بعد سلسلة من التهديد والوعيد والمطاردة من مكان لآخر، قرر "أسعد" أن يضع حدّاً لعذاب قلب أمه التي لم تعد تعرف النوم خوفاً عليه، فهو ملاحق ليل نهار من قبل السلطة، ولا يكاد يمر يوم دون أن يتلقى اتصالاً هاتفياً يطالبه بتسليم نفسه.
كان يرفض دائما تسليم نفسه خشية عودته لذات الزنازين التي رأى فيها الموت في سجن الجنيد عام 2016، انتظر حلول العيد، ليكون قرب أمه التي أنهكها القلق الدائم عليه، حتى باتت في وضع صحي سيئ.
وبعد انقضاء العيد، ذهب أسعد ليسلم نفسه، علّ حياته تعود للاستقرار، ويتمكن من مواصلة دراسته الجامعية، بشكل طبيعي، وأخبر عائلته بأنه إذا اعتقل ولم يتمكن من العودة للبيت في اليوم الأول، فهو مضرب عن الطعام من حينها.
ذهب أسعد ولم يعد، وتوالت الأخبار تباعاً لمسامع عائلته أنه يرى العذاب بأصنافه في سجون السلطة، خاصة بعد تحويله لسجن أريحا المركزي، المعروف بشدة وقساوة التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون في أقبيته.
وأسعد الطويل من قرية فرعتا قرب قلقيلية، طالب في السنة الثالثة في قسم التاريخ بجامعة النجاح الوطنية، وحاصل على المرتبة الأولى على دفعته، حيث وصل معدله التراكمي 4/4، رغم اعتقالاته المتكررة لدى السلطة، واعتقاله لدى الاحتلال لعدة أشهر العام الماضي.
يقول أحد أشقائه لـ"الرسالة": "حاول أخي أسعد أن يحصل على ضمانات لعدم تعرضه للتعذيب في حال سلّم نفسه، لكنه لم يحصل، وتواصلت التهديدات له ومطالبته بتسليم نفسه والضغط على العائلة والاتصال على هواتفنا جميعاً، إلى أن اضطر لتسليم نفسه".
وتابع: "بعد مرور أيام استطعنا الاتصال بسجن المخابرات، فقال لنا الضابط المسئول عنه "لن نحوله للنيابة ولا محكمة، هو الآن على ذمة المحافظ وبدنا نأدبه".
وأشار شقيق أسعد إلى أن المحامي أبلغ العائلة أنه تم تحويله لسجن أريحا، وأضاف: "في اليوم التالي اتصل بنا شخص وأخبرنا أنه تم تحويل أسعد للمستشفى بأريحا نتيجة التعذيب الشديد، وتم إدخاله باسم وهمي وليس باسمه الحقيقي".
وحاول محامي أسعد زيارته، إلا أن أجهزة السلطة رفضت ذلك قطعياً، ومنعت أي شخص من الدخول لغرفته ورؤيته.
يتابع شقيق أسعد: "لو كان التحقيق الذي تمارسه المخابرات مهنياً فلماذا لم تعرضه على النيابة، ويحاكم ونعرف ما هي التهم الموجهة ضده، فلا يحق للجهاز أن يحتجز أي متهم سوى يوم واحد ومن ثم يجب عرضه على النيابة ومحاكمته، لكن التكتم الشديد ومنع أحد من زيارته يؤكد أن وضعه غير مطمئن نتيجة التعذيب".
وقال: "أسعد منذ اليوم الأول لاعتقاله قبل أسبوع لم يستطع الاستحمام ولا تبديل ملابسه، فقد رفضوا إدخال الملابس إليه، إضافة للمعاملة المهينة التي يتعرض لها".
كما رفض جهاز المخابرات زيارة ممثلي المؤسسات الحقوقية لأسعد، أو التواصل معه والاطمئنان عليه، ما زاد من قلق عائلته عليه.
وكان أسعد قد اعتقل ثلاث مرات لدى أجهزة السلطة، وتعرض خلالهما للتعذيب الشديد والضرب المبرح.
وذكر شقيق إسلام أن العائلة تواصلت مع المؤسسات الحقوقية ومع لجنة الحريات، إلا أن أحداً لم يتمكن من زيارته او معرفة مصيره.
وقال:" سنتوجه لمحافظ قلقيلية، فأخي معتقل على ذمته، والاعتقال على ذمة المحافظ إجراء غير قانوني، ونطالبه بالإفراج عن أخي، وإذا كان متهماً بأمر ما أن يتم عرضه على المحكمة ويحاكم بشكل عادل".
وحمّلت عائلة الطويل رئيس جهاز المخابرات المسئولية الكاملة عن حياة أسعد وما يتعرض له، ولرئيس الحكومة رامي الحمد الله كونه وزير الداخلية، وكونه أيضاً رئيس الجامعة التي يدرس ويتفوق بها أسعد.
ولفت شقيق أسعد أن زملاء أسعد توجهوا لإدارة الجامعة للاحتجاج على مواصلة اعتقاله وتعرضه للتعذيب، لكنهم لم يحصلوا على أي رد، ولم يكن لإدارة الجامعة أي موقف من اعتقاله كما في كل حالة اعتقال يتعرض لها طلبة الجامعة، ولا سيما طلبة الكتلة الإسلامية.
وتخشى عائلة الطويل من تأخر تخرج ابنها نتيجة اعتقاله، كما تتخوف العائلة من إعادة اعتقال أسعد لدى قوات الاحتلال، حيث أشار شقيقه إلى أن ملف التحقيق الذي يتم في سجون السلطة يتم تحويله للاحتلال، وهذا ما حصل مع أسعد خلال اعتقاله لدى الاحتلال العام الماضي، حسب قولهم.
وكانت أجهزة السلطة وقوات الاحتلال قد اعتقلت أسعد سابقاً بتهمة انتمائه للكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية.
ويتعرض طلبة الكتلة لحملات اعتقال واجتثاث يمارسها الطرفان في محاولة لوأد أي نشاط طلابي يحمل طابعاً إسلامية ولحركة حماس في الضفة المحتلة، وخصوصاً في جامعة النجاح الوطنية.