يعيش موظفو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة حالة من القلق والتوتر جراء قرار التقاعد القسري بحق جزء كبير منهم، وذلك ضمن نهج الخطوات غير المسبوقة التي توعد بها رئيس السلطة محمود عباس، حيث يخشى غالبية الموظفين من التبعات الاقتصادية التي ستطالهم نتيجة تقليص رواتبهم.
وبحسب محللين اقتصاديين، فإن تطبيق التقاعد القسري على عدد كبير من الموظفين من شأنه إرهاق اقتصاد غزة، موضحين أن القرار سيهشم ما تبقى من اقتصاد القطاع، وسيؤثر على السوق المحلي والقدرة الشرائية للموظف، الأمر الذي سيحيل 30% إلى خط الفقر.
تبعات كارثية
ويقدر اقتصاديون المبالغ المالية التي سيحرم منها الموظفون في حال تقاضوا 70% من رواتبهم بأحسن الحالات بــ 20 مليون دولار شهرياً، معتبرين أن غيابها سيؤثر على مدى مقدرتهم الوفاء بالتزاماتهم المالية.
الرقم السابق قد يصل للضعف خاصة وان رئيس هيئة التقاعد ماجد الحلو قد صرح لوكالة وفا الرسمية مؤخرا أن نسب ما سيحصل عليه المتقاعد ستتفاوت ما بين 40 إلى 70%.
تأثيرات كارثية
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور معين رجب، أن التأثيرات الاقتصادية للقرار ستكون كارثية على جميع شرائح المجتمع دون استثناء خاصة إذا كان القرار قسري وإجباري، ويصبح الراتب في أحسن حالاته حوالي 70% من مخصصات الموظف المعتادة.
وبينّ أن انخفاض الراتب سيتبعه قصور في الوفاء بالتزامات الموظف المالية وأقساطه الشهرية، مشيرا إلى أن هناك فئة كبيرة من الموظفين من صغار السن اللذين لم تتجاوز خدمتهم الـــ 15 عاماً، وبالتالي فإن ما سيحصلون عليه لن يتجاوز نصف الراتب.
وبحسب رجب فإن كافة المحالين للتقاعد ستنخفض دخولهم بشكل ضار بهم، وبالتالي فذلك سيؤثر على حالة السوق، مضيفاً أن سلسلة طويلة من التداعيات الكارثية ستنتج عن الأمر، وستكون تأثيراتها ممتدة لكافة شرائح المجتمع بما فيها السلطة الحاكمة لأن التقليص سيطال الإيرادات العامة.
ولفت إلى أن وزارة المالية في غزة ستصبح مضطرة لإيجاد بدائل عن الموظفين، وبالتالي دفع استحقاقات مالية هي غير قادرة على الوفاء بها، موضحا أن التداعيات لن تقتصر على القطاع بل ستؤثر على مستوى الوطن بأكمله، وأي انهيار سيحدث سيؤثر على الاقتصاد العام.
سيحالون للفقر
وفي السياق تساءل المحلل الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع كيف سيتم تسوية القروض للبنوك، فغالبية الموظفين لديهم التزامات مالية لدى البنوك، ستؤثر على الوضع الاقتصادي والجهاز المصرفي".
وبين أن موظفي السلطة عانوا من الظلم على مدار 10 سنوات بسبب تجميد درجات الموظفين والعلاوات والترقيات وبالتالي فالتقاعد سيكون مجحف دون الحصول على امتيازات.
ويرى أن القرار سيضعف القدرة الشرائية خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة، ووجود حوالي (200) ألف عاطل عن العمل، وأكثر من مليون شخص يتلقون مساعدات.
ومن المؤكد أن إحالة أعداد كبيرة للتقاعد دفعة واحدة على عكس ما جرت العادة سيقضي على الرمق الأخير لاقتصاد غزة المحاصر لحرمانه من آلاف الدولارات التي تحرك السوق المحلي وتبث الروح فيه.