تساؤلات حول دورها الوطني

"جوال" .. أموال بالملايين وخدمة "زى الطين"

الشرطة: سلمنا الشركة إخطارا يوجبها التعاون معنا

محللون : تجنى أرباحا فلكية مقابل خدمات سيئة

وزارة الإتصالات : نسعى لتشجيع سياسة السوق الحر لكسر إحتكار جوال

مؤسسات حقوقية : عليها تقديم خدمات تليق بالأموال التي تتلقاها

الرسالة نت– أحمد الكومى

فوجئت وزارة الداخلية فى الحكومة الفلسطينية برفض شركة الإتصالات الخلوية الفلسطينية " جوال " التعاون معها فى حملتها " مكافحة التخابر مع العدو" والتى بدأت بها الوزارة باستخدام كافة الوسائل المتوفرة لتوعية المواطن الفلسطيني بأساليب الاحتلال في إسقاطه بشباك العمالة.

المواطنون فى غزة أيضاً يتذمرون من سوء الخدمات التى تقدمها الشركة ، ومن الكميات الكبيرة من شرائح الاتصالات التي تطرحها فى الأسواق المحلية ، التي بدورها تؤدى إلى ضغط كبير على الشبكة ، لتصبح الخدمات بذلك رديئة .

شركة جوال بررت موقفها – على لسان مديرها الإقليمي في قطاع غزة المهندس يونس أبو سمرة - بأن تصفية العملاء قضية سياسية لا تتماشى مع الهدف الذى أنشئت لأجله الشركة، وأن موقفها كان وما زال ضد تنفيذ أية معاملة قد تحرف مسار عملها الخدماتي, على حد قوله.

حديث أبو سمرة يطرح تساؤلات عدة, أهمها : هل هناك دوافع خفية جعلت شركته تمتنع عن التعاون لأجل قضية وطنية لطالما أرقت مضاجع الشعب الفلسطينى على مدار نضاله وكفاحه المستمر ؟ ولماذا تبقى جوال المحتكر الوحيد للإتصالات الخلوية فى قطاع غزة فى ظل تعدد الشركات المنافسة بالضفة الغربية؟  وهل تخضع لقرارات حكومة فتح فى رام الله؟ وهل لها علاقة بالتنسيق والإلتزام مع قرارات الإحتلال الإسرائيلى؟.

جلاءً للغموض

"الرسالة نت" استقصت الحقائق وطرحت هذه التساؤلات على عدد من المختصين والمسئولين للإجابة عليها وجلاء الغموض عن ملابسات القضية.

الناطق باسم الشرطة الفلسطينية أيمن البطنيجى كشف " للرسالة " أن رفض شركة جوال التعاون مع وزارة الداخلية فى حملتها الكبرى لمكافحة التخابر مع العدو ، جاء تنفيذا لتعليمات حكومة فتح فى رام الله ، مؤكدا أن القانون يحتم على جوال بضرورة التعاون الرسمى مع كافة الجهات للكشف عن الجرائم التى تحدث فى المنطقة.

وقال البطنيجى: " الحكومة الفلسطينية سلمت الشركة إخطارا يوجبها التعاون الرسمى مع كافة القضايا الجنائية " ، مشددا أن أية شركة تخالف القانون ستتعرض للمساءلة القانونية .

وأضاف :"نحن جهات تنفيذية فى الحكومة وننتظر الجهات الرسمية فى الداخلية لإتخاذ قرارات بحق شركة جوال" .

المختص فى الشئون الأمنية والإستراتيجية هشام المغارى يرى أن مصالح شركة جوال مرتبطة بجهات أخرى مثل حكومة فياض ، ووصفها بأنها " شركة تخاف على أموالها " .

وقال المغارى أن تعاون " جوال " مع وزارة الداخلية فى حملة مكافحة التخابر مع العدو يشعرها بتهديد مصالحها ويؤثر على علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يمتلك الكود الخاص بها, حسب قوله .

وأضاف : " ربما يكون لبعض الشخصيات المسئولة فى شركة جوال نوع من السياسات والفلسفات ترفض التعاون فى الأمور الأمنية مع أى جهة كانت ، خوفا على رأس المال ، بات جليا أنه يوجد إتفاق مشترك بين أوساط المجتمع الفلسطينى على أن الإحتلال الإسرائيلى يستغل الشركة فى الإطلاع على تكتيكات فصائل المقاومة وأنشطتها فى قطاع غزة ، لكن لا يوجد أدلة على وجود تعاون مباشر مع الإحتلال " .

ويوافقه الرأي المحلل السياسي أحمد سعيد الذي قال إن الشركة لم تقدم المطلوب منها على الصعيدين الإقتصادى والإجتماعى ، ولم تقف بجانب المواطن الفلسطيني بل كانت عبئا عليه.

وتابع سعيد : " طالما أن " إسرائيل " تستفيد من اختراقها للشركة ، فعليها أن تلبس الثوب الوطني وتسمح لأجهزة الأمن في غزة بأن تلعب دورا مضادا للدور الذي يلعبه الاحتلال " .

نعم لشركات منافسة

المغارى شدد على أن شركة جوال تواجه حاليا العديد من المنافسات الاقتصادية ، على رأسها الحديث الجاري عن نية شركة زين الكويتية النزول إلى غزة ، وإشعال المنافسة مع جوال فى تقديم خدمات أفضل للجمهور الغزى ، لافتا إلى أن جوال حريصة كل الحرص على عدم خلق منافسة مع شركات أخرى للحفاظ على احتكارها المستمر منذ أكثر من عشرة أعوام .

من جانبه طالب المحلل سعيد بوجود شركات منافسة لشركة جوال ، قائلا : " على السلطة في رام الله العمل على كسر احتكار جوال للسوق الفلسطينية ، حتى تبعد شبهة الرشوة والاستفادة عنها " .

وعاد المغارى ليؤكد على أن حكومة فياض والاحتلال الإسرائيلي يسعون بشكل متواصل لابتزاز شركة جوال لتنفيذ أنشطة سياسية وإجبارها على عدم التعاون مع جهات معارضة مثل حركة حماس.

محاربةً للاتجاه الإسلامي

الوسائل والمؤسسات الإعلامية في غزة استنكرت رفض شركة جوال تقديم خدمة sms  لها ، وذلك بعد المراوغة والتسويف من قبل الشركة الذي ينم عن رفضها الصريح والواضح لتقديم خدماتها لبعض المؤسسات والتي كان من بينها موقع " الرسالة نت " الإخباري ، وفى هذا الصدد لفت المغارى إلى أن رفض شركة جوال تقديم خدمة sms  لموقع " الرسالة نت " نابع من محاربة الشركة للاتجاه الإسلامي ، وتنفيذا لقرارات السياسة الإسرائيلية فى مكافحة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة .

بينما سعيد شدد على أن شركة جوال متهمة بالفساد وعلى أجهزة الأمن في غزة والضفة ملاحقة المسئولين فيها قانونيا ، مستطردا : " في الحرب الأخيرة على غزة كانت تقف وقفة المتفرج وكأنها ليست شركة وطنية فلسطينية " .

في حين طالب المغارى وزارة الداخلية بضرورة التواصل الجيد مع شركة جوال وجميع الشركات العاملة في غزة ، للوصول إلى حلول توافقية ووسطية بشكل هادئ وحضاري من أجل الحد من ضغط حكومة فتح والاحتلال الإسرائيلي .

أرباح فلكية

في سياق آخر بات المواطن الفلسطيني متشائما من سوء الخدمات التي تقدمها شركة جوال ، في ظل الانقطاع المتكرر للمكالمة الهاتفية الواحدة عدة مرات ، إلى جانب بعض المراكز الحقوقية التي عبرت عن استيائها الشديد من سوء إدارة الشركة للاتصالات في قطاع غزة ، مؤكدين أنها عمدت إلى جنى أرباح فلكية مقابل خدمة سيئة.

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان على رأس المراكز الحقوقية التي أكدت في بيان سابق لها أنها تتابع باستياء واستغراب شديدين استمرار تدني وسوء خدمات " جوال " بالرغم من تحصيلها أموالا باهظة كأرباح وعوائد مالية تكسبها ما يقارب من مليوني مشترك في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بعد تلقيها عددا من الشكاوى بخصوص سوء الخدمات، وضعف الاتصالات، التي تقدمها الشركة.

وأشارت المؤسسة إلى أنه بالرغم من تدني مستوي وجودة الخدمات التي تقدمها شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية – جوال -  لمشتركيها، إلا أنها عكفت في الآونة الأخيرة  إغراق السوق المحلية بكميات كبيرة من شرائح الاتصال الخلوي في تجاهل واضح الى أن القدرة الاستيعابية للشبكة لا تستطيع تحمل هذا العدد الهائل من المشتركين .

متابعة بتردد

وزارة الاتصالات أكدت أنها تتابع باهتمام بالغ الشكاوى المستمرة من قبل المواطنين والمقالات والتقارير الصحفية التي تتحدث عن رداءة خدمة الاتصالات الخلوية في قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة ، مشددة على حرصها على حماية مصالح المواطن الغزى من استفراد شركة الاتصالات الفلسطينية بقطاع الاتصالات، وتذليل كافة العقبات التي تحول دون رداءة الخدمة.

وأفادت الوزارة في بيان صحفي لها أنها لم تتخل عن دورها في حماية مصالح المواطنين وحقوقهم وأنها تجري لقاءات مستمرة مع الشركة لوضع أفضل وأنجع الحلول لهذه المشاكل التي يعاني منها مستخدمو الشبكة.

 وأشارت إلى أنها خاطبت الشركة منذ اليوم الأول لنشر آلاف الشرائح في الأسواق وطالبتها بالتوقف عن ذلك وسحب الشرائح من الأسواق نظرا لأن الشركة لم تحصل على موافقة الوزارة على هذا التصرف.

 وأكَّدت تشجيعها لسياسة السوق الحر وفتح باب المنافسة لأية شركات تريد العمل في قطاع غزة من أجل تقديم أفضل الخدمات وبأقل الأسعار في مجال الاتصالات الخلوية والثابتة   وترحب بأي جهد يدفع بهذا الاتجاه.

ختاما, المجال متروك للمواطن الفلسطيني للحكم على دور شركة جوال في تقديم خدماتها ، ومدى مساهمتها في توفير الراحة والأمن للشعب الفلسطيني.

 

 

 

 

 

 

البث المباشر