تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإجبار حركة "حماس" على الرضوخ لمطالبها بالإفراج عن الجنود (الإسرائيليين) الأسرى لديها بأقل التكاليف الممكنة، متناسية التجربة السابقة في مفاوضات صفقة وفاء الأحرار التي أُبرمت بواسطة مصر بـ 11 أكتوبر في عام 2011، وأفرج بموجبها عن 1027 أسيرًا من السجون (الإسرائيلية) مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، إذ استمرت خمس سنوات.
ويحاول الاحتلال إمساك "حماس" من "اليد يلي بتوجعها" عبر الضغط على أسراها داخل السجون من خلال اتخاذ عدة إجراءات يمكن وصفها بـ "التعسفية"، وكان آخرها منع زيارة أسرى الحركة من قطاع غزة.
وكانت سلطات الاحتلال قد قررت حرمان أهالي أسرى حركة "حماس" من قطاع غزة من زيارة أبنائهم حتى إشعارً آخر.
وفي هذا السياق، قال مدير مكتب إعلام الأسرى عبد الرحمن شديد: "إن هذا القرار يأتي في سياق الضغط على حماس بما يتعلق بموضوع الجنود الأسرى لديها"، مبيناً أن هذه مقدمة لعقوبات أخرى قد تفرضها إدارة سجون الاحتلال على الأسرى.
وأوضح شديد لـ"الرسالة"، أن الهدف من القرار الضغط على حركة "حماس" للاستجابة للشروط الإسرائيلية والخضوع لابتزاز الاحتلال، مضيفاً أن قيادة الحركة الأسيرة أبلغته بـأنها "لن تسكت عن هذا ولن يمر مهما كان الثمن".
وأكد أن قيادة أسرى الحركة ستتخذ خطوات وإجراءات فعلية خلال الأيام المقبلة لمواجهة هذا القرار دون ذكر التفاصيل، منوهًا إلى أن قيادة الحركة رفضت هذا القرار جملةً وتفصيلًا. وأضاف: "هذا الأمر إنساني لا يمكن المساس به، وهو يشكل انتهاكا صارخا لأدنى حقوق الإنسان الأسير".
ونبه إلى خطورة هذا القرار في تفجير الأوضاع داخل السجون خلال المرحلة القادمة، في حال استمر الاحتلال في تنفيذه، محملًا حكومة الاحتلال "المسؤولية الكاملة عن أي تدهور أو تصعيد محتمل قد تشهده السجون خلال الفترة المقبلة في أعقاب هذا القرار الجائر".
يذكر أن كتائب القسام الجناح المسلح لحركة "حماس"، تحتجز 4 جنود إسرائيليين منذ صيف عام 2014، لكنها ترفض تقديم أي معلومات حولهم، قبل إفراج (إسرائيل) عن عشرات الفلسطينيين الذين أعادت خطفهم بعد أن أفرجت عنهم خلال صفقة تبادل أسرى جرت عام 2011.
بدوره، اعتبر الناطق باسم حركة "حماس" حازم قاسم إن قرار الاحتلال "يتعارض مع المواثيق الدولية والإنسانية التي تكفل حماية حقوق الأسرى"، واصفًا القرار بأنه "غير قانوني".
وأوضح قاسم لـ"الرسالة" أن سلطات الاحتلال تتواصل بسلوكياتها العنجهية ضد الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الأسرى داخل سجون الاحتلال، مشددًا على أن المقاومة لن ترضخ للشروط الإسرائيلية فيما يخص بالإفراج عن الأسرى.
وأشار إلى أن الاحتلال يتوهم بأنه يستطيع كسر إرادة الأسرى وخاصة حركة حماس، وهذا بعيد المنال، مؤكدًا أن الاحتلال لا يستطيع "إخفاء الأمل لدى الأسرى بخروجهم من السجون الظالمة قريبًا".
وطالب المؤسسات الحقوقية والدولية، إعلان إنكارها للتصرف العنصري لسلطات الاحتلال تجاه الأسرى الفلسطينيين، داعيًا إلى التحرك العاجل والفوري في المحافل الدولية لإجبار (إسرائيل) على التراجع عن قراراتها فيما يخص الأسرى.
من جانبها، قالت سهير زقوت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة في تصريح لوكالة الأناضول: "تم إعلامنا من قبل السلطات الإسرائيلية بأنه لن تكون هناك زيارات لمعتقلي حماس في قطاع غزة".
وأعربت زقوت عن قلقها من تداعيات هذا القرار، مؤكدة أن الزيارة العائلية ذات "أهمية عظيمة للأهالي والمعتقلين، ولا يمكن تعطيل هذا الحق نهائيا".
وأكدت أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تجري مباحثات مع السلطات الإسرائيلية لتذكيرها "بالتزاماتها وفق ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني". وأضافت: "سنستمر في زيارة المعتقلين الفلسطينيين للتواصل بينهم وبين عائلاتهم".
ولا يزال حوالي ستة آلاف أسير يقبعون في سجون الاحتلال بينهم 205 أطفال و25 امرأة و13 نائبا في المجلس التشريعي، إضافة إلى عشرات الحالات المرضية، بينها حالات صعبة لا توفر سلطات الاحتلال الحد الأدنى من العلاج اللازم لها.