للوهلة الأولى لا تصدق أن ما تشاهده عيناك من جمال ودقة بالوصف والتعبير جُمعت في صورة متكاملة، هي لوحة فنية أحاكتها العشرينية "يارا أيوب" بعد أن حولت التطريز إلى لوحات تعكس تصورات وتعابير أقرب للواقع من الخيال.
الشابة يارا التي شارفت على إنهاء دراسة البكالوريوس في علم البصريات بالجامعة الإسلامية، لم يكن لموهبتها وإبداعها أي صلة في تخصصها الجامعي لكن شغفها وتعلقها بالرسم والتطريز جعلتها تمزج بين الاثنين لتنتج لوحات فنية تحمل في رونقها الجمال والإبداع.
ورغم أنها لم تفكر في التطريز من قبل إلا أن إعجابها بلوحة تدعى " ليلة النجوم" لأحد الفنانين كانت قد شاهدتها على مواقع التواصل الاجتماعي دفعها إلى البدء في التفكير بتطريز لوحات فنية لتكون هي الأولى والمميزة على غير التطريز المعتاد.
ومع تنقّل الإبرة التي تجر الخيط بين ثنايا لوحتها الأولى "فان غوخ" أخدت يارا تشعر بأنها تخرج بعضًا من الفن والموهبة المدفونة داخلها، لتبدأ بتجسيدها واقعًا، غير آبهة للصعوبة الكبيرة في اللوحة الأصعب، لا سيما مع التجربة الأولى وبداية الطريق.
وبعد قرابة شهر من العمل على فترات متقطعة لم يصدق كل من رأى لوحة "فان غوخ" أنها أول بداية ليارا قبل الانطلاق في تطريز اللوحات الفنية المختلفة " فهي لم تتعلم من أحد يعمل في التطريز أو أي شخص من عائلتها" كما تروي لـ"الرسالة نت".
وتجسد لوحة "فان غوخ" مشهدًا للنجوم اللامعة في عتمة الليل الحالك على قرية بين الجبال وأشجار السرو الشاهقة.
ولا يحتاج هذا الجمال في تجسيده سوى إلى عين قوية ودقة عالية في التركيز للتحكم في سير الإبرة وقليل من الموسيقى، مما يدفعها إلى الجلوس في شرفة منزلها المُطلة على شارع صغير بعيدًا عن ضوضاء المدينة وهربًا من عتمة غرفتها مع الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي بغزة، تقول يارا.
ومع التحفيز الكبير والحفاوة من الأهل والأقرباء والأصدقاء بدأت الشابة "أيوب" في تطريز ثاني لوحة ادفارد مونش "الصرخة" وهي تعكس شخصًا في حالة من الذهول يقف على قمة جبل تدنو منه الأنهار.
وتجسد اللوحة الأخيرة التي رسمتها يارا، مشهد الأمومة بطفلة تعانق والدتها بقوة، في ربط واضح بين الواقع وفن حياكة التطريز.
تنتظر أيوب التي تنحدر من عائلة بسيطة، انتهاء آخر فصل جامعي لها، لتنطلق في مشروعها بحياكة اللوحات الفنية ورسم الواقع بأسلوب بسيط، تمهيدًا للوصول لمعرض كبير يجمع عديدًا من اللوحات المتنوعة.
وترفض فكرة بيع اللوحات أو أخد مبلغ مالي مقابلها كونها تعتبر أن ما تصنعه من لوحات جزء منها من الصعب عليها التخلي عنه مقابل شيء مادي.
وتتمنى يارا أن تصل لوحاتها إلى عديد من الدول العربية الأوروبية، وأن تحدث نقلة نوعية في المزج ما بين حياكة التطريز والرسم وتشكيله عبر لوحات فنية.