الرسالة نت - رامي خريس
تنتهي كل القصص والحكايات بخاتمة سعيدة أو حزينة إلا حدوتة المفاوضات التي ليس لها نهاية فطالما استمرت الحياة استمرت مفاوضات السلطة مع الاحتلال - هكذا يرى على الأقل صائب عريقات- الذي ألف كتاباً أسماه "الحياة مفاوضات" ويبدو أن سلطة فتح تبنت ما جاء فيه فقررت أن تستمر في النهج التفاوضي إلى مالا نهاية في الوقت الذي ترفض فيه مناقشة ما جاء في ورقة المصالحة المصرية .
وعلى أية حال فإن سلطة فتح لا تفاوض عملياً بل تنتظر ما تتمخض عنه مناقشات الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال ، كما تحلم باليوم الذي تحقق فيه جولات السيناتور الأمريكي جورج ميتشل أي نتائج حقيقية على صعيد عملية التسوية التي يحاولون إنعاشها ، وهو ما يبدو حلماً بعيد المنال فوفق ما يقول وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط فإن نهج ميتشل قد يحقق نتائج خلال عقد من الزمن .
وبالفعل فقد عاد ميتشل من جولته العشرين إلى المنطقة بخفي حُنين، فلم يحصل على الأجوبة الإسرائيلية على الأسئلة التي سبق أن طرحها وأجاب عليها رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس والتي تتعلق أساساً بالحدود والأمن.
ويا ليت وقف الأمر عند عدم الحصول على إجابات بل إن تلك الجولات رافقها دائماً صدور قرارات إسرائيلية تتعلق بمخططات استيطانية جديدة، أو بهدم منازل، أو بإبعاد مواطنين من القدس إلى خارجها، أو من الضفة إلى غزة، وكأن الحكومة الإسرائيلية تجعل الفلسطينيين يدفعون ثمناً لكل زيارة في تحدٍّ واضح للعيان للإدارة الأميركية التي تدعي بأن الحكومة الإسرائيلية تعهدت لها سراً بعدم الإقدام على ما من شأنه المساس بالمفاوضات وعملية التسوية.
وتحولت المفاوضات إلى هدف بذاته بدلاً من أن تكون وسيلة لتحقيق التسوية التي يحلم بها المنظرون لها ، وبحسب ما يرى المراقبون فإن (إسرائيل) استبدلت حاجتها للتسوية بمفهوم الحاجة للمفاوضات، أي اتخذت المفاوضات بديلا عن التسوية واعتبرتها هدفا في حد ذاته.
ويعطي هذا الهدف (إسرائيل) عدة نتائج كان عليها أن تأخذها فقط عبر التسوية لكنها أخذتها عبر المفاوضات ومنها التنسيق الأمني، كما وفرت (إسرائيل) على نفسها الضغط الدولي ما جعلها تتمتع بمناخ من الهدوء والاستقرار بذريعة أنها في مفاوضات".
وإذا كانت المفاوضات بحد ذاتها تحقق للإسرائيليين ما يريدون فإنها تعيق الفلسطينيين من تحقيق أي تقدم في العديد من الملفات لاسيما في ملف المصالحة التي اعترف عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتحفظ على إتمامها.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية ترى أن مصالحة سلطة فتح مع حركة حماس ستعيق استمرار المفاوضات التي تحقق لـ(إسرائيل) ما تريد.