قائمة الموقع

مقال: البوابات

2017-07-24T06:05:11+03:00
بقلم/ وسام عفيفة

ترسخت صورة البوابات في ذاكرة الفلسطيني باعتبارها إحدى رموز القهر والإذلال الاحتلالية، ولم تكن بوابات حصار الأقصى الإلكترونية إلا نموذجا يتكرر في كافة أنحاء الضفة الغربية على الحواجز والمعابر، وتمتد لتطال الفلسطيني في غزة الذي عايشها بعمق، ومثالها الصارخ بوابات معبر "ايرز" التي تحولت إلى رمز الحصار والخنق، ومنها استحدثت " الحلابات"... كما لم يسلم اللاجئ من بوابات الشتات.

عندما تذكر البوابات تقفز عفاريت الدنيا في وجه الفلسطيني لأنها تعني الشبح والتعطيل والتنكيل والتفتيش العاري والفرز العنصري، وتعني تقسيم المواطن حسب جنسه وعمره وشكله وانتمائه وكلها شروط تمنحه تصريح العبور أو المنع، وعبر هذه البوابات قد يواجه مصيره، بالاعتقال أو الإصابة وربما الشهادة.

البوابة إذا هي قيد على حياة الفلسطيني، تشبه جهاز المراقبة والتتبع الذي يقيد أقدام المتهمين بقضايا خطيرة بعد الإفراج المشروط عنهم، هكذا يمر الفلسطيني خلال حياته بعدد لا يحصى من البوابات التي تبرمجه ضمن مسارات وإجراءات، تحاول مسخه إلى ما يشبه الروبوت الذي يتلقى التعليمات فينفدها دون تفكير أو نقاش.

البوابات تعني أن كل فلسطيني يمر من خلالها متهم حتى تثبت براءته، هناك يجبروه على ممارسة طقوس الخنوع والاستسلام، يفرغ كل ما في جيبه... يخلع حذاءه وحزامه. وقد يخلع قميصه أو رداءه. ثم يرفع يديه في إشارة أخيرة على أنه يقبل حكم البوابة حتى لو كان جائرا، ويتحرك بإشارة من إصبع جندي حتى لو كان عاهرا، ثم يلملم أغراضه وملابسه، ويلملم ما تبقى من كرامة.

ما لم تكتشفه بوابات الاحتلال البشرية أو الإلكترونية، الأعراض الجانبية الخطيرة المتراكمة عبر الزمان وعثراته التي تسللت لنفس وعقل الفلسطيني، وفي لحظة ما تثير هرمون الأدرينالين الثوري، نتيجة تعرض الجسم للضغط الخارجي الشديد أو التعرض لموقف مذل للإنسانية ومهين للكرامة أو بسبب الإجراءات التي تحط من قيمة الرموز الوطنية والمقدسات.

 لهذا سيبرز دائما الفلسطيني الغاضب الثائر المنتفض الاستشهادي، ولن تحميهم كل بوابات جلعاد أردان (وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال)، ولا حتى بوابات مستخدميهم من الفلسطينيين والعرب.

اخبار ذات صلة