قائد الطوفان قائد الطوفان

المصالحة المجتمعية.. أكثر ملف مُنجز على طاولة القاهرة

غزة-محمود فودة

تطرح على طاولة المصالحة بالقاهرة ملفات متعددة، من بينها ملف المصالحة المجتمعية الذي يشكل مثالاً في الإنجاز كأحد ملفات المصالحة الفلسطينية، بفعل النشاط الذي قامت به اللجنة الوطنية المشكلة من حركة حماس وحركة فتح تيار القيادي محمد دحلان وحركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى.

وتمكنت اللجنة خلال الأشهر الماضية من إنهاء ملفات العشرات من ضحايا أحداث الانقسام، من خلال دفع التعويضات المالية لذويهم بدعم من دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية، فيما ستستكمل عملها خلال المرحلة المقبلة في قضايا الجرحى والأضرار المادية التي لحقت بالمواطنين، ووفقاً لما صرح به عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، فإن اللجنة تمكنت من حل 25% من قضايا الدم بواقع 140 حالة.

وبدأت اللجنة عملها استناداً على اتفاق القاهرة عام 2011 الذي نص في قضية المصالحة المجتمعية على حل جميع الانتهاكات التي نجمت عن الفلتان والانقسام بالطرق الشرعية والقانونية، ووضع برنامج لتعويض المتضررين من الانقسام والعنف مادياً ومعنوياً، ووضع الأسس والآليات الكفيلة بمنع تكرار الأحداث المؤسفة، وتأمين الموازنات اللازمة لدعم إنجاح مهمة اللجنة من خلال صندوق وطني يمول عربياً، والإشراف على المصالحة الاجتماعية، وتشكيل لجان فرعية في كافة المحافظات.

كما نص الاتفاق على إشراك كل من القوى السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والمستقلين، ولجان الإصلاح، في خلق بيئة المصالحة والتسامح والصفح العام، والاستماع إلى جميع ضحايا العنف الداخلي والفلتان الأمني، وتحديد الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالمتضررين وذويهم، وتحديد أسس التعويض المادي للمتضررين، والزيارات الميدانية وإجراء الإستقصاءات اللازمة.

وفي مسار عمل اللجنة وفقاً لاتفاق القاهرة فإنه يعتبر الأفراد الذين لحق بهم أذى بمختلف أنواعه أثناء مرحلة المواجهات الداخلية ضمن ضحايا العنف، وتتحمل السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية معالجة قضاياهم، بمتابعة ومشاركة من لجنة المصالحة الوطنية، وينطبق على الجرحى ما ينطبق على الضحايا.

وبناء على ذلك، فإن الذين لحق بهم أذى بمختلف أنواعه بسبب أعمال جنائية فردية، يتحمل الجاني مسؤولية ذلك وتتخذ بحقه الإجراءات القضائية الملائمة، أما الذين لحق بهم أذى بمختلف أنواعه على خلفية الصراع السياسي، يتحمل التنظيم المتسبب بالأذى مسؤوليته، دون تحميل مسؤولية للأفراد، وتجري معالجة آثار ذلك بمشاركة وطنية من الجميع، وبما يحقق العدالة للمتضررين، ولكل مواطن حق ثابت أو منقول سلب منه ويشكل ملكية له، أن يتقدم إلى لجنة الشكاوى أو المظالم لإعادة حقوقه كاملة.

وتبدي حركة حماس وكذلك تيار القيادي محمد دحلان اهتماما واسعا في تحقيق المصالحة المجتمعية في ظل إهمال السلطة وحركة فتح بقيادة محمود عباس لهذا الملف المهم، الذي بإنهائه تطوى صفحة سوداء من تاريخ الانقسام الفلسطيني.

وقال د. صلاح البردويل عضو الوفد المشارك في حوارات القاهرة المقررة في 21 نوفمبر الجاري: إن هناك مهمة ليست بالقليلة، وهي إنجاز المصالحة المجتمعية في الضفة والقطاع، وإشاعة الحريات العامة ومنع الاعتقالات السياسية ورد الحقوق إلى أصحابها"، مؤكدا أن ذلك يحتاج إلى إنجاز كبير جدا.

وتابع البردويل في لقاء سياسي قبل يومين: "نحن بصدد إنهاء كل المآسي القائمة على الأرض وتدشين وحدة وطنية قادرة على مواجهة الاحتلال وإجراءاته".

كما أكد النائب أشرف جمعة عضو اللجنة القائمة على إنجاز ملف المصالحة المجتمعية على أنه لا رجعة في ملفها، وأن القرار المتخذ من قبل الأطراف المشاركة في اللجنة يقضي بإنهاء كل قضايا الدم والأضرار التي لحقت بالمواطنين خلال فترة الأحداث عام 2007.

ويكمن القلق من موقف حركة فتح بقيادة محمود عباس من عمل لجنة المصالحة المجتمعية، في ظل أنه حاول سابقا التخريب على عملها، في ظل الخلاف القائم بينه وبين القيادي في الحركة محمد دحلان، حيث استطاع الأخير توفير التمويل اللازم لحل قضايا المصالحة المجتمعية بحكم علاقاته الجيدة مع الامارات ومصر.

وتبقى السيناريوهات مفتوحة في ملف المصالحة المجتمعية، ففي حال لم تقبل حركة فتح بقيادة أبو مازن العمل تحت مظلة اللجنة القائمة حاليا والتي أنجزت عشرات القضايا في غضون أشهر ولاقت ترحيبا فصائليا وشعبيا واسعا، فإن الحديث قد يتجه لتشكيل لجنة جديدة يحاول عباس من خلالها إخراج تيار دحلان منها، إلا أن المعضلة التي ستواجه الجميع في هذه اللحظة تتمثل بمصير القضايا التي أنجزت، وكيفية الحصول على التمويل في حال الإشارة إلى أن ميزانية عمل اللجنة تبلغ 50 مليون دولار أمريكي على الأقل.

وفي نهاية المطاف، يبقى ملف المصالحة المجتمعية أفضل حالا من بقية الملفات من ناحية الإنجاز وتحقيق الأهداف المرجوة منه في اتفاق القاهرة 2011، في ظل عدم الإنجاز في ملف منظمة التحرير، والملف الأمني، والبرنامج السياسي الوطني طيلة السنوات الماضية.

 

البث المباشر