قرابة أسبوعين مرت على اعلان حماس حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة والتي كان يضعها رئيس السلطة محمود عباس عقبة أمام تنفيذ المصالحة ووقف اجراءاته ضد غزة، حيث خاضت السلطة حرباً ضروسا ضد القطاع المحاصر بحجة إعادته الى "الشرعية" المتمثلة في سيطرة رئيسها أبو مازن على غزة، وذلك من خلال تمكين حكومة الحمد الله السيطرة على القطاع وإعادة دمج الوزارات ما بين غزة والضفة.
اللقاءات التي جرت في القاهرة مؤخراً بين مستويات قيادية عليا في حركة حماس والمخابرات المصرية التي ترعى الملف الفلسطيني، وما تبعه من وصول وفد لحركة فتح أظهر حجم الضغط المصري اتجاه تنفيذ خطوات هامة في تطبيق المصالحة.
اعلان حماس المفاجئ حل اللجنة الإدارية التي كانت تقوم بأعمال الحكومة في القطاع من طرف واحد دون شروط مسبقة أعطى مؤشرات إيجابية من الحركة ورغبتها الفعلية في تحريك الملف، وكان الجميع يتنظر أن يعلن أبو مازن من جانبه وقف اجراءاته ضد غزة التي قال انه اتخذها رداً على تشكيل حماس اللجنة الإدارية وأن وقف الإجراءات مرهون بحلها.
عدم التراجع عن القرارات رغم مرور قرابة عشرة أيام على حل اللجنة خلق أولى حالات الإحباط من إمكانية تطبيق المصالحة.
المؤشر الآخر للإحباط برز عقب تصريحات وزير التخطيط والمالية في حكومة الحمدالله الذي قال ان الحكومة الفلسطينية تعاني من ازمة مالية خانقة، وأن دمج موظفي غزة يحتاج إلى سنوات من الدراسة.
كما صعدت حركة فتح من نبرة المساومة خاصة مع تصريحات جبريل الرجوب التي قال فيها "المصالحة ستنهار إذا استعجلنا بملفي الرواتب والأمن"، وهو فعلياً يساوم حركة حماس بالرواتب مقابل الامن، رغم علمه أن الرواتب ملف آني لا يحتمل الكثير من التسويف كما أنه فجر اتفاق الشاطئ في العام 2014.
كما أن عدم دفع رواتب الموظفين خلال الأشهر القادمة سيتسبب في أزمة كبيرة في القطاع وسيثير ضجة في أوساط الموظفين ما يهدد بإمكانية حدوث فراغ اداري وأمني، إلى جانب الأزمة التي قد تنشأ نتيجة تحويل جميع أموال الجباية الى حكومة التوافق وبالتالي هي ملزمة بدفع الرواتب لموظفي غزة.
وبحسب الاتفاق الذي جرى في القاهرة فان عملية دمج الموظفين يجب أن تتم وفق الورقة السويسرية والتي جرى التوافق عليها في العام 2014 وإن جميع العاملين يجب أن يحصلوا على راتب كما أن جميع العاملين الذين يتلقون راتبا يجب أن يعملوا ضمن مؤسسات الحكومة وتتلخص أهم بنود الورقة في التالي:
- التعامل مع جميع الموظفين على قدم المساواة في عملية الدمج على ان تكون العملية شاملة وشفافة.
- بذل جهود كبيرة لدمج أكبر عدد ممكن من الموظفين بما في ذلك الموظفين في وزارة الداخلية بقطاع غزة "العسكريين" في حين سيتم البحث عن حلول مسؤولة وخلاقة للموظفين الآخرين.
- تقوم حكومة التوافق بتعيين لجان من خبراء تقنيين متخصصين تحت إشراف اللجنة القانونية الإدارية، تكون هذه اللجان شرعية وممثلة سياسية، كقوة مستقلة بدعم إضافي تقني خارجي.
- مراجعة وتدقيق ملفات جميع الموظفين في المحافظات الجنوبية "قطاع غزة" كل على حدة، من قبل هذه اللجان التقنية حسب احتياجات القطاعات المختلفة وبما يراعي تطبيق المعايير المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية الفلسطيني، على أن تقدم توصيات بشأن الحالة الفردية للموظفين والحلول التي سيتم اتخاذها.
- جميع القرارات التي تتخذها اللجان التقنية التي ستشكلها الحكومة ستكون خاضعة لحقوق الطعن والإجراءات القانونية الواجبة.
- سيتم إجراء فحص أمني لجميع الموظفين وضمان اجتيازهم لهذا الفحص، وفقا للمعايير الدولية، كي يحصل الجميع على راتب من خلال كشف رواتب موحد.
- فور البدء بعملية الفحص الأمني ستتكفل كل وزارة باستكمال العملية في غضون ثلاثة أشهر.
- ستبدأ عملية إصلاح واسعة للقطاع المدني وللخدمات المدنية والأمنية في جميع المحافظات الفلسطينية مباشرة بعد عملية الدمج وإجراء الانتخابات من أجل خلق خدمة مدنية فعالة وذات كفاءة ومستقرة ماليا.
ويمكن الحديث عن ست خطوات يجب ان تتخذها الحكومة بشكل مباشر كخطوات أولية وعاجلة إذا ما كانت تنوي فعلياً تسلم القطاع وإدارة شئونه بعيداً عن التجاذبات السياسية ومحاولات فرض اجندات سياسية وإجراءات عقابية.
أولاً: من البديهي على الحكومة كاملة زيارة القطاع برئاسة الحمدالله خاصة أن هذه الحكومة لم تزره الا مرة واحدة عقب الحرب الأخيرة على غزة، وبحسب المعلومات من المتوقع ان يزور وفد من الحكومة القطاع الأسبوع الجاري.
ثانياً: عقد اجتماع الحكومة في القطاع ومن مقر مجلس الوزراء وليس من أحد الفنادق كما جرى خلال الزيارة الوحيدة التي قامت بها الحكومة، ما أوحى في حينه أنها ترفض الاعتراف بوزارات غزة.
ثالثاً: بدء التواصل الفوري مع جميع الوزرات في غزة والعاملين فيها، وصرف الموازنات التشغيلية الخاصة بها.
رابعاً: البدء بخطة لدمج موظفي السلطة والحكومة بغزة، من خلال إجراءات واضحة وفقاً للمبادرات العديدة التي طرحت لحل الملف.
خامساً: إلغاء كل القرارات المجحفة التي اتخذت ضد غزة من خصم للرواتب ووقف مخصصات.
سادساً: تحمل مسؤولياتها اتجاه أزمات القطاع خاصة ازمة الكهرباء والمياه وغيرها وذلك من خلال اعفاء غزة من ضرائب الوقود والمباشرة بالمشاريع التي تنهي الأزمة.