يصادف اليوم الثلاثاء الذكرى الخامسة لاستشهاد نائب القائد العام لكتائب القسام، أحمد الجعبري، الذي اغتيل بقصف إسرائيلي في العام 2012.
ففي تمام الساعة الثالثة إلا ربع من مثل هذا اليوم قبل خمسة أعوام، هزّ انفجار قوي أرجاء قطاع غزة، لتعلن كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس استشهاد الجعبري، نتيجة استهداف طائرات الاحتلال لسيارته التي كانت تسير قرب مشفى الخدمة العامة وسط مدينة غزة.
كان أحمد الجعبري المولود في 1960 نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض، ويطلق عليه "رئيس أركان حركة حماس" وقد عين قائدا لكتائب القسام في غزة وكان من أهم المطلوبين لـ"إسرائيل" التي اتهمته بالمسؤولية عن عدد كبير من العمليات ضدها.
الجعبري من سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حاصل على بكالوريوس التاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة وقد اغتالته "إسرائيل" في مثل هذا اليوم 14 نوفمبر 2012 بصاروخ استهدف سيارته.
مسيرة نضالية
واستهل الجعبري، مسيرته النضالية في صفوف حركة "فتح"، واعتقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد قوات الاحتلال وأمضى 13 عاما بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982.
وخلال وجوده في السجن، أنهى الجعبري علاقته بحركة "فتح"، وانتمى لـ"حماس" وعمل بمكتب القيادة السياسية لها.
وتركز نشاط "الجعبري" عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 1995 في إدارة مؤسسة تابعة لحركة حماس تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، ثم عمل في 1997 في حزب الخلاص الإسلامي الذي أسسته الحركة في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية المحمومة لها من جانب السلطة آنذاك.
في تلك الفترة توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، والقائدين البارزين عدنان الغول وسعد العرابيد، وساهم معهم إلى جانب الشيخ صلاح شحادة في بناء كتائب القسام، ما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في العام 1998 إلى اعتقاله لمدة عامين بتهمة علاقته بكتائب القسام، وتم الإفراج عنه مع بداية الانتفاضة إثر قصف الاحتلال لمقرات الأجهزة الأمنية في القطاع.
محاولات اختطاف فاشلة
كشف الموقع الاخباري الاسرائيلي "واللا" تفاصيل محاولة فاشلة للوحدات الإسرائيلية الخاصة، لاختطاف القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، الشهيد احمد الجعبري، عام 2008، من أجل الضغط على حماس لإطلاق سراح الجندي المختطف جلعاد شاليط .
ولعب الجعبري دورًا بارزا في انجاز صفقة وفاء الاحرار، الى جانب شخصيات سياسة عملت في العلن وأخرى في الخفاء، ليحدث الصفقة الأبرز والاكبر في تاريخ الفلسطينيين خلال العقد الأخير من الصراع مع الاحتلال.
وسعت إسرائيل، إلى خطف الجعبري، من خلال نصب كمين له قبل انجاز صفقة وفاء الاحرار، وفق ما كشفت عنه يديعوت احرنوت، وقد اجتمّعت القيادة الامنية وعلى رأسها وزير الحرب "الإسرائيلي" ايهود باراك، ورئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي، ورئيس جهاز "الشاباك" يوفال ديسكين، في غرفة العمليات بمقر جهاز "الشاباك" في تل ابيب، بانتظار القبض عليه.
وقالت الصحيفة: بدأت سيارة الجعبري بالاقتراب من الكمين على الشارع الذي اعتاد ان يسلكه دائماً في تحركاته، الا انه وفجأة، ولسبب غير معروف، قرر السائق السيارة التي تقل الجعبري، الاستمرار في المسير الى مكان آخر، فسادت غرفة العمليات حالة من خيبة الامل.
وأضاف الموقع "عندما بدأت السيارة بالابتعاد عن موقع الكمين، صدرت الاوامر للمجموعة بالانسحاب والعودة الى مواقعها داخل" إسرائيل"، دون ان تنجح محاولتها باختطاف المطلوب رقم 1 كما كان ينتظر كبار قادة اسرائيل في تلك الليلة".
اغتيال الجعبري شكل عامل صدمة وخوف" للاسرائيليين"، لتعلن صحيفة "هآرتس" العبرية أن اقدام الجيش" الإسرائيلي" على اغتيال قائد كتائب القسام أحمد الجعبري قد يكون خطأ استراتيجيا ارتكبه الاحتلال.
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها: "التجربة السابقة علمتنا ان اغتيال القيادات العسكرية والسياسية ليس فعالا واغتيال الجعبري قد يكون خطأ استراتيجيا".
أمّا صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فقالت إن (إسرائيل) ارتكبت خطأ إستراتيجيا غير مسؤول باتخاذها قرارا باغتيال رئيس الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحمد الجعبري.
وأضافت الصحيفة في مقال كتبه غرشون باسكن رئيس مركز" إسرائيل"-فلسطين للبحث والمعلومات، الكاتب بصحيفة جيروزاليم بوست أن "إسرائيل" باغتيالها الجعبري أنهت حياة أكثر العناصر العملية بحركة حماس وعرضت للخطر قدرة" إسرائيل" وقواها.
كانت هذه الاعترافات قبل الساعة الثامنة من ليلة الرابع عشر من نوفمبر، عندما دوت صواريخ المقاومة للمرة الأولى سماء تل ابيب المحتلة، وهي المفاجأة التي اعتبرها ايهود باراك بأنها الأخطر منذ نشأة الكيان.
صدمة إسرائيلية
وتفاجأت إسرائيل خلال 12 يومًا من مواجهة " حجارة السجيل"، بقدرة المقاومة الصاروخية على دك اعقد واعمق الأماكن" الإسرائيلية"، إذ وصلت الصواريخ الى مدينة القدس المحتلة، ومستوطنات "إسرائيلية" شمال الضفة المحتلة.
في ذلك الوقت، كانت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون تزور مصر فترة الرئيس المعتقل محمد مرسي، الذي بعث رئيس وزرائه هشام قنديل لغزة، واوفد لاحقًا معه وفدًا عربيا للاطلاع على الجريمة" الإسرائيلية "ضد غزة.
وللمرة الأولى تفرض المقاومة شروطها السياسية وهي تستند إلى عمق عربي مؤيد وداعم لمطالبها، فعقد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل رفقة الأمين العام لحركة الجهاد رمضان شلح، مؤتمرا صحفيا، يؤكد فيه تحقيق مطالب المقاومة.
وأمام الصدمتين السياسية والعسكرية، اعترف ايهود باراك، أن هذه الحرب شكلت قوة وإسنادا لحماس واعطتها زخما سياسيا وشعبيا، ورفعت من رصيدها، ولسان حاله " ليتنا لم نقدم على اغتيال الجعبري!".
واطلقت كتائب القسام لاحقًا اسم احمد الجعبري على صواريخها، لتدك عمق (تل ابيب)، الذي توعد يوما بضربا.