قائمة الموقع

السبعينية "أم حاتم".. تبيع الجبن وتجذب زبائنها بأهازيج شعبية

2017-12-18T07:58:06+02:00
صورة أرشيفية
الرسالة نت- ياسمين عنبر

"الجبنة البلدية بتخلي العجوز صبية" إذا كنت من الزائرين الدائمين للسوق الشعبي "الزاوية" وسط غزة، فلن يكون غريبًا أن تسمع هذه العبارة تلحنها عجوز سبعينية على مسامع المارين، وهي تضع أمامها إناء بلاستيكيًا يمتلئ بالجبن.

على أحد أرصفة السوق، جلست "الرسالة" مع السبعينية (أم حاتم) مرتدية الثوب الفلسطيني القديم، تقلب الجبنة في الاناء الكبير أثناء حديثها، والابتسامة ما فارقت وجهها، وهي تغني للمارة مظهرة فوائد الجبنة البلدية عبر أهازيج شعبية.

فجر كل يوم تكون (أم حاتم) على موعد مع حلب بقراتها، لتصنع الجبنة البلدية ومشتقاتها من اللبنية والجبجب وغيرها، تقول السبعينية: "أقضي أوقاتا سعيدة وأنا أصنع الجبن لأسرح به كل يوم إلى السوق، فهي مصدر رزق لي منذ أربعين عامًا".

عادت الحاجة "أم حاتم" بذاكرتها إلى أكثر من خمسين عامًا، حين كانت فتاة في العاشرة من عمرها، تشارك والديها حلب البقر، وتصفية الحليب ورص الجبن على الحصير، لتجور عليها الحياة، ويتوفى زوجها، تحكي: "بيع الجبنة بالنسبة لي طوق نجاة، فأنا مسؤولة عن تسعة من الأبناء بعد وفاة زوجي".

"الزيت والزيتون والفلفل الأحمر وهي اللبنية" تنجذب فتاة عشرينية لصوت الحاجة (أم حاتم)، توقفها الأهازيج الملحنة فتعزم على الشراء منها، وهي تحكي لها: "يااااااه..رجعتيني لأيام ستي وحلب البقر، كان زمن جميل".

راحت الحاجة تحكي رحلتها اليومية في صناعة الجبنة، حين سألتها "الرسالة" عن سبب الخطوط التي تظهر على قطع الجبن مربعة الشكل، تقول: "أجمع الحليب بعد حلب البقرات وأصفيه وأضعه في شاشة صغيرة، ثم أضع نقط التجبين ثم أصفها على الحصير التي تظهر الخطوط عليها، وبعد أن تجمد أبدأ بتقطيعها".

تضحك السبعينية حين تروي الحكاية الشعبية "جبينة" التي كانت تسمعها من جدها وأبيها، ومن ثم أصبحت ترويها لأحفادها، حيث كانت هناك امرأة تبيع الجبن، وكلما قطعت أقراص الجبنة البلدية دعت أن ترزق بطفلة جميلة ذات بشرة بيضاء، فرزقت بعد فترة بفتاة جميلة أسمتها "جبينة".

قاطع حديثنا طفل صغير بعمر الثامنة وقف ينصت إلى حكايات الحاجة "أم حاتم" بعد أن ركن "صحارة النعنع" الذي يبيعه في السوق، حيث شاركنا الحديث بقوله: "هادي الحجة فاطمة كل غزة بتعرفها وأنا صغير كنت أشوفها وجبنتها ولا حد ببيع زيها".

بجانب إناء الجبن، وضعت الحاجة "أم حاتم" صحارة تمتلئ بالخبيزة، وكلما مرت واحدة من النسوة في السوق راحت تنادي بلهجتها الفلاحية: "خبيزة بعروقها حلف الشايب ما يذوقها وإذا ذاقها والله ما أذوقها".

بسعادة كبيرة تحدث السبعينية "الرسالة" عن مشاركتها للنابلسيين من الأسرى المبعدين إلى غزة في صفقة وفاء الأحرار مناسباتهم، حيث يشترون منها الجبنة البلدية وأنواعًا أخرى كثيرة، ليصنعوا حلويات نابلسية في المناسبات كما اعتادوا، وهم يخبرونها أنها تذكرهم بحاجة كبيرة في السن كانت تجلس على أحد الأرصفة في سوق البلدة القديمة النابلسية.

ليس النابلسيون فقط كما تحكي، فللسوريين معها حكاية أخرى، حيث يأتون إلى السوق خصيصًا لشراء الجبن وصناعة الحلويات السورية التي كانت حاضرة في أفراحهم في القرى والمخيمات قبل هجرتهم إلى غزة بسبب الثورة السورية، تقول: "أشعر بسعادة كبيرة حين يأتون إلي ويجلبون لي حلويات من صنع أيديهم استخدموا فيها الأجبان التي اشتروها مني".

اخبار ذات صلة