قائمة الموقع

رسالة تفجير سيناء.. العنف للجميع والغاية تبرر الوسيلة

2017-11-28T09:18:24+02:00
مسجد الروضة
الرسالة نت- محمد بلّور

العنف الذي اقتحم سيناء المصرية قبل أيام دمّر طبقات التوقع لدى المحللين والخبراء في حادثة لم يجابهوها بالتفصيل والشرح مطلقاً إلا في عملية (باروخ غولدشتاين) الذي استهدف المصلين في الحرم الإبراهيمي بالخليل.

وكانت مجموعة إرهابية قدّرت مصادر محلية وأمنية عددها (25-30) مسلحًا شنت هجوماً على مسجد الروضة ببلدة بئر العبد في صلاة الجمعة؛ ما أدى لاستشهاد أكثر من (300) وإصابة المئات من المصريين.

الذخيرة التي اخترقت أجساد المصلين في مسجد الروضة عام (2017) تذكرنا بتلك التي شقت طريقها من مستوطنة (كريات 4) نحو أهل الفجر في الحرم الإبراهيمي عام (1994) فهما من مستودع أسلحة واحد تحت إمرة (إسرائيل).

إبادة جماعية

في دكاكين القرية لا تكد تجد قطعة قماش بيضاء واحدة فسقوط المئات من الضحايا والمصابين لم يترك كفناً ولا ضمادة جراح بعد هجوم أباد أكثر من ثلث سكان المنطقة البالغ عددهم قرابة (800) نسمة.

وأفادت مصادر رسمية مصرية عقب الهجوم بإطلاق عملية عسكرية وأمنية واسعة في وسط وشمال سيناء بعد مجزرة مسجد لجماعة صوفية غرب مدينة العريش (شمالي سيناء) يوم الجمعة؛ وقالت النيابة العامة إنه قتل (305) ضحية من بينهم (27) طفلاً و(128) مصاباً.

ويؤكد اللواء واصف عريقات الخبير العسكري أن المجموعة الإرهابية التي نفذت الهجوم خططت لعملية غدر وانتقام مستغلة ظروف انتشار الجيش المصري في سيناء، بعد أن درست مسرح العملية وتأكدت من خلوها من تواجد الجيش.

ويضيف:" ما جرى يؤكد أن لهم عيون في المنطقة جمعت معلومات دقيقة قبل التنفيذ، وقد اختاروا هدف مدني هو مسجد لأناس مسالمين وكان الهدف غير متوقع".

وذكرت مصادر أمنية مصرية أن مسلحين فجروا عبوة ناسفة خارج المسجد خلال صلاة الجمعة، ثم فتحوا النار من أسلحة آلية وقذائف صاروخية على المصلين الذين أصيبوا بذعر وكانوا يحاولون الفرار، إلا أن المهاجمين أضرموا النار في سيارات متوقفة في المكان بهدف قطع الطريق.

ويظهر من تكتيك العملية أنها جهزت على مستوى عالٍ باختيار زمان ومكان في منطقة كان للتنظيم المتطرف تواجد مسبق فيها، وقد خطط المهاجمون للفرار بسلام وهذا ما يتضح من عملية إطلاق النار على سيارات المصلين أمام المسجد خلال الهجوم.

ويقول د. خالد صافي المختص في شئون الجماعات الإسلامية أن عملية سيناء الأخيرة نوعية لأن سابقاتها ركزت على استهداف ضباط جيش ومخابرات، أما الهجوم الأخير استهداف مواطنيها، وتابع "استهداف المسجد هو رسالة قوية من الإرهاب على الوجود المصري في سيناء في حرب خياراتها كافة مفتوحة تركز على ضرب هيبة مصر".

نيران فوق الرمال

فوق رمال سيناء يوزع الإرهاب تجارة الموت بين الأرجاء وقد انتقل من مربع استهداف مؤسسات ورجال الأمن المصري إلى الضرب في الاتجاهات المدنية كافة. ويرى الخبير عريقات أن هجوم المسجد في سيناء كان الأشد والأكثر إجراماً في السنوات الماضية وتاريخ عمليات التنظيمات المتطرفة المعاصرة، وهو يعيد الذكرى لعملية المتطرف اليهودي (جولدشتاين) عام (1994).

ويقول: "إن تكتيك العملية أراد تحقيق عامل الرعب لدى المصلين وربما محاولة استقطاب الجيش المصري لتحقيق مزيد من الضربات لاحقًا حتى يغير الجيش من إستراتيجية انتشاره وبعدها يستهدفونه".

ويتبع المسجد الذي تعرض للهجوم بمنطقة الروضة في سيناء لإحدى الطرق الصوفية، وهي الطريقة الجريرية، والتي يشن التنظيم المتشدد الذي يحمل اسم "ولاية سيناء" حملة عليها وقد خطف في نوفمبر (2016) أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو سليمان أبو حراز البالغ من العمر 98 عامًا وقتله.

المستفيد الأكبر حسب رؤية د. محمود العجرمي الخبير الأمني هو (إسرائيل) ومن بعده التنظيمات الإرهابية كافة لأن ذلك يخفّض من دور مصر العربي والإقليمي، ويضيف: "إسرائيل تستفيد أمنياً من هذه العمليات حين تشتعل حرب أهلية بين القبائل في سيناء بدل من أن تتوحّد الجهود لبنائها"، وهو ما يثير الفوضى خلف السلك الشائك لـ(إسرائيل).

ويشير المحلل صافي أن الإرهاب يخاطب أهل سيناء قائلاً: "إن أي شخص يناصر الدولة سيكون مستهدفًا، وأنه هو من يبسط الأمن ويقرر ولا حماية لمؤسسات الحكومة وعلى الشعب إما الوقوف مع الإرهاب أو مغادرة سيناء".

ويتابع:"مثل هذه الدموية عاشها العراق قبل سنوات ولكن البعد كان غالباً طائفياً حين استهدفت المقامات لكن سيناء الصراع بعده سياسي والخطير هو محاولة تفريغ سيناء وضرب البنية السكانية".

الجار المتضرر

ولا تزال غزة الخاسر الأكبر من اضطراب الأمن في سيناء مع وقوع عمليات شديدة الإرهاب، لكن الخبير عريقات يؤكد على أنه من الصعب التكهّن بالقادم من عقلية الإرهاب لأنه لا يفهم سوى لغة القتل ما يفتح الباب أمام كافة الاحتمالات من جهة الجنوب.

ويقول د. العجرمي الخبير الأمني إن الحل لضبط الأمن على الحدود وفي كامل سيناء يكون بعودة سيناء لسابق عهدها بأن تكون جزءًا من الدولة المصرية ويعيش أهلها كبقية أهل مصر.

ويتابع:"مطلوب زيادة اعتناء الحكومة بها حتى لا تجد الجماعات الإرهابية فرصة لتغطية إجرامها تحت دعاوى الإهمال والتقصير من السلطات المركزية، البعض يحاول زج غزة في المشكلة".

جغرافيا المكان صنعت منذ قديم الزمان تاريخاً بأهداف مشتركة بين سيناء وغزة والحديث عن ارتباط فلسطيني بملفات إرهاب سيناء يقرأه الخبير العجرمي بمحاولة لمواصلة الحصار وتعكير أجواء المصالحة الفلسطينية.

ولا تقف (إسرائيل) بعيداً عن المشهد، فمن سيّر طائرات بدون طيّار وشن هجمات على أهداف في سيناء، ودعم الفوضى وأنواع التجارة المحرمة بأنواعها من مصلحته تحقيق قاعدة (فرّق تسد).

اخبار ذات صلة