قائمة الموقع

كيف ستواجه (إسرائيل) "نمر الضفة" ؟

2013-03-02T14:26:48+02:00
مواجهات بين شبان والاحتلال في الضفة (الأرشيف)
غزة - شيماء مرزوق

"أعيدوا إلينا الهدوء وامنعوا الانتفاضة".. أصوات مرتعدة باتت تتعالى في الكيان (الإسرائيلي) عقب الاحتجاجات والاشتباكات التي اجتاحت مدن الضفة المحتلة نتيجة لاستشهاد الأسير الفلسطيني عرفات جرادات.

ورأى عدد من القيادات الأمنية (الإسرائيلية) في استشهاد جرادات شرارة قد تشعل فتيل الانتفاضة الثالثة خاصة بعد ما أثارته هذه الحادثة من غضب داخل السجون وخارجها.

ووفق "هآرتس" فإن الفلسطينيين و(الإسرائيليين) أصبحوا في نقطة هي الأقرب للمواجهة منذ سنوات، "فهذه المرة الأولى منذ عام 2007 التي ترغب فيها السلطة الفلسطينية أيضا بإشعال الأوضاع".

هذه التصريحات تعكس بوضوح جدية المخاوف (الإسرائيلية) من إمكانية ثوران البركان الضفي الخامد في وجوههم, فـ(إسرائيل) التي تتحسب لمواجهة انتفاضة ثالثة تجد نفسها أمام خيارات صعبة في كيفية مواجهة "النمر الثائر"!.

خيارات مربكة

الانتفاضة لا تأتي بقرار من أي مسؤول بل هي جمرة تشتعل دون سابق إنذار, لذلك فإن المؤسسة الأمنية والجيش (الإسرائيلي) المسؤول الأول عن ضبط الأوضاع تلقيا تعليمات واضحة بالاستعداد لإمكانية اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة.

وأكد الخبير في الشأن (الإسرائيلي) مأمون أبو عامر في هذا السياق أن الخيارات (الإسرائيلية) في مواجهة الانتفاضة ستكون محدودة وصعبة للغاية، "لأنها في حال اندلاعها ستكون أكثر اتساعا وعمقا ونوعية", موضحا أن التجربة أثبتت أن الفلسطينيين يحدثون تطورات نوعية في كل انتفاضة, "فالأولى كانت شعبية والثانية اتسمت بالعمل المسلح والعسكري, ولا أحد يعرف طبيعة الانتفاضة الثالثة".

وبين أبو عامر أن القدرة العسكرية للاحتلال ستكون محدودة خلال الانتفاضة، "فهو لن يستطيع أن يتوغل ويمعن في القصف والقتل كما يفعل مع دول الجوار", لافتا إلى أن التعامل مع الشأن الفلسطيني سيكون مختلف تماما، "لأن الأوضاع الفلسطينية مربكة بطبيعتها للجانب (الإسرائيلي) أكانت شعبية أم عسكرية".

ونوه إلى أن الخطورة تكمن في قرب الضفة من المدن (الإسرائيلية)، "وانتقال السلاح الثقيل والصواريخ إليها سيكون عاملا حاسما", موضحا أن كل أجهزة الاستشعار والقبة الحديدية لن تستطيع مواجهة هذه الصواريخ.

المحلل السياسي سمير عوض أكد بدوره أن الانتفاضة المقبلة ستأخذ طابعا شعبيا وسلميا, لافتًا إلى أن الظروف التي تشهدها مدن الضفة في ظل الممارسات الوحشية التي يتبعها الاحتلال ناضجة لانطلاق انتفاضة ثالثة، "لكن هناك عقبات قد تعوق بدئها في الوقت الحالي أهمها الانقسام الفلسطيني الذي يؤثر على جاهزية الجمهور الفلسطيني ورغبته وانخراطه كله في الانتفاضة".

وأوضح عوض أن مرجعيات الانتفاضة هي التي ستخطط وستفكر، "وستحدد كيفية الرد على الهجمات (الإسرائيلية)"، لافتا إلى أن المواجهات التي تشهدها الضفة هي مظاهرات فرضتها استشهاد الأسير جرادات.

حلول عقلانية

وتزامنا مع تحركات الجيش (الإسرائيلي) بدأ إعلام الاحتلال تناول الانتفاضة الثالثة وإمكانية اندلاعها وطريقة تعامل (إسرائيل) معها, وهنا أشار أبو عامر إلى أن السلاح الإعلامي سيكون حاسما في هذه المرحلة، "لأنه سيغطي كل حدث، وستكون المعركة الإعلامية صعبة للغاية خاصة أن الاحتلال يعتمد على الدعاية لتمرير جرائمه".

وتؤكد مصادر (إسرائيلية) أن حكومتها لم تتأخر في الأخذ بتوصيات المؤسسة الأمنية وقيادة الجيش (الإسرائيلي), "لذا جاء قرار نتنياهو بالإسراع في تحويل أموال الضرائب إلى السلطة في رام الله".

وأوصلت (إسرائيل) بالتوازي مع ذلك رسالة واضحة إلى السلطة بواسطة مبعوث نتنياهو (يتسحاق مولخو) مفادها أن عليها ضبط الوضع الميداني في الضفة مع إطلاق وعود بأن (إسرائيل) بصدد تقديم "بوادر حسن نية" اتجاه السلطة.

وشدد أبو عامر في هذا الجانب على أن القيادة الأمنية أكثر إدراكا للواقع من القيادة السياسية في (إسرائيل)، "خاصة على صعيد التعاون الأمني مع الأجهزة الفلسطينية وأهمية دور الأخيرة في ضبط الوضع, لذلك فهي تحاول إقناع الجانب السياسي بتخفيف الضغط عن السلطة".

وذكر أن جزءا من العمل الأمني مرتبط بالسلطة التي تساهم في منع تطور الوضع من حالة شعبية إلى عسكرية, "لذلك يحاول قادة الأمن في (إسرائيل) إيجاد خطوط تعاون مشتركة باستمرار مع السلطة", قائلا: "مهما ضغطت (إسرائيل) على السلطة فإنها مضطرة في النهاية إلى التعاون معها وتخفيف الضغط حتى لا ينهار الطرف الفلسطيني الرسمي".

وتابع قائلا: "الاحتلال سينتهج العنف والقمع بدلا من الحلول العقلانية لمواجهة أي انتفاضة في الضفة، وهذا سيزيد الأزمة ويضاعف الضغط على الاحتلال ويدهور صورته أمام العالم".

واعتبر الخبير في الشأن (الإسرائيلي) أن (إسرائيل) أمام خياران أحلاهما مر، "الأول محاولة تخفيف الاحتقان بتقديم بوادر حسن نية مثل إطلاق سراح أسرى وإزالة الحواجز، وهذا ما سيؤدي إلى امتصاص غضب الشارع الفلسطيني لكنه في المقابل سيسهل حركة المقاومة ونقل الأسلحة, والثاني هو زيادة الضغط الذي سيسرع الانفجار المقبل في وجه الاحتلال (...) في كل الأحوال (إسرائيل) ستبقى أمام أزمة حقيقية".

عوض بين من ناحيته أن الفلسطينيين أمام مفترق طرق كبير، "كما إن الاحتلال أيضا يقف عاجزا أمام الأوضاع التي تتدهور يوميا", قائلا: "هناك تضارب بين المستوى الأمني الذي يشجع تخفيف الضغط على سكان الضفة والمستوى السياسي الذي يغلق كل منافذ الحياة الطبيعية أمام الفلسطينيين".

وأشار المحلل إلى أن الاحتلال سيزيد عنفه اتجاه الفلسطينيين في محاولة منه لقمع أي تحرك شعبي, مستبعدا أن تتحول الأوضاع إلى انتفاضة مسلحة، "لأن التجربة ليست مشجعة لانتفاضة سلاح خاصة أن السلاح غير متوافر حاليا في الضفة، كما لم يطرح أي تنظيم فلسطيني خلال هذه المدة فكرة اللجوء إلى العمل المسلح".

ويبدو أن القيادة الأمنية والعسكرية (الإسرائيلية) أكثر وعيا وإدراكا من نظيرتها السياسية، لذلك فقد أوصت وفق التلفزيون (الإسرائيلي) بعدة خطوات لمنع اندلاع الانتفاضة تتمثل في رفع الحواجز وتخفيف الضغط على السكان في مدن الضفة, "ومنع الاحتكاك وتخفيف اصطدام المدنيين بالجنود (الإسرائيليين) إلى جانب منع استخدام الرصاص الحي حتى لا يسقط شهداء والاكتفاء بالغاز والرصاص المطاطي".

كما أوصت بالاعتماد على قوات تفريق الشغب المدربة وليس الجيش والجنود الذين ينفعلون ويطلقون النار ضد المتظاهرين, "وإعادة الأموال المحتجزة في (إسرائيل)، وتسهيل حصول موظفي السلطة على الرواتب قبل موعدها".

وطالبت أيضا بمنع اعتداءات المستوطنين مثلما يحصل في بلدة قصرة وغيرها من البلدات التي شهدت اعتداءات, "وتحريك الملف السياسي والطلب من الرئيس أوباما تقديم أي شيء للقيادة الفلسطينية".

اخبار ذات صلة