قائد الطوفان قائد الطوفان

​عباس المتضرر الأول سياسياً من أحداث الأقصى.. كيف؟

​غزة-أحمد الكومي

أجرى رئيس السلطة محمود عباس خلال اليومين الماضيين فحوصات طبية في المستشفى الاستشاري برام الله، وهي خطوة تسبق عودته إلى مقرّ المقاطعة لإجراء مراجعة لمواقفه أثناء أحداث المسجد الأقصى، التي وضعته أمام تحديات سياسية، جعلته المتضرر الأول منها.

بعد أسبوع من أحداث الأقصى، وتحديدا في 21 يوليو الماضي، أعلن أبو مازن تجميد الاتصالات مع (إسرائيل) على المستويات كافة، وهو موقف كان خارج كلّ التوقعات؛ باعتبار أنه جاء مخالفاً للإخلاص الكبير للرئيس عباس في تنفيذ الالتزامات السياسية والأمنية، التي يتطلع أن تمنحه دولة في نهاية جولة طويلة من المفاوضات.

خطوة جريئة كانت من أبو مازن تماشيا مع الضغط الشعبي، وحرصا منه على تصدّر المشهد، بما لا يجعله عرضة للانتقاد أكثر، لكنه يدرك أن إعلان تجميد الاتصالات مع (إسرائيل) يعني توقفا مفاجئا في الطريق المؤدية إلى طاولة المفاوضات، في ظل الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية الجديدة.

معنى ذلك، أن أبو مازن بموقفه عاد من حيث بدأ في علاقته الأخيرة مع الاحتلال، قبل تقديم التنازلات ومبادرات حُسن النوايا إرضاء لإدارة الرئيس دونالد ترامب، وأغلب الظنّ، أنه لن يبدأ من حيث انتهى، وقد يكون مُرغما على تقديم ما يغفر له إعلانه السابق، أو عودة الجمود إلى حاله في العلاقة، مع أهمية الإشارة إلى أنه لم يصدر أي موقف رسمي عن المستوى السياسي في (إسرائيل) بشأن تصريح عباس.

ويدور الحديث عن أن التنسيق الأمني مع الاحتلال عاد تدريجياً بعد أقل من أسبوع على الإعلان عن تجميده، وفق مصادر عبرية، التي استدلت على ذلك باستمرار اعتقالات أمن السلطة في الضفة لناشطين وكوادر من حركة حماس، قالت إنهم "عملوا على تصعيد الأوضاع الأمنية عبر التخطيط لتنفيذ عمليات".

ومن المهم، في السياق، الإشارة إلى تصريح حسام زملط رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير في الولايات المتحدة، الذي قال خلال مقابلة تلفزيونية مع محطة BBC عربي، إن الاتصالات مع دولة الاحتلال مرهونة بالتقدم السياسي، وإنها لن تعود قبل تقييم شامل للوضع السياسي، وممارسات الاحتلال.

وقبل ذلك، فإن أمام أبو مازن تحدي إعادة ترميم ما أفسده رفضه لقاء المبعوث الأمريكي للسلام، جيسون غرينبلات، في رام الله الأسبوع الماضي؛ الأمر الذي اضطر الأخير للاكتفاء بلقاء أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، قبل أن يعود إلى واشنطن، ويفشل في إنهاء التوتر في القدس.

وقد نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر فلسطينية، قولها إنه أمام تهديدات غرينبلات للرئيس عباس، بقوله "هناك 24 قرارًا يناقشها الكونغرس الأميركي بشأن الفلسطينيين"، رد أبو مازن: "ماذا أنتم فاعلون أكثر من توقيف المساعدات عن الشعب الفلسطيني، هل ستعلنون الحرب علينا؟".

وقالت المصادر إن "الرئيس أبو مازن أدرك تمامًا أن ظهره للحائط، وليس لديه مساحة أمام أي خطوة واحدة يعود فيها للوراء، لذلك أقر تلك القرارات، وهو يعرف نتيجتها جيدًا، وأنه سيدفع ثمنها".

الأمر الآخر، أن أحداث الأقصى كانت سببا في توتر غير معلن في العلاقة بين الرئيس عباس وملك الأردن عبد الله الثاني، بدا في حديث الأخير لأبو مازن، أثناء اتصال هاتفي نقلت تفاصيله وكالة "بترا الأردنية الرسمية، بـ "أن عليه احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأقصى"، وهذه الحدة في الخطاب تؤكد وجود خلاف في الموقف من الأزمة.

والأهم من ذلك، أن أبو مازن لم يُحسن استثمار "فرصة وطنية" كانت سانحة لترتيب البيت الفلسطيني، عبر التقاط المبادرة الوطنية التي تقدمت بها حركة حماس من غزة، لتوحيد المواقف من أحداث القدس، وإنهاء الانقسام.

كل ما سبق، كان نتيجة توصلت لها القناة العبرية الثانية حين اعتبرت في تقرير لها بأن حركة فتح ومحمود عباس هم الخاسرون الرئيسيون في الساحة الفلسطينية، بعد أحداث الأقصى.

البث المباشر