهرة في زيارة عززت العلاقة بين الطرفين من جديد.
لقاء وفد حماس مع وزير المخابرات المصرية، بعد اتهامها باغتيال النائب العام المصري السابق، غير شكل العلاقة بين مصر والحركة، وهو الأمر الذي ظهر على طبيعة الخطاب المصري الموجه لغزة، إضافة إلى فتح معبر رفح استثنائيا للمسافرين بوتيرة أعلى عن السنوات الذي سبقها.
وفي بداية عام 2016 تحسن مستوى العلاقات بين مصر وحماس، حيث زار وفد برئاسة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية مصر، وأجرى لقاءات مع المخابرات المصرية لاطلاعها على أوضاع القطاع ومطالبتها بفتح معبر رفح، وإنشاء منطقة تجارية حرة.
وقال هنية، عقب وصوله غزة قادما من القاهرة عبر معبر رفح البري، إن العلاقة مع مصر ستشهد "نقلات نوعية" و"إيجابية" ستظهر نتائجها الأيام القادمة. وأضاف:" حماس ستستمر في تطوير العلاقة مع مصر وتعزيزها.. أنهينا زيارة ناجحة ومثمرة التقينا خلالها المسؤولين المصريين".
وعلى ضوء هذه الزيارة، استقبلت القاهرة في نهاية العام الماضي، وفودا من رجال الأعمال واقتصاديين وإعلاميين من غزة، لبحث سبل تعزيز العلاقة بين مصر وغزة، وإنشاء منطقة تجارية حرة، وفتح معبر رفح للمسافرين، إلا أن نتائج هذه الاجتماعات لم تطبق حتى اللحظة.
وبعد اتخاذ رئيس السلطة محمود عباس إجراءات قاسية ضد غزة، تتمثل بقطع الكهرباء، وتقليص الخدمات الصحية المقدمة للقطاع، وتقليص رواتب الموظفين، زار وفد من حماس مصر برئاسة رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، للقاء مسؤولين مصريين.
وتعد زيارة السنوار للقاهرة الأولى منذ عدة أشهر التي تجريها حماس لمصر، وتأتي لبحث عدة مواضيع منها العلاقات الثنائية، ونتائج الحصار الإسرائيلي على غزة وسبل حل أزماتها، وإمكانية فتح معبر رفح البري المغلق منذ نحو ثلاثة أشهر.
وزيارة السنوار الأولى لمصر منذ انتخابه قائدا للحركة في غزة، حيث غادر الوفد إلى مصر عبر معبر رفح البري الذي تم فتحه خصيصا لدخولهم.