قائمة الموقع

مقال: المرأة والشعب المسلح

2017-11-12T19:51:15+02:00
المرأة والشعب المسلح
بقلم الأسير: عبد الناصر عيسى

برزت في الاونة الاخيرة ظاهرة تزايد اعداد النساء الاسرائيليات اللواتي يتوجهن للخدمة في الوحدات المقاتلة التابعة للجيش الاسرائيلي وذلك منذ قرار المحكمة العليا بالسماح  للنساء بتاريخ 22-6-1995وقبلها كن يشاركن فقظ في مهام الجيش غير القتالية .

وقد بلغت هذه الظاهرة ذروتها في ما نشرته صحيفة يديعوت احرنوت 7-11-1997 انه وللمرة الاولى يتم تعيين امرأة، وهي الرائد "ي" كنائب لقائد سرب طائرات مقاتلة من نوع اف 15 ،والتي يطلق عليها ايضا رأس الحربة ، الرائد "ي" تبلغ من العمر 27 عام زوجها طيار وجدها كان كذلك ايضا .

اليوم يوجد في سلاح الجو الاسرائيلي 40 امرأة، نصفهن بوظيفة " طيار" والبقية بوظيفة مساعد طيار وذلك من اصل 48 امرأة درست كورس الطيران ، تجدر الاشارة ان بداية السماح للنساء في الخدمة في سلاح الجو كانت نتيجة لاصرار النساء ورفعهن قضايا متكررة امام المحاكم الاسرائيلية، مما اُضطر قيادة الجيش للموافقة والقبول بذلك ، ويبدو ان هذا قد الغى المثل الشعبي الاسرائيلي والذي يقلل من شأن المرأة " الجيّدون للطيران والجيدات للطيارين ".

يمكن القول ان موضوع وصول النساء للخدمة والعمل في الوحدات المقاتلة وعلى رأسها سلاح الطيران يثير النقاش حول نقطتين اساسيتين هما :

اما الاولى : فهي حقيقة كون اسرائيل " شعب مسلح " او"امة باللباس العسكري " ، وهو مصطلح يشكل احد نماذج العلاقة بين الجيش والمجتمع ، ويعتبره باحثون كثر النموذج الامثل الذي يفسر الحالة الاسرائيلية ، حيث تنتشر فيها الثقافة الامنية والعسكرية بشكل بارز وواضح ، وذلك بسبب قيامها ومنذ نشأتها في العام 1948 على احتلال الاراضي العربية الفلسطينية بقوة السلاح ،مما يتطلب حالة شبه استنفار مستمر لان العرب لن يقبلوا بالاحتلال وسيحاولوا الرد فلتبقى اليد على الزناد، كما اكد ذلك وزير الدفاع الاسرائيلي السابق الجنرال موشيه ديان.

كما ان تجنيد المرأة ووفق نموذج الجيش المسلح ، قد يأتي في اطار تجنيد مكثف وعال لكامل الطاقة البشرية الممكنة وذلك من اجل ايجاد حل لاحد اهم نقاط الضعف في نظرية الامن القومي الاسرائيلي وهي : محدودية وقلة القوى البشرية .

اما الثانية- فتتعلق بمحاولة التيارات العلمانية او النخب الايشكنازية القديمة مواجهة الخطراو التأثير المتزايد للافكار الدينية  القومية بقيادة حاخامات الصهيونية،من معلمي الوزير نفتلي بينت وغيره ، في اوساط جنود وضباط الجيش الاسرائيلي ، حيث يضغطون ويدعون الى ضرورة التزام الجيش الاسرائيلي " جيش الشعب " بالتشريعات التوراتية والتي تقلل وبشكل عام من دور المرأة ، وتحرم قتال النساء الى جانب الرجال .

يعتبر هؤلاء الحاخامات فتاويهم التي اصدروها بتحريم خدمة الرجال الى جانب النساء ليس امرا دينيا فحسب بل هو تعبيرٌ عن ارادة اوساط واسعة من الشعب في اسرائيل ، وعلى " جيش الشعب "ان يحترمها .

تشكل محكمة العدل العليا في اسرائيل ملاذا للنساء في مواجهة فتاوي الحاخامات والدفاع عن حقوقهن في الخدمة في كل وحدات الجيش الاسرائيلي وهذا ما يتم على ارض الواقع لذا يقوم اليمين في اسرائيل باستخدام نفوذه الواسع ومن خلال تشريعات الكنيست للحد من قدرة وامكانية المحكمة العليا في كبح جماحه .

من المتوقع ان يجد الجيش الاسرائيلي صيغة تسمح باستمرار وتقدم خدمة النساء وفي نفس الوقت عدم المس بمواقف ومشاعر الجنود المتدينين .

 

*أسير فلسطيني وباحث في القضية الفلسطينية

اخبار ذات صلة