وسط قطاع غزة حاولنا أن نقتفي أثر تدمير أقدم مدينة كنعانية في منطقة الشرق الأوسط القابعة أسفل تل السكن الذي حفظها لأكثر من 5 ألاف سنة.
لا يافطات تشير إلى أنك في موقع أثري ولا سياج يحيط بالمكان، لا شيء سوى جرافات يضج صوتها وغبار يتصاعد وسط مدينة الزهراء منذ شهر فبراير/شباط الماضي حيث تعمل جهات حكومية في قطاع غزة على تجريف جزء من المنطقة استكمالاً لمشروع تعويض موظفي حكومة غزة السابقة بأراضٍ بدلاً من مستحقاتهم المالية المتراكمة.
تخصيص 12 دونما من مساحة "التل" لصالح كبار الموظفين في أيلول عام 2015 أثار أزمة كبيرة بين الجهات الحكومية بداية أغسطس الماضي، حيث تقول اللجنة العليا لتخصيص الأراضي: إن وزارة السياحة والآثار وافقت على تخصيص المكان ضمن المخطط فيما تنفي الوزارة، وتؤكد أنها رفعت عدة كتب اعتراض على ما اعتبرته "اعتداء على موقع أثري".
"الرسالة" قررت التنقيب في هذا الملف والبحث عن الجهة التي وقعت على تدمير تل السكن الأثري.
أزمة التخصيص
بدأ فريق التحقيق التنقيب في رحلة تدمير "تل السكن" الذي حمى آثارًا تعود لقبل خمسة آلاف عام، أي قبل بناء الأهرامات المصرية بحوالي ألف عام، لتكتشف في بداية التحقيق معلومات تبيّن وجود موافقة مبدئية من وزارة الآثار على تخصيص الموقع كمكان أثري.
ويقع (تل السكن) شمال مدينة الزهراء، جنوب مدينة غزة، واكتشف عام 1998 خلال أعمال تجريف لبناء أبراج سكنية، وأقرت بعثة فرنسية- فلسطينية مشتركة بأهميته موقعاً أثرياً سجلته لاحقا في (اليونسكو)، وتوقفت أعمال التنقيب فيه بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000؛ بسبب نيران مستوطنة (نتساريم) المجاورة.
وعادت أعمال التنقيب للمكان بعد انسحاب الاحتلال من مستوطنات قطاع غزة عام 2005، لكن الموقع الأثري بعد بدء الحصار عام 2007 لم يحظَ باهتمام بسبب توقف البعثة الفرنسية عن زيارته بقيادة خبير الآثار الفرنسي في فلسطين (جون باتيست).
وتتباين التقديرات بشأن مساحة (تل السكن)؛ فبعض الخبراء قدروها بـ(200) دونم، وآخرون بـ(100).
إبراهيم رضوان رئيس اللجنة العليا للأراضي آنذاك، أكد أن وزارة الآثار اعترضت في البداية ثم ما لبثت أن أبدت موافقتها على تخصيص تل السكن للجمعيات السكنية، مشيرا إلى أن المجلس التشريعي والحكومة لم تراجعهم بشأن أي اعتراض من الوزارة حول تخصيصه للموظفين، "فالوزارة قد وافقت أصلاً"، كما قال.
من ناحيته، علق مدير عام دائرة الآثار في الوزارة جمال أبو ريدة على حادثة تل السكن بأن الوزارة ليست وحدها المسؤولة عن أي قرار يتعلق بالمناطق الأثرية "فنحن لسنا نهاية الكون وهناك لجنة إدارية أكبر منا".
ويعطي قانون الاثار الوزارة الحق في تملك أي ارض أثرية حتى لو كانت ملكية خاصة واللجوء للقضاء لوقف أعمال التجريف أو التعدي عليها في حال أصرت الجهات الحكومية أو غيرها التعدي على المنطقة, إلا أن الوزارة لم تلجأ للقضاء.
حصلت الرسالة على وثائق لمحاضر تثبت موافقة الآثار على تخصيص "التل" للجمعيات الإسكانية
اتجه فريق التحقيق نحو سلطة الأراضي التي وُجهت لها اتهامات بأنها المسؤولة عن تدمير الآثار من خلال تخصيص المنطقة ضمن المشاريع الاسكانية لصالح الموظفين منذ البداية.
حسن أبو ريالة نائب رئيس سلطة الأراضي قال: "إن تل السكن ليست مرفوعة مساحياً وليست معتمدة كمنطقة أثرية من مجلس الوزراء، وقدمنا رؤية لاعتمادها كمنطقة أثرية بشرط أن يتم التنقيب عنها".
وبين أن اللجنة العليا للأراضي اعتمدت المنطقة كمشروع سكني قبل عام ونصف تقريباً وصادق عليه التشريعي والجهات المختصة وبالتالي فإن سلطة الأراضي هي جهة تنفيذ فقط.
ولفت أبو ريالة إلى أنه شكلت لجنة خاصة من وزارة الإسكان ووزارة السياحة وسلطة الأراضي ولم تستطع أن تثبت وزارة الآثار للجنة أن المكان أثري، وبناء عليه اللجنة العليا للأراضي اعتمدت المنطقة كمشروع سكني.
وأمام المعلومات الواردة للرسالة حول دور وزارة الآثار في قضية تل السكن، واجه فريق التحقيق الوكيل المساعد لوزارة الآثار في غزة محمد خلة بذلك، فقال " خصصت لجنة الأراضي موقع تل السكن دون علمنا ورغمًا عنا، رغم مراسلاتنا الدائمة للتشريعي ومجلس الوزراء آنذاك".
لا وثائق
الجدل الدائر بين الجهات الحكومية تم حسمه بتشكيل لجنة من سلطة الأراضي ووزارة الإسكان ووزارة الآثار للبت في قضية تل السكن.
"الرسالة" حصلت من مصادرها الخاصة على نسخة من محضر اجتماع اللجنة الذي عقد في ديسمبر 2016، وجاء فيه "لا يوجد ما يفيد بأن هذه المنطقة هي منطقة آثار سوى تخصيصها كاستخدامات أراضي بالمخطط الهيكلي لبلدية الزهراء وتخصيصها من الجهات ذات العلاقة لوزارة السياحة والآثار بحسب إفادة الوزارة الشفهية ولا توجد وثائق رسمية"، وبناء عليه "توصي اللجنة بضرورة إعادة تخطيط تلك المنطقة من خلال بلدية الزهراء وبمصادقة اللجنة المركزية للأبنية وتنظيم المدن حسب القانون ليتم تغيير الهدف من استخدام تلك الأرض".
شاهد عيان للرسالة: موظف بالآثار عيّن بعض أقاربه في جامعة فلسطين مقابل بناء سورها على أرض "التل"
كما تأكدت الرسالة أن مندوب الوزارة في اللجنة قدم إحداثيات خاطئة للمنطقة.
اتجه فريق التحقيق لمقابلة مندوب الوزارة الذي أقر بالتوقيع على المحضر قبل أن يحتدم النقاش وينسحب من المقابلة.
المهندس أحمد البرش مندوب الوزارة في اللجنة اعترف بأنه قدم احداثيات لمنطقة تل العجول بدلاً عن تل السكن، متذرعًا انه لا يملك احداثيات لتل السكن.
وأنكر البرش، الذي بدى صداميًا في الحديث معنا، ابتداءً صحة أن يكون المحضر قد تضمن تأكيد الوزارة بعدم وجود منطقة أثرية.
وقال البرش: "إنّ الاتفاق نص على أن يتم إرسال توصيات اللجنة التي تفيد بإعادة تخطيط المنطقة إلى بلدية الزهراء، إذ أن هناك توافقاً مبدئياً بين الوزارة والبلدية بإعادة تخصيصها كمنطقة أثرية، رغم أن المحضر يشير في نهاية التوصية بأن يتم إعادة تخصيصها لأهداف أخرى بعدما لم يثبت ما يفيد بأن المنطقة أثرية".
وأخفى البرش أثناء نقاشه مع "الرسالة" نهاية التوصية التي تفيد بتخصيص المنطقة لأهداف أخرى، ثم قال "بمعزل عن المحضر فتوصياتها لم تنفذ وجرى تجريف الموقع بدون رفع التوصيات لبلدية الزهراء وفق ما نصت عليه اللجنة".
أخطأنا بالتوقيع
وأمام المعلومات التي حصلت عليها "الرسالة" حول دور وزارة الآثار في قضية تل السكن، واجه فريق التحقيق الوكيل المساعد لوزارة الآثار في غزة محمد خلة، بهذه المعلومات، حيثّ أقرّ أن مندوب الوزارة في اللجنة البرش قد اطلعه على ما جرى التوافق عليه في اللجنة، قائلا:ً "لمته على التوقيع"، لكنه نفى صحة ما ورد في المحضر أثناء تبريره التوقيع.
وقال خلة: "لنفترض أن مندوبنا أخطأ وأنا أؤكد انه أخطأ لكن عمليا وعلى مدار ستة أشهر قلت لهم أنّني كوكيل لا اعترف بهذا التوقيع، وأصرّت اللجنة العليا للأراضي برئاسة إبراهيم رضوان آنذاك الحصول على توقيعنا في الوزارة على تخصيص المساحة، ودفعت الموظفين للوزارة من أجل الحصول على توقيعها".
"الرسالة" حصلت على تقرير خاص من خبير فرنسي يفند ادعاءات الوزارات بسماحه لها تجريف المنطقة
اعتمدت الجهات الحكومية على توقيع وزارة الآثار واعتبرته ضوءا أخضر للبدء في التجريف الذي طال منطقة أثرية تعود لما قبل عصر الأهرامات بألف عام بحسب الخبراء.
عملية التجريف كشفت بوضوح عن جزء هام من هذه الآثار، ما أشعل الأزمة من جديد ودفع عددا من المختصين في التاريخ والآثار في قطاع غزة بالتحرك لوقف التجريف.
تحرك عدد من المختصين مع وزارة الآثار مطالبين بوقف التجريف وهو ما رفضته الجهات الحكومية والموظفون المخصصة لهم الأرض.
الدكتور إيهاب النحال أحد موظفي الحكومة الذين خصصت لهم المنطقة قال للرسالة: "المنطقة ليست أثرية، وكل ما عثر عليه هو جرة قديمة، وهذا ليس مبررا لوقف المشروع الخاص بالموظفين الذين صبروا وصمدوا".
مصادر خاصة: مكتب وكيل الآثار طلب من حراس الموقع الانسحاب منه خلال عمليات التجريف الأخيرة والسماح لأبراج الظافر وجامعة فلسطين باستكمال انشاءاتها
وتابع "الأرض ملكنا وحصلنا على طابو من سلطة الأراضي والتجريف بدأ منذ عدة أشهر، أنا أستغرب موقف وزارة الآثار التي لم تطالب بوقف التجريف إلا في الأسابيع الأخيرة".
وتساءل "لماذا صمتوا عن جامعتي غزة وفلسطين وأبراج الظافر وعلت أصواتهم فقط للأرض المخصصة للموظفين؟، مستدركاً "هذا استقواء على الموظفين"، وفق قوله.
بدوره، أكد الوكيل خله أن الوزارة اعترضت عدة مرات لكن الحكومة قامت بالتخصيص والتجريف بالقوة.
تجريف ليلي
حالة الصدام التي نشبت بين الجهات الحكومية دفعت اللجنة الإدارية في غزة إلى إصدار قرار بوقف التجريف وتشكيل لجنة من وزارة الداخلية وسلطة الأراضي ووزارة الاقتصاد ووزارة الآثار ومندوب عن الموظفين المخصصة لهم الأرض للبت في كونها منطقة أثرية أم لا، رغم أن هذه اللجنة لم تضم أي خبير في علم الآثار.
وكانت المفاجأة أنه لم يتم الالتزام بالقرار، وقبل أن تجتمع اللجنة أو تصدر قرارها استأنفت الجرافات عملها في المنطقة ليلا وفي أيام العطلة الرسمية وبعد معاينة المكان تبين أن التجريف طال الآثار المكشوفة لإخفاء معالمها.
لم يحسم الجدل حول المنطقة وواصلت الجهات الرسمية التجريف في المكان ليتم استدعاء الخبير الفرنسي جون باتيست الذي خَبِرَ المنطقة من خلال عمليات تنقيب أجراها في العام 1998 ووضع في حينه عدة مجسات تؤكد أن المنطقة أثرية وذات قيمة تاريخية نادرة.
الخبير الفرنسي صدم من هول المشهد وحجم الإهمال والدمار الذي طال "التل"، مؤكداً أن عملية التعدي التي بدأت في عهد السلطة الفلسطينية سابقاً واستمرت حتى عهد اللجنة الإدارية التي جرى حلها قبل أيام، أدت لتدمير أسوار المدينة الكنعانية والبوابة التي كانت متواجدة في الجهة الغربية، إلا أن أخطرها التجريف الأخير والذي طال معالم هامة في صلب المدينة الأثرية.
فور مغادرة الخبير المكان أصدرت وزارة الآثار بيانا صحفيا قبل أن يصدر الخبير تقريره تقول فيه أنها توصلت لحل مع سلطة الأراضي يقضي بالسماح باستكمال التجريف في الجزء المخصص للموظفين، على أن يتم اعتماد ما تبقى من التل كمنطقة أثرية وعمل إحداثيات لها.
وفي تعليقه على استدعاء الخبير، أكد أبو ريده مدير عام الآثار أن الأزمة انتهت بعدما تم التوافق مع الخبير الفرنسي على أن المنطقة التي جرى تجريفها ليست هي المنطقة الأثرية، وإنما الجزء المتبقي هو الذي يحتضن الجزء الأهم من الآثار، وعليه توافقنا مع سلطة الأراضي على استكمال التجريف.
وأكد الخبير للرسالة انه اتفق مع اللجنة على تزويدهم بتقريره النهائي قبل مباشرة أي عملية تجريف، وبالرجوع الى أبو ريالة قال ان رئيس قطاع الآثار يوسف الكيالي زوده ببيان صحفي يؤكد موافقة الوزارة على استمرار التجريف في المكان وبناء عليه استأنف العمل.
وبالعودة الى الآثار قال أبو ريده " إن أساتذة الجامعات أعطوا موافقة لتجريف المنطقة، بينما رفض أساتذة الجامعات التعليق على هذا الامر رغم محاولاتنا المتكررة للحصول على تعقيب منهم.
صحيفة "الرسالة" حصلت على نسخة حصرية من تقرير الخبير الفرنسي جان باتيست يفند فيه ادعاءات الجهات الحكومية، ويؤكد انه لم يقدم استشارة بمواصلة التجريف.
وجاء في نص التقرير "تل السكن هو واحد من المواقع القليلة في فلسطين التي تشهد على بدايات بناء المدن ويستمد التل أهميته لموقعه الاستثنائي عند بوابة مصر التي تستورد القمح من فلسطين".
كما قال الخبير في تقريره "أسفرت أعمال التنقيب في العام 2000 عن نتائج هامة جداً وقد اعتبر المجتمع العلمي الدولي "تل السكن" واحداً من أبرز المواقع في الشرق الأوسط، وقد أظهر الموقع الروابط الوثيقة والمعقدة مع بدايات مصر الفرعونية "ثمانية قرون قبل الأهرامات" ويتطلع المجتمع الدولي إلى استئناف العمل لتوضيح واستكمال النتائج التي لوحظت بشكل كبير".
وقال السيد باتيست في تقريره "لا يمكن لأحد أن يستخدم نتائج استشارته كسلطة مصرح لها بقطع أو مواصلة الأعمال المدنية". وتابع التقرير "يجب حماية الموقع الأثري بأكمله فقد أدى التجريف الذي حدث مؤخراً إلى إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه ويجب وقف التجريف، ويجب أن تحدد المسوح السريعة للحفاظ على ما تبقى صالحا للاستعمال كعلم آثار".
وقال "أياً كان القرار الذي سيتم اتخاذه في المستقبل القريب، فمن الضروري تعزيز حماية موقع تل السكن الأثري من الناحية الإدارية كتراث ثقافي، ويجب على السلطات الإدارية في غزة تنسيق الجهود لضمان استئناف الحفريات الأثرية المنتظمة في الموقع من أجل إظهار الطابع الاستثنائي للموقع بأكثر الطرق وضوحاً ويتعين على الهيئات الأكاديمية التعاون مع إدارة الآثار للقيام بالحفريات معاً".
ويتطلب الطابع الخاص لعلم الآثار لهذه الفترات النائية التي تتناول البناء في الأرض الخام مهارات محددة وسيتولى الفريق الفلسطيني الذي تولى مسؤولية هذا البحث دعوة اخصائيين دوليين بالتعاون لاستكمال الخبرات، وفق التقرير.
انسحاب الحراس
واصلت الجهات الحكومية عملية التجريف استنادا لما قالت انه اتفاق شفوي بين جميع الأطراف ضمت الآثار وأساتذة الجامعات وسلطة الأراضي.
لكن الأخطر من ذلك أن وزارة الآثار طلبت من حراسها مغادرة المكان بقرار مباشر من مكتب وكيل الوزارة المساعد محمد خلة، وذلك وفق معلومات خاصة حصل عليها فريق التحقيق.
وعندما واجهت "الرسالة" خلة بالمعلومات حول طلبه من الحراس مغادرة الموقع، نفى ذلك بشدة، معتبرا أن هذا التساؤل اتهام مبطن له بالتواطؤ.
جامعة فلسطين التي ابتلعت قرابة 30 دونما من مساحة "التل" بينما أقيمت جامعة غزة للبنات على حوالي من 20 إلى 30 دونما فيما أقيمت أبراج الظافر "الوقائي سابقاً" على قرابة 4 دونمات، الجهات الثلاثة تتهمها الآثار بالتعدي على "التل".
أثناء عملية البحث حصل فريق التحقيق على معلومات صادمة تشير إلى طلب الوزارة من حراسها الانسحاب من المكان والسماح لهذه الجهات بالبناء على أراضي التل بعدما طالبتهم سابقاً للتصدي لهذه الجهات ومنعها بالقوة وتحديداً جامعة فلسطين.
وينص قانون الآثار المعمول به في الأراضي الفلسطينية على أن وزارة السياحة والآثار هي الجهة المخولة بتحديد المناطق الأثرية، كما يحق للوزارة أن تملك أي منطقة يثبت وجود أثار بها حتى لو كانت ملكية خاصة وتعويض أصحاب المكان.
مصدر خاص للرسالة وهو شاهد على ما جرى قبل بناء سور الجامعة قال "في البداية كانت الوزارة تشدد على حراسها عدم السماح للجامعة بالبناء وجاء مندوب من الوزارة وجلس مع مسؤول في الجامعة وبعدها طلبت الوزارة من الحراس مغادرة المكان والسماح للجامعة بالبناء مقابل توظيف ثلاثة من أقرباء هذا الموظف في الجامعة وما زالوا على رأس عملهم حتى الآن"، وفق قوله.
وتابع " تكرر الأمر أثناء بناء أبراج الظافر حيث اعترضت الوزارة في البداية ثم جاء ذات الموظف والتقى المهندس المسؤول عن بناء البرج وكنت شاهداً حينما قال له المهندس "الحي أبقى من الميت" فرد موظف السياحة "معك حق"، ومن ثم طلب منه عدم الحضور للوزارة وإنما سيتصل الموظف به ليلتقيا، وبعدها بأيام طلبت الوزارة من حراسها الانسحاب وسمحت بالبناء".
معلومات خطيرة تحمل اتهامات واضحة للوزارة نقلها فريق التحقيق للوكيل المساعد خله الذي نفى صحتها أو علمه بها.
عادت الرسالة لتواجه وكيل الوزارة محمد خلة بالمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة حول صفقة جرت بين أحد موظفي الوزارة وجامعة فلسطين وبرج الظافر، حيث أكدّ في البداية أن بناء السور الذي جرى في عهده جاء بناء على موافقة من الوزارة لمنع الجامعة من التغول على التل، ونفى بشدة أن يكون هناك أي صفقة تورط بها أحد عناصر الوزارة.
وبعد يومين، طلب خلّة من "الرسالة" عدم نشر معلومة وجود صفقة بين أحد موظفيه والجامعة، بعدما أجرى تحقيقا داخليا يفيد بعدم صحة المعلومة، إلّا أن الرسالة نشرتها بموجب المعلومات التي حصلت عليها وإفادة مصدرها الخاص الذي كان شاهد عيان على الحادثة علماً أن الرسالة تأكدت من المعلومة من مصدر آخر.
31 دونما هو ما تبقى من الموقع كاملاً والذي كانت مساحته تفوق الـــ 100 دونم تقريباً أي أن ثلثي تل السكن تم القضاء عليه، هذه المساحة التي تقول وزارة السياحة أنها ستحافظ عليها وتخصصها كمنطقة حرم أثرية حسم الصراع عليها بعدما وضعت إحدى الجهات يدها على المكان ما يعنى عملياً انتهاء تل السكن الأثري.