يكتسي هلال العيد ثوب الحزن لدى عشرات العوائل من الأسرى المحررين الذين طالهم قرار قطع الرواتب، الذي حرمهم فرحة العيد وشراء حاجياته كما كل عام، وأحال فرحتهم الى غصة ألم ووجع تجاه ما اصابهم بفعل قرار السلطة الفلسطينية بقطع رواتبهم.
لم يدخل كعك العيد منزل الأسير المحرر عامر أبو سرحان الذي أمضى زهرة عمره في سجون الاحتلال، وابعد لقطاع غزة بعد الافراج عنه في صفقة وفاء الاحرار عام 2011، بعيدا عن اهله وذويه.
المحرر أبو سرحان الذي ارتبط اسمه بانتفاضة السكاكين، وجد السكين مشرعة على رقبته لكن هذه المرة من أبناء جلدته الذين قطعوا لقمة عيشه، وحرموا اطفاله شراء كسوة العيد.
يقول المحرر سرحان لـ"الرسالة نت" إن قطع راتبه وعشرات الاسرى الاخرين في الضفة وغزة، جعلهم رهنًا لظروف اقتصادية صعبة للغاية، حرمتهم من توفير ابسط مستلزمات العيد.
وحال زوجته المبعدة معه من الضفة المحتلة، وهي ابنة الشيخ الأسير حسن يوسف، كحال عشرات من عوائل الأسرى المبعدين، الذين انقطعوا عن ذويهم واهلهم في الضفة، وزاد الطين بلة عليهم قطع الرواتب عنهم.
وإن حرم زوجات الاسرى وابناءهم من "عيدية" الأقارب الذي حال بينهم الاحتلال، فقد حرموا منها مجددا ولكن هذه المرة على يد السلطة الفلسطينية، كما يقول سرحان.
وما يزيد الغصة في قلوب الأسرى هو شعورهم بالخذلان من أبناء شعبهم، الذين تركوهم لوحدهم في معركة استرداد الراتب في الضفة المحتلة وغزة، دون أن يكون هناك تضامن يرتقي لمستوى الحدث، وفقا لسرحان.
ويؤكد سرحان لـ"الرسالة نت" أن محرري الضفة وعوائل الاسرى الذين قطعت رواتبهم تركوا في اعتصامات لوحدهم دون أن يشاركهم احد، ومنهم من امضى ثلاثة عقود في السجون.
وكان من بين الأسرى الذين قطعت رواتبهم، أقدم أسير سياسي في العالم وأقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال نائل البرغوثي، وهو واحد ممن طالهم القرار.
وأكدّت الأسير المحررة إيمان نافع زوجة الأسير البرغوثي لـ"الرسالة نت" أن "السلطة تحججت بعدم وجود ورقة من الصليب الأحمر تفيد بأن زوجها معتقل!".
وتستغرب نافع أن تكون عيدية السلطة الفلسطينية للأسرى هي قطع رواتبهم والقضاء على فرحتهم.
والاسير البرغوثي قضى في السجن 33 عامًا وجرى الافراج عنه في صفقة "وفاء الاحرار" عام 2011م، قبل العمل على اعتقاله مجددا وإعادة الحكم الصادر بحقه مؤبد و15 شهرًا.
وكان مصدر مسؤول في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن عدد من تم قطع رواتبهم من الأسرى المحررين يصل لـ270 أسيرًا من الضفة وغزة والقدس والخارج، على خلفية انتماءهم السياسي.
وقال المصدر في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" إنّ جميع هؤلاء الأسرى ينتمون تنظيميًا لحركة حماس، مشيرا الى ان من بين الذين قطعت رواتبهم أسرى داخل سجون الاحتلال، وعددهم خمسة اشخاص.
وكان عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى قد أقرّ في وقت سابق لـ"الرسالة" قرار قطع رواتب الاسرى الذي وصفه بـ"القرار السياسي".
وفضّت أجهزة امن السلطة اعتصام الأسرى المحررين فجر ليلة العيد، من أمام مقر مجلس الوزراء في رام الله، وشرعت بمصادرة اغراضهم وحاجياتهم، بذريعة أن الاعتصام "مظهر غير حضاري".
وأكدّ عبد الرحمن شديد رئيس مركز اعلام الأسرى، أن أمن السلطة اعتدى بكل همجية على المعتصمين في مشهد غير انساني وغير أخلاقي ويعبر عن همجية وطنية لا يمكن القبول بها.
وقال شديد لـ"الرسالة نت" إن هذا السلوك يتعارض مع كل القيم والمواثيق والحقوق الوطنية والقانونية، ويستدعي تدخل مباشر من كل الفصائل لتضع حدًا لهذه الانتهاكات الفظيعة التي يتعرض لها الأسرى المحررون.
ودعا السلطة الفلسطينية الى الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين في الضفة المحتلة في أسرع وقت، وعدم الاعتداء على حقوق الاسرى بصفتهم ثابت وطني لا يجوز الاقتراب منه.