أقر مجلس النواب الأمريكي، نهاية الأسبوع الماضي، مشروع قانون ينص على خفض شديد لمساعدات قدرها 300 مليون دولار تقدمها الولايات المتحدة سنوياً للسلطة الفلسطينية.
وفي حال تطبيق القرار الذي ينتظر موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي –وهو المتوقع-، فإن السلطة تقف أمام معضلة جديدة تتمثل في تفاقم العجز في ميزانيتها وتحدٍ يظهر في كيفية البحث عن طرق أخرى للتمويل في ظل الأزمات المالية التي يمر بها الإقليم.
الإدارة الأمريكية بحثت تخفيض المساعدات بحجة أن جزءًا من الأموال يدفع رواتب للشهداء والأسرى المشاركين في عمليات ضد الاحتلال (الإسرائيلي).
وتشترط أمريكا للتراجع عن مشروع القانون، اتخاذ السلطة قرارًا يوقف دفع رواتب للشهداء والأسرى، فكيف ستتعامل السلطة مع هذا الأمر؟
تراجع الدعم الأمريكي
بالعودة للبيانات المالية الخاصة بــميزانية السلطة، فإن الدعم الأمريكي للموازنة الفلسطينية في تراجع مستمر منذ توجه الرئيس محمود عباس إلى الأمم المتحدة والحصول على عضوية بصفة مراقب.
وبلغ الدعم الأمريكي لميزانية السلطة حتى عام 2013، 320 مليون دولار، قبل أن تبدأ رحلة الهبوط إلى ما دون الـ300 مليون.
وكشف تقرير الميزانية الصادر عن وزارة المالية حديثًا، أن الولايات المتحدة لم تقدم دولارًا واحدًا للموازنة الفلسطينية منذ فبراير/ شباط الماضي.
ووفق البيانات، فإن الولايات المتحدة قدمت دعمًا خلال أول شهرين من العام الجاري، بقيمة إجمالية بلغت 265.6 مليون شيكل.
ويطلب نص مشروع القانون الجديد، من وزارة الخارجية وقف مساعدات أمريكية للفلسطينيين، إلى حين تأكيد وزير الخارجية أن السلطة "أوقفت دفعات مالية" تعطيها لفلسطينيين سجنوا بعد محاكمة أو لعائلاتهم.
تنازلات لحل المشكلة
ويتوقع مراقبون أن تواصل السلطة تقديم الأموال التي يعتبرونها شكلا من أشكال الدعم لأقارب من سجنتهم (إسرائيل) لقتالهم ضد الاحتلال أو من استشهدوا، منوهين إلى ضرورة أن تخرج السلطة من الحرج بتقديم تنازلات جديدة تؤدي لمنع تمرير القانون دون تخفيض المساعدات ومنعها عن الشهداء والأسرى.
وفي السياق، يرى المحاضر في جامعة النجاح الدكتور نائل موسى، أن أي انخفاض على المساعدات التي تتلقاها السلطة من الخارج سيؤدي إلى خلل في الميزانية التي تعاني من عجز بالأساس.
ويبقى السؤال وفق موسى، عن حجم الخفض وهل سيكون كبيرًا بما يخلق أزمة أم قليلًا بما تستطيع السلطة تجاوزه بالاقتراض أو غيره.
ولا شك أن أي خفض يؤثر بشكل واضح على السلطة، التي تعاني من حجم قروض تتزايد باستمرار واقترابها من الحد الأعلى للاقتراض من مؤسسات القطاع الخاص.
وتعتمد السلطة على ثلاثة مصادر رئيسة للحصول على ايراداتها: أولها الضرائب المحلية بأنواعها المختلفة (وتشمل بالأساس ضريبة الدخل، ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الملكية)، وتشكل حوالي 30% من الإيرادات الكلية للسلطة.
في حين أن المصدر الثاني إيرادات المقاصة، وهي الضرائب على الواردات السلعية، والتي تُحوّلها (إسرائيل) شهريًا للسلطة وفقًا لبروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بينهما سنة 1994، وتشكل حصيلتها النقدية حوالي 70% من الإيرادات الكلية للسلطة.
ويبقى المصدر الأخير هو المساعدات المالية الخارجية التي تعتمد عليها السلطة بشكل كلي لتمويل العجز في موازنتها العامة.
وفي حالة تأخر وصول المساعدات، أو انخفاض قيمتها عن المستوى المطلوب، تلجأ السلطة إلى الاستدانة من البنوك المحلية، وتُؤجّل دفع ما عليها من مستحقات مالية للقطاع الخاص المحلي ولصندوق التقاعد والمعاشات الحكومي.
وتعاني السلطة من ديون تبلغ 4.8 مليار دولار، موزعه كالتالي: 1.2 مليار للبنوك، 1.6 مليار مستحقات لصندوق التقاعد، 500 مليون للقطاع الخاص، ديون خارجية تتجاوز المليار.