هناك دم يراق فداء للقدس وفلسطين، وهناك دعوات للم الشمل الفلسطيني، وهي دعوات بين التكتيك والاستراتيجية، دعوات صدرت بكلمات جميلة من كافة الأطراف بما فيها فتح وحماس، وعمليا أكدها شهيد عملية حلميش والذي دعا إلى أن توضع عصبة القسام على رأسه ويلف صدره بكوفية أبو عمار، ويعمم جسده براية رسول الله صلى الله عليه وسلم المكتوب عليها (لا اله إلا الله).
عباس في خطابه أمام اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة فتح أكد قولا أنه اوقف كل الاتصالات مع الاحتلال حتى يتراجع عن إجراءاته في القدس، هذا القول يحتاج إلى عمل على أرض الواقع لا أن يبقى مجرد كلام إعلامي كما حدث في قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي طالب بوقف التنسيق الأمني، هذا القرار لم يتجاوز لحظة اتخاذه ويقي حبرا على ورق نتيجة رفض عباس الالتزام به حتى وصل به الأمر إلى القول لخالدة جرار أنه لن يوقف التعاون الامني (جكر فيك)، هكذا مواقف عباس عندما تتعارض مع مواقف الكل الفلسطيني يصبح العناد اساس موقف محمود عباس ويستمر في غيه.
قرار عباس بوقف الاتصالات مع الصهاينة نتمنى أن يكون موقفا حقيقيا وليس بهدف امتصاص حالة غضب فلسطينية وهي محاولة للتساوق مع الأجواء العامة دون أن يكون لقراره رصيدا على أرض الواقع خاصة في ظل التصريحات الصهيونية التي تؤكد استمرار التعاون الأمني بين الجانبين وأن الجانب الصهيوني تلقى تطمينات من قيادات فلسطينية متنفذه في السلطة بأن وقف الاتصالات لا تعني وقف التنسيق الأمني بين الجانبين.
المطلب الفلسطيني الفصائلي والشعبي في غالبيته يدعو عباس إلى وقف التنسيق الأمني، والسؤال لماذا لم يقل عباس بصريح العبارة ( وقف التنسيق الامني ) وأكتفى بعبارة وقف الاتصالات، ألفاظ تستدعي الوقوف أمامها وهي مدعاة للشك في الموقف الحقيقي لعباس من التنسيق الأمني.
حماس في نفس الوقت تقول أنها تمد يدها لعباس ولفتح من أجل إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام عل قاعدة الأسس الخمسة التي طرحها اسماعيل هنية رئيس حركة حماس والقائمة على :
1- بناء استراتيجية سياسية فلسطينية موحدة قائمة على الشاكة السياسية يتوافق عليها الكل الفلسطيني تكون خارطة طريق للمرحلة الثانية.
2- تشكيل حكومة وحدة وطنية.
3- إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني.
4- وقف التنسيق الأمني (التعاون مع الاحتلال).
5- تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني.
هذه الاسس التي لاقت قبولا واستحسانا من كل القوى والفصائل الفلسطينية، هل سيقبل بها محمود عباس للمضي نحو مصالحة حقيقية، قائمة على الشراكة وقبول الآخر بعيدا عن الاقصاء والتفرد في ظل مرحلة خطيرة تمر بها القضية الفلسطينية وسقوط كل الخيارات السياسية التي كان عباس يعتقد أنها والوسيلة للحل بعد وضوح الموقف الامريكي والصهيوني والتراجع العربي المهين.
اللحظة الراهنة مواتية فقد كشفت كل ما يخطط له العدو الصهيوني واوضحت الدجل الامريكي الذي لا يؤمن بحق الشعب الفلسطيني في دولته وأرضه بل وصل الأمر إلى تبني الموقف الصهيوني والرؤية للحل القائمة على يهودية الدولة والتوطين والوطن البديل.
هل تصريحات عباس بوقف الاتصالات مع الصهيونية للخروج من ازمة يعيشها عباس داخل حركة فتح حيث سباق القيادات الفتحاوية لتكون البديل له والتي قد تؤدي إلى حدوث انقلاب عليه من الموالين له؟، والشق الثاني من أزمة عباس فوبيا دحلان الذي تسعى أطراف عربية ودولية فرضه على الساحة الفلسطينية ليكون البديل المفضل لها عن عباس؟، وقد زاد من خوف عباس من دحلان ما يقال عن تقارب مع حركة حماس برعاية مصرية.
ثم هناك أزمة إقليمية يواجهها عباس خاصة بعد زيارته الأخيرة لمصر والتي لم يحقق فيها ما سعى اليه، إضافة إلى الموقف الامريكي والصهيوني.
هل من المتوقع أن نشهد خطاب غزل من محمود عباس لحماس من خلال خطاب ودي ومواقف يتراجع فيها عما اتخذ ضد قطاع غزة بهدف تحقيق مصلحة وتجاوز أزمة داخلية وخارجية وبعدها يعود إلى سيرته الأولى.
أتمنى أن يدرك عباس الحقيقة، فلم يفت الأوان بعد، فالله يقبل توبة العبد بعد الكفر لو كانت توبة حقيقة، ولو اردت مرة أخرى يبقي باب التوبة مفتوح إذا عاد الكافر واناب، والشعب الفلسطيني وقواه المختلفة مع عودة عباس إلى رشدة على أن تكون عودة حقيقية نابعة من حرص على الوطن والأرض والانسان، لكن ما اخشاه أن لا يكون عباس صادقا وما يقوم به يناور لتجاوز الأزمة وما قوله الا ركوبا للموجة للنجاة من الأزمات.