قائمة الموقع

أحلام فدوى في "صفّ الإرادة" تحقق في "مدرسة الجزائر"

2017-10-15T14:04:22+03:00
الرسالة نت- محمد بلّور

ما كان يوماً مبادرة فردية لمساعدة طالبات من ذوي الاحتياجات الخاصّة حرمن من التعليم، تحوّل اليوم بعد سبع سنين إلى مدرسة خيرية تحمل اسم مدرسة الجزائر للتربية الخاصّة.

عندما زارت فدوى مصطفى طالبة قسم التأهيل بالكلية الجامعية خلال التدريب الميداني حالات متنوّعة لفتيات ذوي الاحتياجات الخاصّة، وجدت أن كثيرات مضى بهن العمر وتخطين العقد الثاني دون أن يحصلن على فرصة التعليم المدرسي فطرقت رأسها فكرة جمعهن في فصل واحد.

أسست "فدوى" فصلاً تعليمياً بجهد ذاتي، حمل اسم (صفّ الإرادة) كانت تتنقل فيه بين مركز تمكين المرأة في النصيرات ومستشفى الوفاء في مدينة الزهراء حتى وصل بها المقام إلى مدرسة متخصصّة في مدينة دير البلح بعد أن تبنته نافذة الخير وحصل على مقر من أحد المتبرعين.

                                                                              ميلاد فكرة

بدت القصة عندما كانت تعجب فدوى خلال التدريب الميداني قبيل تخرجها بثلاثة فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصّة يحفظن القرآن بالتلقين من فتاة كفيفة البصر تكبرهن في العمر.

بعد خمسة شهور تخرجت مصطفى من الكلية وأضحت ممثلة لإحدى الجمعيات المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصّة وخلال عملها في وسط القطاع جمعت عشر حالات لفتيات من دير البلح والنصيرات والبريج.

عندما زارتها "الرسالة" في مشروعها الجديد الذي حمل اسم (مدرسة الجزائر للتربية الخاصّة) كانت الحالات تتوافد للالتحاق بمدرسة هي الأولى من نوعها في مدينة دير البلح لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصّة وأطفال التوحّد وصعوبات التعليم وآخرين.

تقول: "جمعت 10 فتيات لتأسيس صفّ وذهبت لوزارة التعليم لمساعدتي لكني علمت بوجود برنامج لمحو الأميّة في مركز تمكين المرأة التابع لوزارة الشئون الاجتماعية وطرحت عليهم الفكرة بعد تقديم ندوة علمية عن الفكرة لمدرسي الجامعة".

شقت الفتيات طريقهن في (صفّ الإرادة) من الحروف الأبجدية وحصلن على إيجاز من وزارة التعليم فتعلمن من الصفّ الأول وبعد أربع سنوات وصلن لمنهاج الصفّ السادس وبعيد حرب (2014) اضطرت فدوى للبحث عن مكان بديل فوجدت ضالتها في مستشفى الوفاء للمسنين.

خلال العمل في مركز تمكين كانت الصعوبات الماديّة تهدد استمرار مبادرة فدوى لكن إحدى الصحفيات بغزة تكفّلت بنفقات كثيرة وعندما تطرّقت إحدى الفتيات من الصفّ لقصتها في برنامج عبر راديو الأقصى تواصل الأسرى مع فدوى لتقديم الدعم.

وتتابع:" كل شهر كنت أتعرض لحيرة كبيرة كيف سأتدبر المواصلات للباص وكيف سأوفر مكافأة رمزية لمعلمتين دائمتين لكن أهل الخير كانوا يظهروا وعندما انتقلت بهن لمستشفى الوفاء أعفت بلدية الزهراء المستشفى من فاتورة المياه مقابل استضافة الفصل".

مكثت فدوى التي عملت معيدة في الكلية الجامعية لاحقاً برفقة (صفّ الإرادة) ثلاث سنوات في مستشفى الوفاء وكانت أحوال الفصل الماديّة متذبذبة ما شكّل لها هاجس قلق دائما وانتكاسة وشيكة لفتيات بدأن يخرجن من طوق الإعاقة ويشاركن بفعالية في المجتمع.

وكانت أسرة فدوى في مستشفى الوفاء المشكّلة من (10) فتيات تلتئم من 3-4 أيام في الأسبوع وقد تعززت بين الفتيات والمعلمتين صداقة قويّة تخطت حدود الدراسة لمشاعر المحبة والحزن لأي مكروه يصيب أحداهن أو حتى لمجرد غياب أحدهن عن يوم دراسي.

أشهر طالبات الفصل كانت أسماء، (مصابة بشلل نصفي) في العشرينات من عمرها العقد الثاني والتي تعلمت من الاحرف الهجائية وأنهت الإعدادية في (صفّ الإرادة حتى أضحت تفهم ما يكتب في الصحف وعلى التلفزيون.

أما الطالبة آيات أبو جلد (29) سنة و"مصابة بخلع ولادة" فلازالت الأكثر تميزاً خاصة في اللغة العربية والتعبير، وقد وجدت في (صفّ الإرادة) إنصافاً أمام مجتمع ظلم الفتيات الكبار وحرمهن من التعليم فصممت على إثبات ذاتها.

                                                                                     إغلاق الفصل

زار القلق (صفّ الإرادة) العام الماضي كل شهر مهدداً مستقبل فتيات وصل عددهم إلى (12) فتاة خاصّة بعد تردي الأحوال الاقتصادية في قطاع غزة وعجز فدوى عن توفير نفقات المواصلات والمعلمات بانتظام ومع بدء أزمة الرواتب تفاقم الحال.

وتضيف: "في رمضان الماضي قابلت الصحفي بسام البطّة مدير جمعية نافذة الخير وكان يعتقد أن الفتيات بحاجة لمأوى لكني شرحت له المشروع فأخبرني بوجود متبرّع بمنزل كبير فوق قطعة أرض كبيرة لجمعيته وبالفعل قدمت مشروع المدرسة لإدارة الجمعية ووافقت عليه وبدأت ترتيبات تجهيز المكان".

في البداية لم تصدّق فدوى أن (صفّ الإرادة) سيرى النور في مدرسة الجزائر للتربية الخاصّة كما أسمتها جمعية نافذة الخير التي أرادت تقديم شكرها للمولين من الجزائر وأهل الخير بذكر اسم الجزائر دوماً.

طوال شهرين استمر العمل في أحد المنازل بمدينة دير البلح عمال (بناء وطلاء وسبّاكين وفنيين) أعادوا تجهيز المكان ليكون مناسباً لاستقبال طلبة وأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة.

وتتابع:" أعلنت عن مشروع مدرسة الجزائر للتربية الخاصّة وانتقل صفّ الإرادة معي ونحن نبدأ الآن مع 50 طالبا وطالبة تعليم من الابتدائي حتى الثانوي بعد اكتمال طاقم معلمات الإنجليزي والعربي والرياضيات والحاسوب فيما تم تخصيص فصول أخرى للتعليم الخاصّ لتعليم صعوبات التعليم وأطفال توحّد والتأخّر الدراسي والإعاقات الحركية".

اليوم ترى فدوى أن ثمرة إيمانها بفكرة مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصّة فئة الفتيات اللواتي كبرن وحرمن من التعليم وهمشهن المجتمع وإصرارها على العمل برفقة الكثير من المساعدين من أهل الخير والأسرى المحررين خرج بصفّ الإرادة إلى النور.

وتضيف: "واجهتني صعوبات لكن كان لدي دوماً إرادة وأمل وكان طموحي تأسيس مدرسة للتربية الخاصّة واليوم وجدت أن الفكرة لاقت إقبالا كبيرا من الأهالي الذي كانوا يشكون من حرمان أبنائهم من التعليم والرعاية وهدفنا التعليم ومنحهم الثقة والمهارات ليساهموا في المجتمع".

ويتفتح الأمل بحياة أفضل في أربعة فصول بمدرسة الجزائر للتربية الخاصّة يتعلم فيها (50) طالبا من بداية الابتدائية وحتى مطلع الثانوية فيما خصصت المدرسة فصلاً للتعليم الموازي وحجرة للوسائط التعليمية.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00