قائد الطوفان قائد الطوفان

الصليب يشارك الهلال فرحة العيد بغزة

الصليب يشارك الهلال فرحة العيد بغزة
الصليب يشارك الهلال فرحة العيد بغزة

الرسالة نت - محمود هنية

في مشهد يكاد يكون غريبًا في منطقة تموج بالدماء، أن تجد هلالًا معانقًا للصليب، مسجدًا مجاورا لكنيسة لا يفصل بينهما سوى جدار صغير، الخوري يصافح امام المسجد قبل اداءه الصلاة، ويخرج ليسلم على المسلمين في المسجد.

ما سبق حدث فعلي في قطاع غزة ، الذي يجاور فيه مسجد الولاية الكنيسة الشرقية، وشكلا معا ملحمة وطنية ولوحة فسيفسائية من التلاحم الديني، خاصة وأن الكنيسة كانت قد فتحت أبوابها للمشردين من سكان حي الشجاعية ابان العدوان الأخير على غزة.

ويشكّـل المسيحيون نحو 4% من عدد الفلسطينيين بالضفة وغزة، حيث يعيش في غزة نحو 3500 مسيحي، 70% منهم أرثوذكس يتبعون مرجعية القدس، والباقي كاثوليك يتبعون مرجعية روما.

وتحتوي غزة خمسة مدارس مسيحية وهي "مدرسة العائلة المقدسة"، ومدرسة" البطريركية اللاتينية"، و"مدرسة راهبات الوردية"، و"روضة راهبات المحبة"، و"مدرسة الروم الأرثوذكس".

ويسكن المسيحيون في أربع مناطق غزية رئيسية "حارة الزيتون، حارة الدرج، غزة القديمة، ومخيم الشاطئ "ويقطنون أيضاً في مناطق "الرمال، وتل الهواء، والشيخ رضوان، وخان يونس".

وتمتزج شوارع قطاع غزة بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية بشكل ساحر، وتعتبر غزة المنطقة الأكثر في العالم التي يشارك فيها المسيحيين والمسلمين بعضهم البعض في المناسبات.

ويلتف الأطفال الصغار حول الاضاحي ينظـرون بفرحة إليه ويتمتـمون ببراءة وسعادة:" لقد جاءعيد الفطر وسنأكل الكعك".

خيوط الفرح ارتسمت على وجـه الفتاة الفلسطينية داليا حنا وهي "تبسبس" – بلهجة أهالي غزة - عجينة المعمول والكعك، في أول أيام عيد الفطر المبارك، لتهدي جزءً منه لجيرانها، ولتشارك صديقاتها فرحة العيد.

ولكن المفاجأة أن تكتشف أن الفتاة "حنا" مسيحية الديانة، إلا أنها تحب أن تشارك المسلمين فرحتهم بأعيادهم ومناسباتهم السعيدة، "فلا فرق بيننا وكلنا أخوة" حسب ما تقول

المواطن المسيحي، سامي الصوري، أكد أن المسيحيين في غزة مندمجين كلياً مع المسلمين، يشاركوهم أحزانهم وأتراحهم ومناسباتهم "فلم يعد ينظر إلينا أحد إلا على أننا فلسطينيون".

ويقول الصوري "نحن نستقبل عيد الفطر  كما يستقبله المسلمون تماماً، فأجواؤه تدخل الفرحة والسعادة على قلوبنا كما المسلمين، ولا فرق بيننا".

وليس ببعيد عن بيت الصوري يسكن الفنان التشكيلي المسيحي نصر الجلدة الذي أشار إلى أن المسيحيين يعيشون في غزة دون أن يشعروا بأي تمييز بينهم وبين المسلمين، مدللاً على العلاقات الطيبة التي ينسجها مع جميع جيرانه المسلمين.

وقال الفنان الجلدة "53 عام" والذي يزين جدران منزله بصور ورسومات ومجسمات العائلة المقدسة "لا يوجد مسيحي ومسلم في غزة، الكل فلسطيني".

وأضاف الجلدة "العلاقة السائدة بيننا وبيننا المسلمين قائمة على الاحترام المتبادل" .. هذا ما أكده الفنان الجلدة أثناء إغلاقه للمذياع وهو يسمع الموسيقي فور سماعه لأذان العصر.

ويمضي يقول: "نحن نحب القرآن الكريم لأنه يذكر المسيحيين في مواضع كثيرة ويحتوي على سورة كاملة لمريم العذراء ومواقف المسيح عيسى، يمكنني ترك البلد ولكنني لا أريد ذلك لأنني مرتاح أنا وعائلتي".

جدير بالذكر أن من أشهر العائلات المسيحية في غزة هي عائلة "ترزي، خوري، مسلم ، عياد، حاكورة، الصايغ، فرح، الطويل، الصّراف، وعائلة غطاس".

وكان الأب مانويل مسلم راعي الكنيسة الارثوذكسية في غزة سابقًا، قد خاطب المسلمين خلال العدوان الأخير على غزة بالقول " ان قصفوا مساجدكم فارفعوا الاذان من كنائسنا".

وقال مسلم لـ "الرسالة نت"، إن المسلمين والمسيحين يعيشون في غزة بمشهد اسطوري من التلاحم والوحدة، يواجهون عدوا مشتركًا لهم ، مضيفًا " لم نرى سوى الأمان وقد حموا كنائسنا وباتوا فيها".

ويشير مسلم الى ان المقاومة في غزة حققت إنجازات بطولية، تلاحم فيها المسلمون والمسيحيون معا.

وتعمد الاحتلال على قصف كنائس وأديرة ومدارس للكنيسة، وقصف بيوت مسيحين خلال الحروب الثلاثة التي شنت على غزة خلال عقد مضى.

البث المباشر