في الذكرى المئوية للوعد المشؤوم

تداعيات "بلفور" الكارثية تثقل كاهل الفلسطينيين

الهجرة
الهجرة

غزة- محمد عطا الله

مئة عام مرت على أكبر خطيئة تاريخية سياسية ارتكبتها بريطانيا بحق الفلسطينيين بعد أن منحت ما لا تملك لمن لا يستحق، مخلفة بذلك آثارا وتداعيات كارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته على مدار عدة عقود، ومازال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنها.

ويصادف اليوم الخميس، الذكرى الـ100 لـ "وعد بلفور" المشؤوم الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.

ويطلق "وعد بلفور" على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

وبحسب الموسوعة الفلسطينية، فإن صياغة وعد بلفور استغرقت 4 أشهر قبل الوصول إلى الصيغة النهائية، وذلك بالنظر للتعهدات الأخرى التي التزمت بها بريطانيا، ولا سيما تجاه الشريف حسين، وضغوط المعارضة التي واجهتها من الجانب المعادي للصهيونية.

وحرصت وزارة الخارجية البريطانية -في تلك المرحلة-على الاقتضاب وتحاشي التفاصيل والاعتماد على العبارات العريضة.

وجر بلفور المشؤوم الويلات والجرائم على شعبنا الفلسطيني، فمنذ أن تم منح الصهاينة هذا الوعد وتتواصل مخططات القتل والتهجير والاستيلاء الصهيونية على الأرض الفلسطينية وحتى المؤامرات والمخططات الإجرامية لا تزال تتواصل ضد القرى الفلسطينية بهدف تهجير سكانها وإحلال المستوطنين مكانهم.

اقتلاع شعب

ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن تداعيات هذا الوعد خطيرة جدا كونه نتج عنه اقتلاع شعب واحلال آخر كان غير قادر على الاندماج في المجتمعات الأخرى، "فجاءوا به في إطار التخلص منه ولخدمة مشروع استعماري يستهدف ضرب وحدة الامة العربية ونهضتها".

ويوضح عوكل في حديثه لـ"الرسالة نت" أن الوعد خلَف خطيئة تاريخية خطيرة عدا أنها ازاحت شعب بأكمله وتركته بلا حقوق وأبقت الصراع مفتوحا، وتابع "بهذا الوعد تم تهديد كل حركة الوحدة التحريرية القومية العربية، وجعلها أكثر عرضة لمخططات تقوم بها (إسرائيل) في المنطقة بتأمين وجودها، وذلك بدعم من الدول الغربية التي صنعتها".

وأكد أن قضية الفلسطينية باتت هي قضية التحرر الوطني الوحيدة في العالم، مشيرا إلى أن المنطقة العربية منذ تأسست (إسرائيل) أصبحت تعاني من مخاطر تعيق التطوير والتنمية الاقتصادية وتطوير العلاقات البينية بين تلك الدول.

وأشار عوكل إلى أن الوعد أسس لقضية اسمها القضية الفلسطينية، مبيناً أن الفلسطينيين كانوا على ارضهم يعيشون بسلام، مشدداً على أن المطلوب من بريطانيا هو الاعتذار للشعب الفلسطيني ودفع تعويضات عن كل السنوات منذ وعد بلفور حتى اليوم والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية على الأقل.

مصالح استعمارية

ويعقد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن أخطر التداعيات التي تركها "بلفور" هو قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين، حيث جاء في ذروة محصلات وتقاطعات دولية أثناء الحرب الأولى كان نتيجتها أن هذه المصالح الاستعمارية في تلك الفترة تقتضي بالتخلص من بعض المجموعات التي لم تستطع الاندماج في مجتمعاتهم.

وبين حبيب لـ"الرسالة نت" أن الدولة العبرية قامت عام 1948 استنادا إلى هذا الوعد من خلال تشجيع الهجرة وفتح سفارتها الكبرى وجامعتها العبرية حتى قبل ذلك العام وبشكل رسمي في 14 أيار بعد جلاء الاستعمار البريطاني.

وتابع " جميع الشعوب الأخرى التي تم احتلالها ومصادرة ممتلكاتها قامت بكثير من الجهود أبرزها جعل الدول المستعمرة أن تعتذر وتعوض لكن نحن كفلسطينيين لم ننجح ولم تقبل الدولة الاعتراف بجريمتها بل أحيت هذه الذكرى بوجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لندن".

ونوه حبيب إلى أن ما نشهده اليوم من جرائم إسرائيلية، هي نتيجة هذا الوعد المشؤوم، لافتا إلى أن العرب وبعض الفلسطينيين يتحملون مسؤولية كبيرة لعدم مواجهة هذا الوعد منذ فترة طويلة بالشكل المطلوب.

البث المباشر