شكل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة في العام 2005 مرحلة جديدة وفاصلة، وكانت أبرز الآمال الفلسطينية التي عقدت على عملية الانسحاب هي سهولة الحركة على المعابر وخاصة معبر رفح، فقد توقع أهالي القطاع أنه سيصبح بمقدورهم التنقل والسفر بحرية، قبل أن تفرض اتفاقية المعابر 2005 عليهم شروطًا قيدت حركتهم وأصبح الاحتلال بالوكالة.
وبعد عشرة أعوام من العمل على المعبر بعيدًا عن الاتفاقية تصر السلطة الفلسطينية التي تسلمت المعابر في القطاع مطلع نوفمبر الجاري على العودة للاتفاقية كأساس لتشغيل معبر رفح وهو ما قوبل برفض شعبي وفصائلي.
وقال مسؤولون فلسطينيون إنهم يصرون على إعادة تشغيل معبر رفح وفق "اتفاقية المعابر" الموقعة بين السلطة وإسرائيل قبيل انسحاب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005.
وبحسب عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة في حركة "فتح" فإن إصرار السلطة على العمل وفق الاتفاقية المذكورة لتحميل إسرائيل مسؤولياتها كدولة احتلال عن قطاع غزة، وإجبارها على تطبيق بقية بنود الاتفاقية التي تنص على تشغيل المطار والميناء في غزة، والممر الآمن الذي يربط غزة بالضفة الغربية.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن الاتحاد الأوروبي، الذي نصت الاتفاقية المذكورة على وجود مراقبين له في معبر رفح، لن يعود إلى المعبر إلا في حال طلب الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منه ذلك.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي أرسل فريقاً إلى المعبر أخيراً، للاطلاع على الاستعدادات الجارية لإعادة تشغيله في 15 الشهر الجاري، بناء على طلب الجانب الفلسطيني، لكنه لن يعود إلى الإشراف على عمل المعبر إلا بعد أن يطلب منه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي ذلك.
الاتفاقية التي وقعت بين الجانب الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية في العام 2005 فرضت وجود مراقبين أوروبيين شكل وجودهم فرض لسياسات الاحتلال بالوكالة، ولم يساهم وجودهم الذي لم يكن له أي مبرر سوى فرض هيمنة دولية ورقابة مشددة على الفلسطينيين أي إضافة نوعية للعمل على المعبر بل على العكس فإن إغلاق المعبر لأيام متكررة كان نتيجة انسحابهم المفاجئ.
وطوال فترة تواجد البعثة الأوروبية في المعبر "24 نوفمبر 2005 حتى 14 يونيو 2007" جرى إغلاق المعبر لفترات طويلة نتيجة انسحاب المراقبين الأوروبيين والذي كانوا ينسحبوا لأي حدث أمني يقع في القطاع حتى لو كان بعيداً عن المعبر، وفي بلد غير مستقر أمنياً ومعرض في أي لحظة للقصف أو الاشتباكات فإن العمل بهذه الطريقة يعني أن أوضاع المعبر لن تتجه للأفضل كما يأمل الغزيون.
من ناحية أخرى فإن إقامة البعثة الأوروبية داخل الخط الأخضر سمح للاحتلال التحكم بهم وبتحركاتهم ووجودهم على المعبر، وقد منعوا خلال فترة عملهم من دخول المعبر بسبب الإغلاقات الإسرائيلية والأعياد وإغلاق المعابر أو لأحداث أمنية، وهذا المشهد من المتوقع أن يتكرر في حال إعادة العمل بنفس الآلية.
الفصائل الفلسطينية التي من المتوقع أن تجتمع في القاهرة لاستكمال حوارات المصالحة، استبقت الزيارة بالمطالبة بعدم العودة للاتفاقية، حيث قالت في بيان صحفي مشترك " معبر رفح فلسطيني مصري مما يستدعي البحث عن صيغة مصرية فلسطينية لا تعيدنا إلى اتفاقية 2005 التي انتهت صلاحياتها والتي نرى فيها انتهاكاً للسيادة الوطنية الفلسطينية وتعيدنا إلى دائرة الوصاية الأجنبية".
من ناحية أخرى فإن الاتفاقية التي وقعت في ذلك الوقت تقتضي أن يتم مراجعتها بعد عام وهي قابلة للتعديل أو الإلغاء، لكن السلطة أصرت في ذلك الوقت على استمرار العمل بها وتعود الاحتلال لتطالب بفرضها على أهالي قطاع غزة رغم الانتقادات الكبيرة لها، وكونها لم تنجح في منح الفلسطينية حرية الحركة وفرض سيادتهم على المعبر.
وقد صرح الجانب المصري من ناحيته أنه لم يشترط فتح المعبر بالعمل وفق الاتفاقية التي لم يكن طرفاً فيها، وبالتالي فإن استبعاد الاتفاقية لن يؤثر على الرغبة المصرية بتنظيم العمل على المعبر وفتحه.