تتعدد تعريفات واستخدامات "الشياطة" بين المطبخ والبحر والأكل، لكنها في ثقافة أهل غزة أداة بدائية يستخدمها من يطفو على سطح المياه خلال السباحة.
يمكن التخمين أن الاحتلال الاسرائيلي وغيره من اللاعبين في الساحة الفلسطينية اشتقوا من هذه الأداة سياسة تقضي بدفع غزة لتصارع الأمواج العاتية حتى إذا ما وهنت قواها وأوشكت على الغرق يلقوا لها "بالشياطة"، فتطفو على وجه الماء في اللحظات الأخيرة.
بناء على نتائج هذه التجارب يمكننا أن نضيف الى قاموس المصطلحات والخطط، "سياسة الشياطة"، من واقع التجربة الغزية المريرة.
المتابع للسلوك السياسي الإسرائيلي خلال عشرة أعوام مضت يستطيع أن يكتشف حالة التوافق والتماهي بشكل مقصود أو صدفة مع أطراف إقليمية وأممية كي تبقى غزة طافية لكن دون أن تصل إلى شاطئ الأمان، ومازال الاحتلال يتبادل لعبة الشياطة تارة مع مصر وتارة مع قطر وأحيانا مع تركيا وفي أخرى مع الأمم المتحدة.
قد يتساءل البعض مستغربا، ولماذا يحرص الاحتلال على بقاء غزة عائمة؟!، ومصلحته أن يتركها تغرق، و"مع ستين داهية" وبذلك يحققوا حلم رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين.
العارفون بالسياسة يقولون أن ترك غزة تغرق سيؤدي بالضرورة إلى نتائج خطيرة أقلها تسونامي من الفوضى والفلتان الأمني والعسكري، لا يستطيع أحد التنبؤ بمداه وقوته وأضراره، في ظل المحيط الغارق في حروب سواء أهلية أو بالوكالة.
غزة التي اعتادت السباحة عكس التيار أرهقت، ولم تعد تحتمل أن تتكئ على شياطة تلقى لها من هنا أو هناك، ثم تتقاذفها الأمواج بين معبر بيت حانون ومعبر رفح، أو تصطدم بجدار يبنيه الاحتلال شرقا، وبحر تحكمه زوارق "دبور" وفرقاطة "ساعر" غربا.
وسط هدير البحر الذين تحتضنه أشعة الشمس الحارقة يدندن صياد يتصبب عرقا بأغنية مارسيل خليفة:
شدوا الهمة الهمة قوية مركب ينده عَ البحرية
يا بحرية هيلاهيلا
شدوا الهمة الهمة قوية جرحي ينده للحرية
يا بحرية هيلا هيلا